فلسطين أون لاين

#رسالة_قرآنية_من_محرقة_غزة

﴿*يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ﴾* – التوبة: 47

يجلجل طوفان التحرير كالصواعق في ليل أمتنا المثقل بالخنوع، فيشق عتمة الذل ويكشف الزيف عن وجوهٍ كالحاتٍ بالخذلان، وألسنة اعتادت نفث سم الإرجاف والبهتان. في ساحات الدم والدمع، تتبعثر أوراق المرتجفين، وتسقط أقنعة المنافقين المتعلقين بأستار الوهم، الحائرين بين نار الخوف وسيف الفقر، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

لكن للحق رجالٌ، إذا اشتدّ البلاء ازدادوا ثباتًا، كأنهم الجبال، يؤمنون أن النصر وعد الله، وأن السقوط حتمي لمن راهن على غير شعبه، مهما طال الأمد: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: 139).

لقد أظهر طوفان الأقصى فئةً من الناس تنقل الأخبار وتشيع الإشاعات دون تثبّت، وقد نهى الله عن هذا بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ (الحجرات: 6).

ومنهم من يفعل ذلك قصدًا لبثّ الفتنة، متخذًا من الفضاء الرقمي ساحة للإرجاف وزرع الشك في عزائم الناس.

تستهدف هذه الإشاعات كسر الروح المعنوية للمجتمع، والطعن في رموزه، وخلق فجوة بين الشعب والمقاومة. وهي خطة قديمة متجددة اتبعها المنافقون مع النبي ﷺ، وتُكرر اليوم بأدوات الإعلام وذباب الاحتلال. ويعلمنا القرآن أن الاغتيال المعنوي من أسلحة العدو: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا﴾ (المنافقون: 7).

فما أشبه الليلة بالبارحة! يطعنون في القادة والمجاهدين، يتهمون أبناءهم بالفرار، بينما الشواهد لا تُعد: قادة وأبناؤهم يرتقون شهداء، والبطولة تسيل من دمائهم.

أما الفريق المتردد، فهو ذاك المذَبذَب، لا يؤمن بقيادته، ولا ينخرط في معركة شعبه، بل يعيش أزمة خيار، مأزقًا بين تنسيق مذلّ لا يؤمن به، ومقاومة لا يجرؤ على تبنيها: ﴿مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ﴾ (النساء: 143).

وقد آن لهذا الفريق أن يُراجع نفسه، وأن يتطهر من العجز والخوف، قبل أن تسقط شمسه نهائيًّا.

وعلى الرغم من نيران الإبادة التي تصبها حكومة نتنياهو المتطرفة على غزة، فإن مشهد المقاومة اليوم يُعلن انهيار وهم "السلام"، ويفضح المراهنين عليه. لم يعد من سبيل سوى طريق العزة، والاعتماد على الشعب، لا على وهم الرعاة الدوليين.

وفي خضم هذا الزخم، تبرز عظمة قول الله لنبيه ﷺ: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ (الحجر: 97)،

وهو الذي لم يسلم من الإشاعة والطعن، حتى في أهل بيته، فبرّأه الله بوحي من فوق سبع سماوات.

ولذلك كان نهج النبي ﷺ الصراحة، كما في حادثة صفية، حين قال: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي". فالوضوح مع الأمة خير سلاح ضد حملات التشويه، والصدق بوابة الثقة الشعبية.

واليوم، مع طوفان تحرير فلسطين، تقترب لحظة الحسم. يومٌ تتهشّم فيه أوهام الاحتلال، وتتكسر فيه أدوات الدعاية السوداء، وتنتصر فيه يد الكف على سيف الإبادة.

وسيأتي زمن الإعمار، لا بقرارات المانحين المتحكمين، بل بيد من دافع وقدم الدم والروح، مهما زمجر المرجفون: ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا﴾ (المنافقون: 7).

فلا تحزن يا ابن المقاومة، إن تكالب عليك المرجفون، فطوفان الحق قد بدأ، والعاقبة للثابتين: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾.

المصدر / فلسطين أون لاين