أقدمت فرنسا على إغلاق أربعة أجنحة لشركات إسرائيلية مشاركة في معرض باريس للطيران، بسبب عرضها "أسلحة هجومية"، ما أثار غضبًا إسرائيليًا واتهامات باستخدام المعايير الأمنية لأهداف سياسية وتجارية.
أكدت وكالة "رويترز" أن السلطات الفرنسية أمرت بإغلاق أربعة من أجنحة شركات السلاح الإسرائيلية في المعرض، بعد إخفاقها في الالتزام بتوجيهات أمنية فرنسية تنص على إزالة الأسلحة الحركية أو الهجومية من العرض. ورغم تأكيد المتحدث باسم شركة "جيفاس" المنظمة للمعرض إغلاق بعض الأجنحة، فقد رفض تقديم أي تفاصيل إضافية.
في المقابل، بقيت ثلاثة أجنحة إسرائيلية صغيرة مفتوحة للزوار، إضافة إلى جناح وزارة الدفاع الإسرائيلية.
ووصفت وزارة الحرب الإسرائيلية القرار بأنه "فضيحة غير مسبوقة"، ورفضت إزالة أنظمة الأسلحة من الأجنحة، مشيرةً إلى أن منظّمي المعرض نصبوا جدارًا أسود عازلًا خلال الليل للفصل بين الأجنحة الإسرائيلية وسائر الأجنحة المشاركة.
وفي بيان شديد اللهجة، رأت الوزارة أن القرار يعكس "اعتبارات سياسية وتجارية موجهة"، متهمة الجانب الفرنسي بإقصاء الصناعات الدفاعية الإسرائيلية لأسباب تتعلق بالمنافسة مع الصناعات الفرنسية، وقالت إن "الفرنسيين يتذرّعون باعتبارات سياسية لاستبعاد الأسلحة الهجومية الإسرائيلية من معرض دولي".
ويعد معرض لوبورجيه (معرض باريس) للطيران، أقدم وأكبر ملتقى في مجال الطيران بالعالم قرب باريس، مع تركيزه بشكل كبير على مجالي الفضاء والدفاع.
ورغم تقليص حضورها بشكل كبير، تبقى مشاركة إسرائيل التي تُعد من أبرز الدول الرائدة في القدرات العسكرية المتطورة في مجال الفضاء والطيران، مصدر توتر.
وردّت محكمة بوبيني الفرنسية الأسبوع الماضي طلبا تقدّمت به جمعيات دعت إلى استبعاد شركات إسرائيلية من المعرض التجاري في نسخته الـ55 على اعتبار أنها تشارك في "ارتكاب جرائم دولية واسعة النطاق" في غزة عبر توريد معدات حربية.
تصاعد التوتر بين باريس وتل أبيب
لا يمكن فصل هذه الحادثة عن السياق السياسي المتوتر بين فرنسا وإسرائيل في الأشهر الأخيرة، إذ بات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر انتقادًا للحرب الإسرائيلية على غزة، فيما أكّد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو تمسّك بلاده بالاعتراف بدولة فلسطينية، مشددًا على أن هذا الاعتراف لن يتم بشكل أحادي، بل ضمن جهد دولي مشترك يشمل السلطة الفلسطينية والدول العربية.
وأشار بارو سابقًا إلى أن الهدف هو تشكيل تحالف دولي داعم لهذا التوجه، كما دان ما وصفه بـ"النظام المُعسكر" الذي فرضته إسرائيل على توزيع المساعدات الإنسانية في غزة منذ مطلع آذار/ مارس، معتبرًا أن نتائجه كانت مأساوية، في ظل حوادث دامية واتهامات فلسطينية للجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على مدنيين.
وفي تطور لافت، فتحت النيابة العامة الوطنية الفرنسية تحقيقًا في قضايا تتعلق بمكافحة الإرهاب، بشأن شبهات تورط فرنسيين-إسرائيليين في عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال الفترة بين كانون الثاني/ يناير وأيار/ مايو 2024.
كما لم يتردد ماكرون في إعلان نية بلاده اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه إسرائيل، في حال استمر تعطيل دخول المساعدات إلى غزة، مؤكدًا أن الاعتراف بدولة فلسطينية يمثل ضرورة سياسية وأخلاقية للحفاظ على حل الدولتين.
وقد أثارت هذه التصريحات غضبًا في تل أبيب، التي وصفتها بأنها "حرب دبلوماسية" تشنها فرنسا ضدها.

