{*سَحَروا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}* (الأعراف: 116)
محرقة غزة نكبة جديدة لشعب عاش النكبة والتهجير منذ 76 سنة عجاف. وقبلها كان احتلال إنجليزي مهّد للنكبة، واليوم هناك رعاية أمريكية للمحتل ونكبة مكررة. فمنذ قرنٍ ويزيد، يعيش شعب فلسطين تحت احتلال ويقاوم؛ وهذا أصل الحكاية.
تريد عصابات الإبادة أن تبدأ الحكاية منذ 7 أكتوبر المجيد، الذي هو محطة مقاومة للمحتل كما محطات كثيرة سابقة، وإن كان أكثر إيلامًا لعصابات سرقت أرضنا وقتلت شعبنا. فخرجت أبواق الكذب والدجل إلى العالم في موجة بكاء هستيرية، مستحضرة سردية محرقة يهود أوروبا، والتي لا علاقة لنا بها. زعموا أن هذا الشعب الفلسطيني المسكين، المحاصر، الموجوع، المجوّع، والمقتول من الوريد إلى الوريد، وغزة المصلوبة كالمسيح عيسى عليه السلام، تعادي السامية، مكررين تلك المعزوفة الممجوجة.
زعموا أن دمنا الذي ينزف من سيفهم يزعجهم، وأن لحم أطفالنا ونسائنا المقطّع في الطرقات وتحت ركام بيوتهم ومراكز نزوحهم يؤذي عيونهم. وأن جسدنا المصلوب يؤلم أيديهم من شدّة ما ضربوه حتى الموت، جهرًا ونهارًا وعبر البثّ المباشر.
بعد وقت وجيز من 7 أكتوبر، حاول السحرة تمرير روايتهم وسرديتهم القائمة على الدجل، زاعمين أن النكبة تخصهم وبدأت فقط منذ ذلك اليوم، وليس من 14 مايو 1948. ولكن العالم بأسره عرف، لفداحة ما شاهد من جرائم إبادة نازية، بسقوطهم الأخلاقي والإنساني. فقامت جنوب أفريقيا، من أقصى الأرض، بمقاضاتهم في محكمة العدل الدولية. وكذلك فعلت المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن سقطت سردية السحرة إيذانًا بهزيمتهم في معركة الشرعية.
سحرة الصهيونية يعتمدون التضليل الإعلامي، عبر سيطرة ممتدة لعقود طويلة على مؤسسات الإعلام الدولية، وامتدادها اليوم للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاربة مستمرة للمحتوى الفلسطيني منذ سنوات. واليوم أيضًا يعتمدون هذه الوسائل لتمرير رواية السحرة. ولكن يأبى الله تبارك وتعالى إلا أن يكشف سوءة وجوههم، فيرى العالم أننا لسنا أمام دولة تزعم أنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وراعية حقوق الإنسان، وإنما أمام عصابات الشتيرن، والهاجناة، والأرجون، والبالماخ، التي ارتكبت مجازر إبادة منذ ما قبل 1948. واليوم تعود لسيرتها الأولى: عصابات دموية مجرمة. وهذا السقوط هو الأكبر لدولة الاحتلال على طريق النهاية الحتمية: {وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ} (إبراهيم: 20).

