فلسطين أون لاين

تقرير عزلة تتَّسع وخسائر متفاقمةً... المقاطعة الأوروبِّيَّة تهزُّ الاقتصاد الإسرائيليَّ

...
عزلة تتسع وخسائر متفاقمة.. المقاطعة الأوروبية تهزّ الاقتصاد الإسرائيلي
غزة / رامي رمانة:

بينما تتواصل حرب الإبادة على قطاع غزة، تتعرض العلاقات الاقتصادية بين دولة الاحتلال وأوروبا لتصدّع غير مسبوق، إذ تتجه عدة دول أوروبية إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية ضد تل أبيب، تمتد من الموانئ إلى الأسواق، ومن حركة الشحن إلى العلاقات الاستثمارية والأكاديمية.

المقاطعة الأوروبية تتصاعد، مهددة بإحداث إعادة تشكيل عميقة في البنية الاقتصادية الإسرائيلية.

ووفقًا للمعطيات الاقتصادية، بلغ حجم التبادل التجاري بين دولة الاحتلال والاتحاد الأوروبي نحو 42.6 مليار يورو في عام 2024، ما يجعل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لها.

وتشير البيانات إلى أن صادرات دولة الاحتلال إلى أوروبا بلغت 26.65 مليار يورو، مقابل 15.94 مليار يورو من الواردات، ما أسفر عن فائض تجاري لصالحها بقيمة 10.7 مليارات يورو.

تشكل هذه الأرقام ما نسبته 31% من إجمالي صادرات دولة الاحتلال، و37% من وارداتها، ما يكشف عن الاعتماد الكبير على السوق الأوروبية، ويُبرز حساسية الاقتصاد الإسرائيلي تجاه أي إجراءات تقييدية أو مقاطعات محتملة.

ويؤكد الخبير الاقتصادي خالد أبو عامر أن الإجراءات تمسّ بشكل مباشر قدرة الاحتلال على تصدير منتجاته الرئيسية، وتُهدد سلاسل التوريد بالاختناق، لا سيّما أن الموانئ الأوروبية تمثل أكثر من 30% من حركة التجارة الإسرائيلية.

وأشار أبو عامر، لصحيفة "فلسطين"، إلى أن صادرات الاحتلال إلى أوروبا تعتمد على قطاعات حيوية، أبرزها الدوائر الإلكترونية الدقيقة، والمنتجات الزراعية، والمواد الكيميائية المتقدمة.

في المقابل، تشمل الواردات الأوروبية المعدات الصناعية، والمواد الخام، والتكنولوجيا المتطورة.

ولفت إلى أن تعطل الممرات الحيوية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وتأخير زمن التسليم، ما يُفاقم الضغط على الميزان التجاري الإسرائيلي.

وقد بدأت بوادر التصعيد الأوروبي من إسبانيا، التي منعت مؤخرًا سفينة شحن يُعتقد أنها تحمل مواد متفجرة إلى دولة الاحتلال من دخول ميناء قرطاجنة.

هذا القرار فتح الباب أمام موجة تحركات مماثلة في أيرلندا والنرويج وبلجيكا، حيث تتزايد الدعوات لحظر السفن المحمّلة بالأسلحة، إضافة إلى طرح مشاريع قوانين لحظر استيراد منتجات المستوطنات، خصوصًا في مجالي الزراعة والتكنولوجيا

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي نائل موسى أن تصاعد المقاطعة الاقتصادية بدأ ينعكس على ثقة المستثمرين الأجانب بالسوق الإسرائيلية.

ويقول: "الصناديق الأوروبية بدأت بالفعل مراجعة استثماراتها في شركات متورطة في التصنيع العسكري أو العاملة في المستوطنات، في حين يخضع قطاع التكنولوجيا لمراجعات تؤثر على صفقات استراتيجية".

وأضاف موسى لـ"فلسطين" أن المقاطعة لم تقتصر على الجوانب التجارية فحسب، بل امتدت إلى الأوساط الأكاديمية، حيث بدأت جامعات أوروبية عديدة مراجعة شراكاتها مع نظيراتها الإسرائيلية، تحت ضغط شعبي وأكاديمي متزايد يطالب بوقف التعاون.

وأشار إلى أن المقاطعة قد تؤثر على تمويل الأبحاث والشراكات في مجالات حيوية، كالذكاء الاصطناعي وعلوم الطب الحيوي.

ويختم موسى بالقول: "ما نشهده ليس مجرد رد فعل ظرفي، بل تحوّل استراتيجي في أدوات الضغط الأوروبي. وإذا استمرت هذه السياسات، فقد تجد دولة الاحتلال نفسها أمام عزلة اقتصادية عميقة تعيد تشكيل علاقاتها التجارية لعقود قادمة".

وفي موازاة الضغط الأوروبي، تتسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بإغلاق فعلي لممر باب المندب أمام السفن المرتبطة بدولة الاحتلال، ما أجبر كبرى شركات الشحن العالمية مثل "ميرسك" و"هاباغ لويد" على تغيير مساراتها نحو رأس الرجاء الصالح.

هذا التحول زاد من زمن الشحن لأكثر من عشرة أيام، ورفع التكاليف بنسبة تصل إلى 35%، ما يضاعف الأعباء على الاقتصاد الإسرائيلي في وقتٍ حساس.

 

المصدر / فلسطين أون لاين