فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

#رسالة_قرآنية_من_محرقة_غزة

﴿وَبَشِّرِ الصّابِرينَ﴾ 
 البقرة 155 

 
نزوح وتهجير متواصل في محرقة غزة الممتدة حتى الآن لأكثر من سنة ونصف عسرة كاملة، لم تكن مجرد عدوان أو حتى محرقة وقتل وإبادة، بل كانت جولات قتل وعدوان إجرامية متلاحقة. ومع كل جولة محرقة جديدة، يتم قتل كل متحرك، وتدمير كل مدمر، وسحق كل معنى للحياة في كل منطقة تدهمها عصابات الإبادة. 

ومع كل ذلك، يبقى النزوح متكررًا، فلا تكاد تجد أحدًا في غزة إلا وقد نزح عديد المرات.
 
ما يصاحب هذا النزوح من معاناة وألم وحسرة، حيث الاستقرار معدوم، مع محرقة مستمرة، ومجاهدة وعدوان لا يتوقف.

 وكلما تم نزوح جديد، يصبح لدى النازح بقايا ممتلكات قليلة وبعض المواد الغذائية المخزنة، وغطاء فراش أو مسمى "خيمة". وهذه البقايا مع كل نزوح يفتقدها النازح، ليعود بحثًا عن ضرورات الحياة التي لا تتوفر. وقد يحتاج المال، الذي لا يوجد أساسًا، لإيجاد القليل من المواد الغذائية.
 
فضلاً عن معاناة الانتقال والترحال، حيث يتحرك النازح بسرعة محملاً ما تيسر من ضرورات كان قد أعدها سلفًا لوقت النزوح. ومع ذلك، يفقد كل ما يتركه، حيث لا يضمن العودة إليه. لا طول مدة العدوان ولا عدم استهدافه بشكل مباشر يجلب له الأمان.

 ينتقل إلى اللامكان، حيث لا خيار سوى البقاء، وتظل العوائل المكلومة والنازفة حتى الموت، تهيم على وجوهها في الطرقات، حتى تنادي في سمع الدنيا: "ما كسبها إلا الشهداء الذين رحلوا مبكرًا ولم يمت". أما نحن، فنعيش القتل مركبًا كل لحظة وفي كل تفاصيل الحياة. {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} (مريم 23).
 
وإذا حالفك الحظ، تجد مأوى أو مكانًا تنصب فيه بقايا شادر أو قطعة قماش أو نيالون، رغم ما في المكان من ماء آسن وأكوام قمامة تحمل الأمراض والأوبئة التي انتشرت بين جموع النازحين. ولا دواء متاح.
 
كيف ستواجه كل هذا في ظل {نَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ} (البقرة 155)، حيث رحلة الشقاء اليومية في البحث عن بقايا طعام من التكية، والوقوف ساعات طويلة أمام طابور المياه علّك تحظى بالقليل؟
 
ورغم كل ذلك، يعلو في خاطرك هتاف الآية القرآنية الكريمة: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة 156). وتتذكر مريم عليها السلام في تمام الآية: {فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي} (مريم 24).

المصدر / فلسطين أون لاين