عدَّ الخبير في القانون الدولي أنيس قاسم، إصرار الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق معابر قطاع غزة ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات الإغاثية، جريمة تجويع غير مسبوقة.
وأكد قاسم لصحيفة "فلسطين" أمس، أن التداعيات التي رافقت إغلاق المعابر والنقص الحاد ولا سيما في المواد الغذائية، تعكس آثار جريمة التجويع التي ترتكبها (إسرائيل) ضد المواطنين في قطاع غزة الذين يزيد تعدادهم على مليوني نسمة.
وكان جيش الاحتلال فرض حصارًا مطبقًا على غزة عندما شن حرب الإبادة يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وحال دون وصول احتياجات أساسية أهمها الغذاء، ما تسبب بمجاعة أدت إلى استشهاد عدد من المواطنين خلال الحرب التي استمرت 471.
حتى بعد أسابيع من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم 19 يناير/ كانون الثاني 2025، قررت حكومة الاحتلال تقليص حجم المساعدات بما يخالف الاتفاق، إلى أن قرر إغلاق المعابر بشكل كامل، وهو ما يثير المخاوف من إمكانية حدوث مجاعة جديدة على غرار ما تعرض له المواطنين خلال 2024.
في المقابل وصف قاسم السياسات الإسرائيلية بأنها ممارسات همجية لم يسبق لجيش أو دولة أن مارست هذا النوع من الإجرام ضد المدنيين، في إشارة إلى سياسة التجويع.
وأضاف: أن انتهاكات الاحتلال مخالفة للقانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان التي تُحرِّم استخدام التجويع كأداة من أدوات الحرب، وهذه ليست قاعدة مستحدثة وإنما قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي، بمعنى أنها ملزمة لدول العالم كافة سواء وقعت على اتفاقيات دولية أو لم توقع.
ونبَّه إلى أن كيان الاحتلال يستغل التواطؤ الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ جرائمه ضد الفلسطينيين مستفيدًا من حالة السكوت العربي على انتهاكاته.
وتابع قوله: إن "النظام العربي الرسمي قد فك ارتباطه بالقضية الفلسطينية، ولو لم يكن ذلك لثارت همته ضد ما يجري للمواطنين في غزة، إلا أن ما بين العدو الصهيوني والنظام العربي قائم على قدم وساق".
وطالب قيادة المقاومة الفلسطينية أن تسجل موقفها تجاه الدول العربية التي استمرت في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي يفرض فيه سياسة التجويع على أهالي غزة، مشيرًا إلى أن السكوت العربي على انتقال العدوان من غزة إلى الضفة الغربية مفاده أن "النظام العربي أبلغ (إسرائيل) أننا لم نعد نهتم فيما يجري في فلسطين".
وعد أن السكوت العربي على ما يحدث بغزة "خطيئة يجب أن يحاسب عليها النظام العربي الرسمي".
ورفض الخبير في القانون الدولي فكرة استمرار تحصن (إسرائيل) وتأمين نفسها ضد المساءلة الدولية على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، بناءً على الدعم الكامل من الإدارات الأمريكية وشعورها أنها في مأمن من الغضب العربي الرسمي.
كما بين قاسم أن الموقف العربي لا ينسجم مع مطالب محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 19 يوليو/ تموز 2024، على جميع الدول أن تتخذ إجراءات عزل (إسرائيل) ومقاطعتها. لكن النظام يواصل علاقاته وتعاملاته مع الاحتلال.
وأكد قاسم أهمية الدعوة التي قدمتها دولة جنوب أفريقيا في المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة (إسرائيل) بارتكابها جريمة الإبادة ضد المدنيين بغزة.
وتوثق تقارير صحفية وحقوقية محلية ودولية ارتكاب جيش الاحتلال جرائم إبادة في غزة إبَّان الحرب، قتل خلالها بعملياته العسكرية وغاراته التي شنها الطيران الحربي، مئات المواطنين دفعة واحدة. يشار إلى أن عدد الشهداء المسجلين لدى وزارة الصحة قارب على 50 ألفًا، في حين أن عدد المفقودين تحت أنقاض المنازل المدمرة يتجاوز 10 آلاف مفقود.