ينذر إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر، ووقف إمدادات الكهرباء ودخول البضائع والمساعدات والمعدات الثقيلة إلى غزة بظهور مخاطر بيئية متزايدة، منها تسرب المياه العادمة، وتراكم النفايات، وغير ذلك.
ويبين الخبير البيئي م.سعيد العكلوك أن المياه هي العنصر الأساسي للحياة، وإغلاق المعابر، وعدم إدخال المعدات اللازمة لإصلاح شبكات مياه الشرب، سيؤدي إلى تلوث الخزان الجوفي بمياه الصرف الصحي، ولن يتمكن المواطنون من إيجاد مياه صالحة للشرب.
ويشير العكلوك في حديثه مع صحيفة "فلسطين" إلى أن الاحتلال الاسرائيلي دمر 650 مترا طوليا من شبكات المياه، ناهيك عن تدمير أكثر من 300 بئر من أصل 320 بئر مخصصة من البلديات لتزويد المواطنين بمياه الشرب، في وقت يمنع الاحتلال إدخال أجهزة التعقيم بمادة الكلور.
ويلفت إلى أن هذا الأمر انعكس على حصة المواطن من مياه الشرب والتي انخفضت من 84.5 لتر إلى 8 لترات يوميا فقط، مما دفع المواطنين إلى الاعتماد الآبار الخاصة والتي ليس مصمم عليها وحدات تعقيم، مما عرض المواطنين لنسبة عالية جدا من الملوثات.
ويوضح أن قوات الاحتلال الاسرائيلي دمرت محطات معالجة المياه العادمة المركزية الخمس، وأخرجتها جميعها عن الخدمة، بالإضافة إلى تدمير 80٪ من محطات الضخ التي تنقل المياه العادمة من شبكات المواطنين لمحطات المعالجة المركزية.
ويشير العكلوك إلى أن ما تبقى من محطات ضخ المياه العادمة، تعمل بالحد الأدنى بسبب عدم توفر الوقود، مما دفع المواطنين إلى إيجاد حلول بديلة بحفر حفر امتصاصية في منطقة المواصي، أو ترك المياه العادمة لتتسرب في الشوارع، والطرق العامة، بالإضافة إلى تجميع ما تبقى من شبكات، وضخ المياه العادمة في البحر.
ويشرح مفصلا المشكلة التي تتمثل في الحفر الامتصاصية مبينا أنها وجدت في أماكن نسبة النفاذ فيها عالية للغاية، وبالتالي حقن الخزان الجوفي بالمياه العادمة.
ويشير إلى أن مشكلة الصرف الصحي أدت لظهور مرض شلل الأطفال في القطاع، ومخاطر ظهور الكوليرا وأمراض خطيرة أخرى إذا لم يتم التعامل معها.
ويبين العكلوك أن المياه العادمة تؤدي إلى تلوث التربة وبالتالي تؤثر على نوعية الأكل، وطبيعته.
أنواع الأسلحة
ولم تكن المياه العادمة الملوث الوحيد لتربة، بل أنواع الصواريخ، والمتفجرات المحقونة باليورانيوم، والمواد المشعة، والتي ألقى الاحتلال الأطنان منها على القطاع، وسيبقى تأثيرها في التربة على مدار عقود، وهذا يتطلب ادخال معدات لفحص جودة التىبة، لمعرفة هل تصلح للزراعة أم لا، بحسب الخبير البيئي.
وينبه إلى أن القطاع يحتاج لجلب خبراء للتعامل مع التربة في كل مكان تم قصفه من قبل قوات الاحتلال.
ويلفت العكلوك إلى أن استمرار وجود آلاف جثامين الشهداء تحت الأنقاض انعكس على سلوك الحيوانات وأصيبوا بالعدوانية.
ويحذر من أن الركام يحتوي على مواد مشعة وإزالتها يعرض المتعاملين معها للإصابة بأمراض تمتد معهم لعقود منها تشوه الأجنة، والسرطان بأنواعه.
ويذكر أن ما انبعث من مكافىء ثاني أكسيد الكربون في أول 60 يوم من الحرب الاسرائيلية كان يكافىء البصمة الكربونية لعشرين دولة على مدار عام كامل، وهو ما يعادل حرق 150 ألف طن من الفحم الحجري.
وبحسب دراسة تحليلية جديدة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية أجراها باحثون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن إعادة بناء ما يقدر بنحو 200 ألف مبنى سكني ومدارس وجامعات ومستشفيات ومساجد ومخابز ومحطات للمياه والصرف الصحي دمرتها (إسرائيل) في الأشهر الأربعة الأولى من الحرب على غزة سينتج عنه ما يصل إلى 60 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
كما أشارت إلى أن ما يقرب من 30 % من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نجمت عن 244 طائرة شحن أمريكية معروفة بنقل القنابل والذخائر والإمدادات العسكرية الأخرى إلى الاحتلال في أول 120 يوما من الحرب.
وينبه العكلوك إلى أن إزالة الركام سينتج عنها 630 مليون طن من مكافىء ثاني أكسيد الكربون، وهو ما ينتج عن مدن صناعية، وسيستمر تأثيره المباشر على مشكلة الانحباس الحراري، ليس على بقعة غزة الصغيرة بل يمتد على المنطقة بالكامل على مدار سنوات.
وعن أزمة تراكم النفايات في الشوارع في القطاع، يبين أن نقل النفايات وتجميعها في مكان مخصص لها يحتاج إلى شاحنات، ومعدات دمرها الاحتلال.
وينبه العكلوك إلى أن مشكلة تراكم النفايات في الشوارع تأثيرها أخطر من المياه العادمة حيث أن عصارتها مركزة وتحتوي على ملوثات كيميائية تتسرب إلى الخزان الجوفي.
ويشدد على أن تأخير رفع الحصار، وانهاء الحرب يؤدي إلى نتائج كارثية ومعقدة غير قابلة للحل، وتدمير ما تبقى من البيئة التي "تحتضر" في الأساس، وكل يوم يمر يعني "أن نفقد ما يمكن أن يعود لطبيعته".
ويطالب الخبير البيئي بالاسراع في فك الحصار، وانهاء الحرب لإيجاد حلول جذرية لكل ما يتعلق بالملوثات، والكوارث البيئية التي أنتجتها هذه الحرب، وما سبقها من حروب عدوانية إسرائيلية.