فلسطين أون لاين

​مستفيدو "الشؤون الاجتماعية".. قليل من المال وزيادة في المعاناة

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

على قطعة كرتونية مهترئة جلس الحاج محمود حجازي (62 عاماً) أمام البوابة الرئيسة لبنك فلسطين، وسط مدينة غزة، منتظرا دوره لاستلام مخصصات الشؤون الاجتماعية، بعدما أرهقه الوقوف في الطابور المزدحم منذ ساعات الصباح الأولى.

وتعد مخصصات الشؤون الاجتماعية، التي بدأت البنوك الفلسطينية العاملة في قطاع غزة صرفها أمس، بعد تأخر دام قرابة الشهرين، المعيل الأساس لعائلة حجازي المكونة من ستة أفراد نصفهم طلبة كليات جامعية، بعدما أقعده المرض عن العمل في مجال الإنشاءات والبناء.

ويقول حجازي :"نستلم شيكات الشؤون كل ثلاثة شهور ولكن هذه المرة تأخرت كثيرا، كنت أنتظر صرفها بعد عيد الأضحى أو مع مدارس الأولاد الصغار، ولكن تأخرت كثيراً ولم نعد نعرف كيف ندبر شؤون حياتنا".

وأشار حجازي إلى أن مبلغ الألف شيكل الذي سيستلمه من البنك ستذهب غالبيته لسداد الديون المالية المتراكمة عليه منذ شهرين ومن تبقى يخصص كمصاريف علاج له، مبينا أنه يحاول تدبير شؤون عائلته بالتحامل على نفسه والعمل في الإنشاءات مقابل أجر محدود بناء على ساعات عمله اليومية.

وإلى جوار حجازي، وقف ثلاثة شبان يافعين وسط ذلك الطابور العشوائي مترقبين حلول دورهم لأخذ مستحقات الشؤون الاجتماعية، وعند الطلب الحديث معهم أبدوا امتناعهم إلا أن أحدهم لخص حالتهم بالقول "احنا شباب لا شغل ولا حياة لنا وجايين اليوم من الفجر لنشحد الشؤون".

ولم تقتصر أزمة صرف مستحقات الشؤون الاجتماعية النقدية على تأخر موعدها المقرر مرة كل ثلاثة أشهر على مدار العام، إنما تفاجأ المئات من أرباب الأسر الفقيرة والمهمشة في القطاع المحاصر من وجود خصومات مالية على مستحقاتهم، الأمر الذي أصابهم بحالة من الغضب والتذمر.

وبعدما فشلت محاولات المواطن طارق حميد في إقناع موظف البنك بأن الباحث الاجتماعي قد ظلمه في إجراء المسح المعلوماتي عنه وأن الـ 700 التي استلمها لن تسد شيئا من احتياجاته الدورية، خرج من بين الزحام مرددا "حسبنا الله ونعم الوكيل .. حسبنا الله ونعم الوكيل".

ويقول حميد "بعد حرب العصف المأكول قصف منزلي، وتدمرت ورشة الخياطة وتصليح الأواعي يلي كانت تحت دون أي تعويض حتى الآن، واليوم صار الخصم ليزيد الطين بلة"، مضيفا "إحنا بنعيش نكبة حقيقية ثانية، بلا عمل ولا مأوى ولا كهرباء ولا مياه للشرب".

وأكمل المواطن الذي بدت علامات الإرهاق عليه واضحة "والله صليت الفجر وطلعت من البيت مشي ولما وصلت إلى هنا لقيت أكثر من 20 شخصا نايمين وبعدما وقفت ساعتين قدرت أدخل واستلم الفلوس".

ويشير حميد بإصبعه نحو عربة متحركة لبيع حاجيات الأطفال والمسليات "كنت ناوي أفتح بسطة صغيرة مثل هذه أبيع عليها المشروبات الساخنة في الشتاء ولكن مش عارف شو أعمل بعد الخصم"، داعيا كل أحرار العالم للتحرك لإنقاذ أهالي غزة من أوضاعهم غير الإنسانية، على حد وصفه.

وفي إحدى الزوايا القريبة من البنك، لم يتوقف المواطن أحمد الحاج عن الهتاف أمام بعض كاميرات وسائل الإعلام مطالبا بوقف "مهزلة الشؤون الاجتماعية وإذلال الناس مقابل كم شيكل"، معبرا بالوقت نفسه عن خشيته من قطع المساعدات عن عائلات جديدة في الدفعة القادمة.

خصومات غير سياسية

ووفقا لبيان صحفي صدر عن مديرة برنامج مكافحة الفقر في وزارة التنمية الاجتماعية سناء الخزندار مؤخراً، فإن إجمالي عدد الأسر التي أصابها النقصان أو الزيادة في مبلغ الشيكات الاجتماعية نحو 2000 أسرة فقيرة من بين 70 ألف أسرة في القطاع يتم مساعدتها بمبالغ متفاوتة.

وأكدت الخزندار أن الخصومات التي تمت على مبالغ الشيكات ليس لها دخل بالجانب السياسي بل هي اجراء إداري بحت، مبينة أن موازنة الأسر الفقيرة محددة منذ بداية العام ولا يتدخل بها أحد.

وتخصص مستحقات الشؤون الاجتماعية للأسر الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، التي تقع تحت خط الفقر وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، والأيتام وأصحاب الأمراض المزمنة وبعض كبار السن.