فلسطين أون لاين

وقّع أكثر من 15 اتفاقية مع الاحتلال بكل مفاصل الحياة

​الأردن نافذة للاحتلال في اختراق المنطقة . . والمقاومة الشعبية مستمرة

...
غزة - يحيى اليعقوبي

نوافذ كثيرة يحاول الاحتلال الإسرائيلي التسلل من خلالها لتعزيز التطبيع مع الأردن، أبرزها يتمثل بالوفود الطلابية والسياحة والعلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية، ورغم الرفض الشعبي الأردني لمظاهر التطبيع الذي يمارسه النظام الرسمي مع الاحتلال، إلا أن الأردن بات اليوم جسراً مهما للاحتلال في التطبيع مع العالم العربي.

دراساتٌ أردنية مختلفة تؤكد تزايد التطبيع، وأن الحجم الحقيقي بين الجانبين أكبر مما هو معلن، في ظل توجه الدول العربية للانفتاح على الاحتلال خاصة دول الخليج، ليكون الأردن هو بوابة الاحتلال في العبور للدول العربية.

وتبلغ عدد الشاحنات القادمة من الاحتلال للأردن سنوياً ألف شاحنة، معظمها تذهب للدول العربية، ويبلغ حجم الاستيراد الأردني من الاحتلال نحو 100 مليون دولار سنوياً، والدلائل على التعاون بين الجانبين بمجالاتٍ مختلفة، هو ما نشرته وزارة سياحة الاحتلال في شهر نيسان/ أبريل الماضي في تقريرها الذي يفيد بأن 34 ألف سائح من الذين قدموا للاحتلال في ذات الشهر عبروا من الأردن.

وتعد اتفاقية شراء الأردن للغاز من الاحتلال التي وقعت في سبتمبر/ أيلول 2016م، من أبرز الأدلة على التطبيع الكبير بين االطرفين، إذ إن الاتفاقية تستمر لمدة 15 عاما، مقابل عشرة مليارات دولار.

ومع ذلك تتجلى مظاهر الرفض الشعبي الأردني للتطبيع من خلال موقف البرلمان الأردني الرافض له، وكذلك حملات المقاطعة الأردنية، التي تنشط فيها النقابات الأردنية الفاعلة، وهو ما كان له أثر في إفشال العديد من المشاريع.

و نشر موقع "المصدر" الإخباري الإسرائيلي في شباط/ فبراير الماضي، أن الأردن والاحتلال يعتزمان إنشاء منطقة اقتصادية حرة بين الطرفين فسرها مراقبون بأنها بهدف الالتفاف على حملات المقاطعة والرفض الشعبي الأردني، وبحسب تقرير في صحيفة "غلوبوس" الاقتصادية الإسرائيلية، فقد بدأت أعمال لإقامة منطقة إسرائيلية ـ أردنية حرة مشتركة قرب نهر الأردن، مع إقامة جسرٍ كبير من المتوقع أن يصل طوله إلى 352 مترا، يربط بين كلا الطرفين.

رفض شعبي

وتؤكد النائب في البرلمان الأردني ديمة طهبوب أن البرلمان الأردني يرفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال، وهذا هو تمثيل لضمير الشعب الأردني الذي اختلف عن توجه السياسة الرسمية الأردنية بالعلاقة مع الاحتلال.

وتضيف طهبوب لصحيفة "فلسطين": "إن البرلمان الأردني تقدمَ بخطواتٍ رائدة من خلال مناقشة القوانين العنصرية التي أقرها الكنيست الإسرائيلي بفلسطين مع اتحاد البرلمانات العرب، وسلط الضوء على كل مظاهر التطبيع وأدانها ورفضها، ودعم الشعب الفلسطيني في كل حقوقه وثوابته، والوقوف معه في كل الأحداث بفلسطين المحتلة بفعل إجراءات الاحتلال".

وتشير طهبوب إلى أن البرلمان الأردني أنشأ "لجنة فلسطين" والتي تعنى بدعم مواقف المقاومة، وتشجيع الحكومة الأردنية على تفعيل وصاية الأردن على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، وإصدار مواقف واضحة ومتقدمة فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني.

ولدى سؤالها، بشأن فشل مشاريع المذكرات النيابية الأردنية التي يعدها النواب لطرد سفير الاحتلال، ردت بالقول: "إن هذه المذكرات إحدى الوسائل، ولكنها بحاجة إلى تفعيل أكثر ومتابعة مع وزارة الخارجية الأردنية".

إلا أن النائب طهبوب تشدد على أن المواقف السياسية ولو على مستوى الإدانة جهد مطلوب، في ظل ما وصفته بالارتماء في حضن الاحتلال الإسرائيلي من قبل بعض الحكومات الأردنية المتعاقبة، مؤكدة ضرورة الانحياز الكامل للشعب الفلسطيني وحقوقه.

وأتبعت ردها على ذات السؤال قائلة: "ما نراهن عليه هو استمرار النبض الشعبي الأردني الرافض للتطبيع، وليس على أداء الحكومة"، لافتة إلى أن البرلمان ألغى ترخيص ما يسمى "مركز الدراسات الإسرائيلية" بالأردن لوجود تواصل مع الاحتلال.

إلا أن الاحتلال ورغم ما سبق، والكلام لطهبوب، يحاول التسلل من خلال نوافذ كثيرة للتطبيع مع الأردن عن طريق الوفود الطلابية والسياحة والتعاون الاقتصادي، لافتاً إلى أن الأردن وقّع اتفاقية شراء الغاز من الاحتلال، من خلال شركتين من الجانبين وليس من خلال المستوى الرسمي حتى لا تعرض على مجلس النواب ويتم رفضها.

دور برلماني ضعيف

وبالانتقال إلى الناشط النقابي والسياسي بمجال مناهضة التطبيع ميسرة ملص ينتقد الدور البرلماني الأردني، فإنه يقول: "إن البرلمان الأردني ليس له دورٌ بالحياة السياسية وليس فاعلاً، وأن السلطة الأردنية خلقته ليبقى شكلياً لإظهار أن الأردن دولة ديمقراطية".

ويدلل ملص لصحيفة "فلسطين" على ضعف دور البرلمان، بأن البرلمانات بالدول الأخرى تستطيع تقديم مشروع قانون يسقط أي اتفاقية كاتفاقية وادي عربة التي أبرمت مع الاحتلال عام 1994م، إلا أن البرلمان الأردني لا يستطيع فعل ذلك.

ويشير إلى أن الشعب والقوى السياسية الأردنية بعد ابرام تلك المعاهدة كان لهم صولات وأنشطة رافضة للتطبيع مع الاحتلال، وهو ما أثمر حينها عن رفض إنشاء معرض صناعات إسرائيلية دائم بالأردن واستجاب الأردن للمطلب الشعبي، كما أغلق شركة لصناعة الخرسان الجاهز، بسبب ارتباطها بالاحتلال، وتوقَّف التجار الأردنيون عن استيراد خضروات وفواكه من الاحتلال، ومع ذلك لم تصل لدرجة إسقاط معاهدة "وادي عربة".

ومن أبرز ملامح التطبيع الأردني الرسمي مع الاحتلال، وفق ملص، هو العلاقات الأمنية والتجارية والسياسية، موضحاً أن حجم الشاحنات الإسرائيلية القادمة من ميناء حيفا المحتلة سنويا ألف شاحنة تذهب للدول العربية.

لذلك أصبح الأردن اليوم، والكلام للناشط النقابي، جسراً للتطبيع بين الاحتلال والدول العربية، إذ إن الكثير من المنتجات الإسرائيلية تأتي للأردن ويعاد إنتاجها وتصديرها للدول العربية، مؤكدًا أن هناك تبادلا تجاريا ضخما بين الاحتلال والعرب عن طريق الأردن ولكنه غير معروف الحجم.

ويبين أن التبادل التجاري بين الأردن والاحتلال يبلغ سنويا 100 مليون دولار، مشيراً في الوقت نفسه، لفشل مشاريع اقتصادية متبادلة بين الأردن والاحتلال بسبب الرفض الشعبي وحملات المقاطعة لها، كمشروع المدن الصناعية بعمان فيزودها الاحتلال بالمواد الخام مقابل الحصول على نسبة 11% من قيمة المنتجات.

والسبب الذي يدفع الأردن للاستمرار بالتطبيع، وفق ملص، أن مبدأ العلاقة بين الطرفين هو تبادل مصالح بعنوان "استقرار الأردن مرهون بتوفير الأمن للاحتلال".

ويلفت ملص إلى أن الأردن وبعد توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994م، تلاها توقيع أكثر من 15 اتفاقية بكل تفصيلات الحياة، كعلاقات ثقافية واقتصادية وإجراءات أمنية، مشيراً إلى أن التطبيع بدأ بمجالات ومشاريع صغيرة، ثم انتقل لمشاريع كبيرة مثل اتفاقية شراء الأردن للغاز من الاحتلال، والتعاون في إنشاء قناة البحرين التي تقوم بنقل المياه من البحر الأحمر للبحر الميت.

كما يشير إلى أن اللجان الأردنية العاملة في مجال مناهضة التطبيع في تذبذب، وتنشط في حملات مقاطعة الاحتلال في الأحداث الكبيرة بفلسطين، لافتاً إلى أن حادثة السفارة الإسرائيلية بالأردن لم تؤثر على العلاقة بين الأردن والاحتلال، حتى أن المسؤولين الأردنيين يحاولون إيجاد طريقة لإعادة السفيرة الإسرائيلية لعمان.

وقتل حارسُ أمن في سفارة الاحتلال بعمّان يحمل صفة دبلوماسي ويدعى " زيف مويال" في 24 يوليو/ تموز الماضي أردنيَّيْن هما محمد الجواودة (17 عاما) والطبيب بشار الحمارنة (58 عاما) إثر ما قيل إنه "إشكال" وقع داخل مجمّع السفارة.