تشهد أسواق قطاع غزة استعدادات لاستقبال شهر رمضان، لكن الإقبال لا يزال ضعيفًا، حيث يتأثر السكان بالآثار الاقتصادية والنفسية للحرب الأخيرة.
في سوق الصحابة، أحد أشهر الأسواق في مدينة غزة، يعرض الباعة بضائع متنوعة من الخضار والفواكه والمواد الغذائية، لكن المشترين يتجولون بحذر، ويشترون فقط ما هو ضروري.
من حي النصر غربًا، قصدت علياء حجازي سوق الصحابة، الذي سمعت عنه منذ أن كانت نازحة في جنوب غزة، إذ يضم السوق كل ما تحتاجه الأسرة من محلات الملابس، والأحذية، والحقائب، بالإضافة إلى المطاعم والمقاهي التي تقدم خدمة الإنترنت.
تقول حجازي لصحيفة "فلسطين": "لأول مرة أقصد هذا السوق، رغبةً في شراء جلباب، ثم سأبتاع بعض الجبن والقليل من مونة رمضان ومشروباته، مثل الكركديه، بما يكفيني لأول يومين، بخلاف ما كنت أفعله قبل الحرب، حيث كنت أجهز جميع المشتريات لتكفيني طيلة الشهر".
وتتابع: "الحرب أنهكتنا ماديًا، وما تزال أسعار بعض البضائع مرتفعة، لكنني أحاول قدر استطاعتي تجهيز المأكولات التي كنت أصنعها قبل الحرب، والتي حُرمنا منها في شهر رمضان الماضي".
على مقربة منها، كان عزمي أبو ندى (60 عامًا) يسأل أحد باعة المواد الغذائية عن سعر المشمش المجفف، والتين المجفف، وقمر الدين، الذي يفضّل تناوله كمشروب على وجبة السحور.
استنكر أبو ندى ارتفاع أسعار هذه المنتجات رغم انخفاض أسعار العديد من السلع الأساسية، قائلًا: "أول شيء فعلته كي أشعر بدخول شهر رمضان هو شراء الأغذية التي اعتدت تناولها منذ طفولتي، فهي طقوس لم أتخلَّ عنها إلا خلال الحرب".
ويضيف بحزن: "فرحة استقبال الشهر الفضيل منقوصة بعد فقداني ابني وأحفادي وزوجته، فقد كنت أصطحب أحدهم كل رمضان ليساعدني في شراء حاجيات الشهر".
جلس طارق وادي (33 عامًا) خلف بسطته، التي زينها بهرم من علب الجبنة واللبن، وبعض المخللات التي لا تغيب عن سفرة رمضان.
يقول وادي لـ"فلسطين": "البضائع أصبحت متاحة في السوق، وما كان الاحتلال يمنع إدخاله خلال الحرب عاد ليملأ الأسواق بأسعار متفاوتة، لكنها قريبة جدًا مما كانت عليه قبل الحرب. نحاول جذب الزبائن لشرائها مع قدوم رمضان".
ويتابع: "الإقبال ضعيف، والقدرة الشرائية متدنية جدًا، رغم انخفاض أسعار السلع، لكن المبيعات ضئيلة مقارنة بشهور رمضان التي سبقت الحرب. أصبح الناس يشترون على قدر حاجتهم، وربما أقل".
وعادةً ما تكتظ محال الأدوات المنزلية بالمشترين قبيل أيام قليلة من رمضان، حيث تحرص ربات البيوت على تجهيز مطابخهن بالكؤوس، والأواني، والصواني المزخرفة برسومات خاصة بالشهر الفضيل.
لكن محل عاهد عطا الله للأدوات المنزلية بدا شبه خالٍ، باستثناء بعض السيدات اللاتي كن يسألن عن أسعار بعض الأغراض دون أن يشترين.
يقول عطا الله: "البيع ضعيف للغاية، رغم أن الكثير فقدوا أدواتهم المنزلية، لكنهم يبحثون عن الطعام والمأوى أكثر من بحثهم عن الأدوات المنزلية، التي أصبحت من الكماليات بالنسبة لهم".
ويتابع: "أسوأ موسمين خلال عملي على مدار الثلاثين عامًا الماضية كانا موسم رمضان خلال الحرب، وهذا الموسم رغم انتهاء الحرب، إذ إن عادة التهادي في رمضان، سواء بين الأصدقاء أو الأرحام، بالأدوات المنزلية، توقفت خلال هذين الموسمين، مما أثر بشكل كبير على المبيعات".