فلسطين أون لاين

100 اعتذار عن وعد بلفور

أين تأنيب الضمير ورصيد القوة الأخلاقية، عندما تصرح رئيسة وزراء بريطانيا "تيريزا ماي" وتقول: "نفتخر بدورنا في إقامة دولة (إسرائيل)، ولذلك سنحتفل مع "نتنياهو" بمرور 100 عام على وعد بلفور بكل فخر، والمزيد أمامنا لنفعله لهم"؟!


تصريح "ماي" هو تصريح ضمن معادلات القوى، فالقوي يصرح ما يشاء ويفعل ما يشاء، أما الضعيف _وإن كان صاحب حق_ فليس له إلا بعض عبارات التعاطف الخادعة، ودموع التماسيح، ما لم يحوز هذا الضعيف قوة تجبر أعداءه على احترامه والاعتراف به، وهذا الأمر يعتمد عليه وحده دون غيره، فهل يستسلم لضعفه وهوانه على الناس، أم يشمر عن ساعديه وينطلق يبحث عن مصادر القوة ويعززها لديه؟


حتى لو اعتذرت "ماي" 100 مرة عن وعد بلفور _وما هي بفاعلة_ فإن ذلك لا يكفي، إذا كان اعتذار ماكرًا وخادعًا، ولم تتبعه العمل على إعادة الأمور إلى نصابها، وإزالة الاحتلال، وتعويض الشعب الفلسطيني، وهذا لن يحصل ما دام الخصم ضعيفًا.


منذ 100 عام وحدهم يحاول الفلسطينيون تصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بريطانيا بإصدارها وعد بلفور، الذي قتل وهجر وسجن عشرات آلاف الفلسطينيين، تمهيدًا لزرع الكيان العبري بالقوة، جسمًا وعضوًا غريبًا وطارئًا في قلب العالم العربي والإسلامي.


بريطانيا خصم متغطرس، ماكر، ومتعطش إلى الدماء، ولا تبالي بالقانون الدولي، ولا تملك قوة أخلاقية وإنسانية كافية، تجعلها تقر بذنبها وجريمتها بحق شعب فلسطين الذي يعاني ويتعذب ساعة بساعة، ما يتطلب إعداد خطة محكمة وذكية تجبرها على الاعتراف بجريمتها، ودفع كل الأضرار التي ترتبت عليها، ونموذج ألمانيا مع اليهود ليس ببعيد.


تحل على الشعب الفلسطيني الذكرى المئوية لوعد بلفور المشئوم، وهو يكابد ومعه الشعوب العربية والإسلامية الويلات والمصائب على مر الأيام، نتيجة ما اقترفت يدا بريطانيا العظمى وقتها من زرع ما يسمى دولة (إسرائيل) في قلب العالم العربي والإسلامي، على حساب شعب عربي مسالم.


بريطانيا هي أصل الداء، وهي من صنعت المشكلة المستعصية حتى الوقت الحاضر، وعليها دفع كل ما ترتب على وعدها المشئوم، بريطانيا وأمريكا تحاولان بعد 100 عام جعل السرطان جزءًا أصيلًا من العالم العربي والإسلامي، وهو ما ينافي طبيعة الأشياء، وحقيقة أن السرطان لا حل له سوى الاستئصال.


الأحرار والشرفاء ليسوا فقط في فلسطين المحتلة، بل إنهم أيضًا في الشتات ومختلف دول العالم؛ فكل إنسان يرفض الظلم ويحاربه بكل ما عنده من عزم وقوة هو قمة الإنسانية والشرف والأخلاق، وهل يوجد ظلم أكثر من احتلال شعب وقتله وطرده وتهجيره جهارًا نهارًا، وأمام وسائل الإعلام؟!


في المحصلة لن يجدي نفعًا الشجب والاستنكار، ولا اللطم والعويل، بل إعداد الخطط الإستراتيجية المحكمة، للوصول إلى حالة من القوة المتعاظمة _وهو أمر سهل جدًّا_ تجعلنا نتحكم في الأحداث ونوجهها إلى مصلحة القضية الفلسطينية، وما حالة المقاومة في لبنان، والمقاومة في غزة التي طردت الاحتلال وأجبرته على هدم 20 مستوطنة منا ببعيد.


بريطانيا ووعدها المشئوم والاحتلال ليسوا قدرنا، بل قدرنا هو أن نطرد الاحتلال، فالقوي لا تدوم قوته، مهما علا وتغطرس وظلم، ونجبر بريطانيا على الاعتذار ثم التعويض.