أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن تهجير سكان قطاع غزة موجة من الغضب والاستنكار بين الفلسطينيين، الذين اعتبروها استمرارًا لمحاولات الضغط عليهم وإجبارهم على مغادرة أرضهم.
وكان ترمب قد طرح خلال مؤتمر صحفي مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فكرة استيلاء الولايات المتحدة على قطاع غزة، واقترح نقل الفلسطينيين إلى دول مجاورة، مع إعادة تطوير القطاع وتحويله إلى ما وصفه بـ"ريفييرا الشرق الأوسط".
أفكار عنصرية
عبّرت آيات عوض، من سكان مدينة غزة، عن رفضها التام لهذه التصريحات، ووصفتها بأنها مجرد "أوهام" من الرئيس الأمريكي.
وقالت لصحيفة "فلسطين": "لن نغادر أرضنا مهما كلفنا ذلك من ثمن. سنموت هنا ولن نترك وطننا"، مشيرة إلى أن سكان غزة صمدوا في وجه آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبعض الدول العربية لمدة 15 شهرًا متواصلة، رغم تدمير المنازل وارتكاب المجازر بحقهم.
وتابعت: "على الرغم من عشرات الآلاف من الشهداء والدمار الهائل، لم نرفع الراية البيضاء، لا أمام الاحتلال الإسرائيلي، ولا أمام أي قوة أخرى".
وأكدت أن ما يطرحه ترامب ليس جديدًا، إذ سبق للفلسطينيين أن أفشلوا العديد من المشاريع الأمريكية الهادفة إلى تصفية قضيتهم، مثل "صفقة القرن"، التي سقطت بفضل صمود وثبات شعبنا.
تكرار لوعد بلفور
من جانبه، استهجن ياسين أبو وردة هذه التصريحات، معتبرًا أن الإدارة الأمريكية تعيد تكرار نفس السيناريو الفاشل منذ مئة عام.
وقال: "كما فشل وعد بلفور، الذي أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، فإن محاولات ترمب لن تجدي نفعًا". وأضاف: "شعب غزة، ومعه أحرار العالم، سيواصل مقاومة الاحتلال ولن يسمح بتمرير مخططات التهجير".
وأشار إلى أن الصمت الدولي عن هذه التصريحات يُعدّ تواطؤًا مع الاحتلال الإسرائيلي، داعيًا أحرار العالم إلى التصدي لهذه المخططات التي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني.
صمود رغم العدوان
أما شادي عمر، فرأى أن هذه التصريحات تأتي في سياق محاولات الإدارة الأمريكية لإنقاذ صورة الاحتلال الإسرائيلي، بعد فشله طوال 15 شهرًا في احتلال غزة أو فرض سيطرته عليها.
وقال: "التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا في الحروب والاعتداءات المتكررة، وتمسكه بأرضه رغم الدمار والمجازر، هي أكبر دليل على رفضه لكل محاولات التهجير".
ودعا المجتمع الدولي إلى إدانة هذه المحاولات، ومساندة سكان القطاع في الحفاظ على أرضهم وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال.
نكبة جديدة مرفوضة
من جهته، أكد محمد أبو حمام أن تصريحات ترمب ليست سوى محاولة جديدة للضغط على الفلسطينيين، مشددًا على أن الفلسطينيين لن يكرروا نكبة 1948. وقال: "فلسطين ملك للفلسطينيين، ولن نرحل عنها مهما اشتدت الضغوط".
وأشار إلى أن مقاومة الشعب الفلسطيني وتماسكه أمام التحديات، هما الضمانة الأساسية للحفاظ على حقوقه التاريخية.
أما المواطن الأربعيني أبو عادل مراد، فقد عبّر عن سخطه تجاه المقترح الأمريكي، مؤكدًا رفضه القاطع له، خاصة بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني في الحرب الأخيرة.
وقال: "أنت لا تعرفنا، ولا تدرك ما تعنيه لنا هذه الأرض. غزة ليست مجرد قطعة أرض، إنها هويتنا وتاريخنا ومستقبلنا. لن نسمح لك أو لأي أحد آخر أن يقرر مصيرنا، ومقترح التهجير القسري لن يمر".
رسائل نسائية قوية
وجهت السيدة فاطمة زكي (37 عامًا) رسالة قوية إلى ترمب، قائلة: "أنت تظن أن تهجيرنا هو الحل، لكنك لن تفهم أبدًا معنى أن يُجبر الإنسان على مغادرة وطنه. هذه الأرض ارتوت بدماء شهدائنا، وسنظل صامدين فيها، لأن لنا الحق في العيش بكرامة".
أما علا موسى، العشرينية، فاعتبرت أن مقترح ترامب يعكس "تجاهلًا تامًا" للحقوق الإنسانية والشرعية للشعب الفلسطيني.
وقالت: "نحن الفلسطينيين، وأهل غزة تحديدًا، لن نكون أدوات لتنفيذ مخططات سياسية مشبوهة. نرفض التهجير القسري، لأنه يتناقض مع حقوق الإنسان التي تدّعي الولايات المتحدة الدفاع عنها. العدالة والسلام الحقيقيان لا يتحققان إلا باحترام حقوقنا الأساسية".
"نحن هنا منذ الأزل"
بهذه الكلمات وجّه صابر أبو الخير رسالته إلى ترمب: "نحن نعلم أن الوضع صعب، لكننا لم نكن يومًا ضعفاء. إذا كنت تعتقد أن تهجيرنا سينهي قضيتنا، فأنت مخطئ. نحن هنا منذ الأزل، وسنبقى هنا إلى الأبد".
وأضاف: "مقترحك هو اعتداء صارخ على كرامتنا وحقوقنا، ولن نسمح لك بتمريره". كما عبّرت عبير سالم عن غضبها من محاولة فرض هذا المقترح، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني لن يسمح بتهجيره من أرضه.
وقالت: "هذا الاقتراح ليس إلا امتدادًا لمؤامرات قديمة تهدف إلى إفراغ الأرض من أصحابها الأصليين. نحن في غزة نحيا ونموت هنا، وهذه الأرض وطننا ولن نغادرها".
وختمت حديثها قائلة: "ترامب لا يفهم معنى أن يكون الإنسان فلسطينيًا. نحن لا نحتاج إلى حلول تُفرض علينا من أجل مصالح سياسية، بل نحتاج إلى الحرية والعدالة. لا يوجد في خططنا المستقبلية ما يسمى بالتهجير، نحن هنا، وسنبقى هنا".

