فلسطين أون لاين

"نموذجًا يُحتذى به من قبل مقاتلين آخرين"..

محلِّلون يجيبون: ما دلالات عمليَّة حاجز تياسير "النوعيَّة" وتداعياتها على "السُّور الحديديِّ"؟

...
TQBhT.jpg
غزة/ فلسطين أون لاين

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل "ملحميَّة" حول كمين حاجز "تياسير" العسكريّ شرق جنين، والتي أدت إلى مقتل جنديين بينهم قائد كتيبة وإصابة ثمانية جنود إسرائيليين.

وفي التفاصيل، تمكن منفذ عملية حاجز "تياسير" - لا تزال هويته مجهولة - من اختراق التحصينات العسكرية والسيطرة على الطابق العلوي من البرج العسكري، حيث خاض اشتباكًا مباشرًا مع الجنود داخل الموقع، ونصب كمينًا خارج المعسكر قبل تنفيذ الهجوم، حيث أطلق النار على أحد الجنود قبل أن يقتحم الموقع العسكري، وقد أدى إلى مقتل قائد الكتيبة كما قُتل جندي آخر منها قبل حوالي 10 أيام.

وأظهرت تحقيقات أولية أجراها الجيش الإسرائيلي، أن هجوم تياسير كان منظمًا ومدروسًا، وتم تنفيذه على مرحلتين، شملت الأولى إطلاق النار عند الحاجز، بينما امتدت الثانية إلى داخل التحصينات العسكرية.

يذكر أن تياسير هي واحدة من قرى شمال الضفة الغربية المحتلة التي ينفّذ فيها جيش الاحتلال عمليات عسكرية ضمن عملية "السور الحديدي"، والتي توسّعت في الأيام الأخيرة. وتشن قوات الاحتلال هجوماً على تياسير، وطمون، وطوباس، وفي مواقع وحواجز على الطرق التي تربط الفلسطينيين بالطرق المشتركة مع المستوطنين، بذريعة التضييق على المقاومين ومنع فرارهم من مخيمات اللاجئين والقرى التي يستهدفها جيش الاحتلال.

وقال المحلل العسكري آفي اشكنازي لصحيفة معاريف العبرية، إن حادثة حاجز التيسير تكشف عن نقاط ضعف خطيرة في أداء الجيش الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق باليقظة والاستعداد، خاصة أنها حدثت في ساعة الذروة التي يتأهب فيها الجيش الإسرائيلي.

محللون سياسيون وصفوا العملية الفدائية بـ "النوعية" حيث تميزت بجرأتها وتخطيطها الدقيق، ما يجعلها نموذجًا يُحتذى به من قبل مقاتلين آخرين"، مؤكدين أنها تحمل رسائل عميقة حول فشل المقاربة العسكرية الإسرائيلية.

أكد الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن العملية تعتبر نوعية وتم التخطيط لها بعناية، مشيرا إلى أن التنفيذ الفردي والتخطيط الدقيق ساهما في نجاحها.

وأوضح مصطفى أن الجيش الإسرائيلي يتجنب عادة إصدار بيانات رسمية مباشرة بعد مثل هذه العمليات، مفضلا أخذ وقت كاف للتحقيق والتدقيق قبل إصدار بيان شامل.

وشدد مصطفى على أن العملية ستثير تساؤلات عديدة حول الإخفاقات الأمنية، خاصة فيما يتعلق بكيفية دخول المنفذ إلى الموقع العسكري من دون اكتشافه.

وحول التداعيات المحتملة، يرى مصطفى أن إسرائيل لن تغير نهجها في المدى القريب، موضحا أن العملية العسكرية في الضفة الغربية تهدف إلى تحقيق مشروع أيديولوجي وليس تحقيق الأمن للإسرائيليين.

ويضيف مصطفى أن تأثير مثل هذه العمليات يمكن أن يتعاظم إذا تراكمت وأصبحت ظاهرة متكررة في الضفة الغربية، وهذا قد يؤدي إلى تساؤلات داخل المجتمع الإسرائيلي حول جدوى العمليات العسكرية.

بدوره، يرى المحلل السياسي أحمد الحيلة أن العملية تؤكد فشل المقاربة العسكرية الإسرائيلية في كسر إرادة الشعب الفلسطيني في الصمود والمقاومة، مستشهدا بتجارب سابقة مثل عملية "السور الواقي" عام 2002.

ويؤكد الحيلة أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد "نزوات شباب" أو خواطر عابرة، بل هي قضية وطنية مرتبطة بحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية التي يسعى لانتزاعها بالقوة في ظل انسداد الأفق السياسي.

ويشير إلى أن تجربة غزة تشكل دليلًا حيًا على أن العمليات العسكرية الإسرائيلية، مهما بلغت حدتها، لن تنجح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

في هذا السياق، أشار الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، ياسر مناع، إلى أن العملية "كشفت محدودية الإجراءات الأمنية الإسرائيلية، رغم استخدام القوة المفرطة في القتل والتدمير والاعتقالات المستمرة". وأضاف أن "نجاح المنفذ في تجاوز الإجراءات الأمنية الصارمة والوصول إلى نقطة الاشتباك القريبة يعكس فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها".

رأى مناع، أن "العملية تمت وفق تخطيط دقيق، حيث تمكن المنفذ من تضليل الأجهزة الأمنية للاحتلال، والتسلل إلى الموقع المستهدف، ثم الاشتباك من مسافة صفر وقتل الجنود، رغم أن حاجز تياسير يُعرف بتشديده الأمني واستنفاره المستمر".

وحول حجم الخسائر، أكد مناع أن "تمكن منفذ العملية من قتل جنديين وإصابة آخرين يبرز الأثر الكبير لهذه العملية على الاحتلال، الذي يدّعي قدرته على القضاء على المقاومة. وأضاف أن عجز إسرائيل عن منع هذه العملية قد يدفعها إلى تصعيد عدوانها، ومحاولة تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة المقاومة المسلحة".

من جهته، وصف الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني خالد معالي العملية بأنها "ضربة قاسية للمنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، خاصة أنها جاءت بالتزامن مع تنفيذ عملية السور الحديدي".

وأشار في حديث مع "قدس برس" إلى أن نجاح المقاوم في الوصول إلى الحاجز العسكري، رغم التشديدات الأمنية، سيعزز معنويات المقاومين وأبناء الضفة الغربية، ولا سيما سكان المناطق المستهدفة بالعدوان الإسرائيلي".

وأعرب معالي عن اعتقاده أن سبب فشل الاحتلال في منع هذه العمليات هو "استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في تدمير المخيمات والقرى لم ينجح في منع العمليات الفردية". وأضاف: "التجربة تؤكد أن واقع الضفة لن يتغير، وأن المقاومة مستمرة، خصوصًا مع وجود مجموعات مسلحة أو أفراد يعملون بسرية تامة، ما يعرقل مخططات الاحتلال للقضاء على المقاومة".