بين ركام منزلهم المدمر، يتنقل أحمد الحلبي بخفة وسرعة، مرافقًا والدته وإخوته في محاولة لجمع ما تبقى من ملابس وأغراض شخصية من تحت الأنقاض.
المنزل الذي كان يومًا ما ملاذًا آمنًا لعائلة الحلبي المكونة من عدة أفراد، تحول اليوم إلى كومة من الحجارة والخراب بعد أن دمرته قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال توغلها الأخير في شمال قطاع غزة، بالقرب من دوار الصفطاوي.
أحمد، البالغ من العمر 15 عامًا، يواصل التنقل بين الأنقاض، محاولًا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مقتنيات أسرته. وفي كل مرة يعثر فيها على قطعة ملابس أو أي شيء قابل للاستخدام، يطلق صيحة فرح عالية، معلنًا لأسرته عن عثوره على شيء مهم وسط هذا الدمار الشامل.
فرحة منقوصة
رغم الفرحة العابرة التي يعيشها أحمد كلما عثر على شيء مفيد، إلا أن الحزن يطغى سريعًا على مشاعره عندما يتذكر حجم الدمار الذي لحق بمنزله، الذي كان في يوم من الأيام ملاذًا آمنًا له ولعائلته، وأصبح الآن مجرد أنقاض لا يمكن التعرف على ملامحها.
وبالقرب من أحمد، وقفت والدته تراقب المشهد بنظرات مليئة بالأسى، قائلة: "دمر الاحتلال منزلنا وكل شيء هنا في محاولة لزعزعة صمودنا ومعاقبتنا على تمسكنا بأرضنا، لكنه واهم. رغم هذه الظروف القاسية، سنبقى ثابتين، فنحن أصحاب الأرض الأصليين ولن نتخلى عنها مهما كلفنا الأمر."
كانت عائلة الحلبي تعيش في منزل مكون من سبعة طوابق، مما جعل تدميره ضربة قاسية ومؤلمة. ومع ذلك، يظل أحمد وأسرته متمسكين بالمنطقة التي عاشوا فيها طوال حياتهم. وعلى الرغم من التدمير الذي طال كل شيء من حولهم، إلا أن عائلة الحلبي لم تسمح لهذا الواقع المأساوي أن يثنيها عن البقاء على الأرض التي تعتبرها حقًا من حقوقها.
أصحاب الأرض
وتقول والدة أحمد لـ "فلسطين أون لاين": "لا يمكننا أن نغادر، نحن هنا منذ الأزل، وهذه أرضنا التي نحبها وسندافع عنها بكل ما نملك."
وتضيف: "الدمار الذي لحق بمنزلنا ليس حالة فريدة، بل هو جزء من مأساة أكبر يعيشها مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة. الهدف من هذا التدمير الممنهج ليس فقط إلحاق الأذى بالمدنيين، بل محاولة دفعهم للتخلي عن أرضهم وتهجيرهم قسرًا، لكن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه."
وتتابع: "إذا كان الاحتلال يعتقد أنه سيكسرنا بهذا التدمير، فهو مخطئ. نحن لن نترك أرضنا، وسنظل نقاوم بكل ما أوتينا من قوة."