في مواجهة حرب الإبادة "الإسرائيلية" التي استمرت طوال عام 2024 برز دور المقاومة الفلسطينية التي أثبتت أنها عصية على الانكسار والاستسلام، وجسدت معاني الصمود والتحدي والبطولة، لتوجه رسالة للمحتل أن غزة ستبقى مقبرة الغزاة.
الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، وصف هذا العام بـ"الصمود الأسطوري"، مشيرًا إلى أن المقاومة واجهت العدوان بمنطق المنتصر، رغم الكتلة النارية الهائلة التي استخدمها الاحتلال.
وشدد أبو زيد في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" أن أبرز ملامح العدوان الاسرائيلي في غزة خلال 2024 الاستمرار بالقتال بمنطق المنتصر وبكتلة نارية كبيرة أدت الى التدمير والقتل الممنهج مع فقدان بوصلة الأهداف العسكرية حيث لم يعد لدى الاحتلال ما يقدمه من عمل عسكري في غزة وفشل المستوى العسكري بتحقيق اهداف المستوى السياسي حيث لم ينجح بالقضاء على المقاومة ولم يجرد المقاومة من اسلحتها ولم يحرر الاسرى بالقوة.
واستخدم الاحتلال كتلة نارية ضخمة قدرتها بعض المصادر بـ 25 الف طن من المتفجرات وهذه الكمية تعد الاكبر في تاريخ الصراعات المسلحة اذا ما قارنه ذلك بقصف مدينة دردسن الالمانية في الحرب العالمية الثانية بـ 6500 طن من المتفجرات، وفق أبو زيد.
ورغم هذا التدمير الممنهج، فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه المعلنة؛ لم يتمكن من القضاء على المقاومة، أو تجريدها من أسلحتها، أو تحرير الأسرى بالقوة.
يشير الخبير أبو زيد أن الخسائر في آليات واسلحة الاحتلال ظهرت في النصف الثاني من عام 2024 حيث بدأ الاحتلال يستخدم ناقلات ازخاريت وهي دبابات تي 55 من الحقبة السوفيتية اعاد الاحتلال بناءها كناقلات جنود ما يشير الى حجم الخسائر في ناقلات الجنود المتطورة النمر التي كان يستخدمها جيش الاحتلال في غزة منذ بدأ العملية العسكرية يضاف الى ذلك ان النقص في الذخيرة بدأ ايضا يظهر في قوات الاحتلال حيث بدأ بعد اكثر من 14 شهر من القتال ربوتات متفجرة داخل احياء غزة ما يؤكد ان هناك نقص في ذخائر المدفعية 155 ملم وذخائر الدبابات 122 ملم وصواريخ الطائرات يضاف لذلك خشية اجنود الاحتلال من الدخول في الاحياء السكنية خوفا من كمائن المقاومة.
واشار ابوزيد الى ان التدمير المممنهج الذي يقوم ب الاحتلال خاصة في شمال غزة تطبيقا لخطة الجنرالات التي بدأت قبل 83 يوم ولم ينجح فيها لغاية الان حيث يحاول لغاية الان تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة الا ان هذه المحاولات فشلت ولم يسجل بعد 453 يوم ان انقلبت الحاضنة الشعبية على المقاومة في غزة.
تكتيكات المقاومة
ولفت ابوزيد الى ان ابرز ملامح التحول في تكتيكات المقاومة ظهر مؤخرا باالتحول نحو تكتيكات حروب الشوارع وهي احد انواع المقاومة الشعبية باستخدام السلاح الابيض والتفجير بالاحزمة الناسفة والقنابل اليدوية ما يشير الى ان المقاومة ال تزال قادرة على التكيف مع مسرح العمليات وطريق قتال قوات الاحتلال ويعزز فكرة الارادة لدى المقاومة وامكانية التحول نحو المقاةومة الشعبية باستخدام اساليب اكثر إيلاما للاحتلال في الوقت الذي يلاحظ فيه ان هذا النوع من العمليات انحصر في المنطقة الجغرافية بين تل الزعتر وجباليا والتي شهدت تدميرا كليا من قبل الاحتلال ما يعني ان المقاومة في هذه المنطقة قد تكون تعرضت لنقص كبير في السلاح لكن تكيفت مع ذلك بالتحول نحو قتال الشوارع .
أبرز العمليات
وكانت ابرز العمليات العسكرية التي نفذتها المقاومة في غزة سلسلة الكمائن في رفح جنوب غزة بالقرب من الشارع الذي استشهد فيه السنوار بالاضافة الى الاحترافية في التعامل مع اهداف الفرصة من خلال القنص وتدمير الاليات حتى ان استمرار المقاومة باطلاق الرشقات الصاروخية على عسقلان وغلاف غزة بالاضافة الى استخدام صاروخ سام 7 ضد مروحية اباتشي للاحتلال مؤشر على امكانية المقاومة باعادة انتاج نفسها رغم كل التدمير الذي وقع في غزة .
إقليم غائب
بحسب الخبير العسكري اللبناني ناجي ملاعب، حصل الاحتلال على دعم غير مسبوق من الولايات المتحدة، التي زودته بـ70 ألف طن من الأسلحة خلال 2024، إضافة إلى دعم من الدول الأوروبية وحلف الناتو. في المقابل، غاب الدور العربي والدولي، مما أتاح لإسرائيل المضي في عدوانها.
وقال ملاعب لـ"فلسطين أون لاين": إن ما حصل في حي الشجاعية في الثلث الاول من ٢٠٢٤ عندما استهدف اللواء جولاني وفقد مجموعة من ضباطه على ايدي المقاومين واضطر للخروج من الشجاعية وكامل غزة لاعادة تنظيم قواته.. وانتهى العام ببسالة مشهودة للمقاومة في شمال غزة. هذا كان دليل على صلابة المقاومة وقوتها .
عام 2025: تساؤلات وآفاق
مع بداية عام 2025، تتزايد المؤشرات على إمكانية انتهاء العمليات العسكرية تحت مسمى هدنة إنسانية أو وقف مؤقت لإطلاق النار. ويرى الخبراء أن الصراع أصبح معقدًا، حيث صمدت المقاومة ولم تُهزم، بينما فشل الاحتلال في تحقيق نصر حاسم.
لكن التحديات القادمة تطرح تساؤلات -وفق الخبير ملاعب- حول مستقبل الصراع، خاصة في الضفة الغربية، حيث قد تتحول المقاومة إلى استنزاف مشابه لما حدث في غزة. يظل السؤال مفتوحًا: هل يمكن أن تمتد روح الصمود إلى الضفة، أم ستبقى غزة وحدها الساحة الأساسية للصراع؟
رحل عام 2024 بعد أن رسّخ حقيقة أن الاحتلال قد ينجح في التدمير، لكنه لا ينتصر، بينما المقاومة تُثبت أنها قادرة على الصمود والتكيف، مهما كانت الظروف.