فلسطين أون لاين

حصل على جائزة الاتحاد العربي..

تقرير الشَّهيد "المصدر".. المعطاء في ميدان الرِّياضة والعمل الخيريِّ

...
الشَّهيد "المصدر".. المعطاء في ميدان الرِّياضة والعمل الخيريِّ
غزة/ فلسطين أون لاين:

لم يتوقف القصف على قطاع غزة منذ عام و85 يومًا، كما لم تتنفس فيها الأسر الصعداء، وما زال ألم الفراق ووجعه الممض يسكن نفوسها بعد أن فقدت أحبابًا لها في قصص مؤثرة.

في الأسرة الرياضية والمحافظة الوسطى عم الحزن بعد الإعلان عن خبر استشهاد الكابتن هاني المصدر، أحد أبرز لاعبي كرة القدم في فلسطين خلال العقدين الماضيين ومدرب المنتخب الأولمبي، بعد اصابته بشظايا صاروخ "إسرائيلي" سقط أمام منزله فارتقى شهيدًا.

لعب الشهيد المصدر لعدة أندية أبرزها خدمات المغازي والزوايدة وغزة الرياضي، حيث لعب في  صفوف الأخير أكثر من 15 عام، وقاد نادي غزة الرياضي للحصول على بطولة كأس غزة عام 2010، وشارك في عدة معسكرات خارجية للمنتخب الوطني، كما حصل على لقب أفضل صانع ألعاب في فلسطين في عدة استفتاء.
 
عُرف الشهيد بين نفره ورفقته شخصاً ناصحاً محبوباً كريماً سمحاً نقي السريرة، فهو الساعي في أمر الجماعة و شؤون الناس، حيث شكل لوحده حاضنة للرياضيين النازحين في المحافظة الوسطى، حيث عمل على تأمين وصول المعونات وتوفير ملجأ وسكن للقادمين من شمال غزة.

64a95b00-f5f1-4b82-a92b-c8a55bcecc49.jpeg
أبدع الشهيد المصدر في الملعب بتمرير الكرات للمهاجمين وسجلوا منها الأهداف، وكذلك بتوجيهاته للاعبين من خلف الخطوط وأدار المباريات بكفاءة عالية، وفي ميدان العمل الخيري كانت البصمة واضحة وفي مواطن متعددة.

خاطر المصدر بحياته كثيرا من أجل تقديم يد العون والمساعدة للرياضيين الذين تقطعت بهم السبل بسبب الحرب الصهيونية المتواصلة، حيث كان تحت القصف وفي الظلام الدامس يتحرك ويصل للأصدقاء من أجل الوقوف بجانبهم.

حصل الشهيد المصدر على جائزة الاتحاد العربي للثقافة والرياضة للمبادرات الشبابية، كونه مسئول مبادرة أهل الخير  في قطاع غزة، وتسلمها نيابة عن عائلته الدكتورة سبأ جرار صاحبة فكرة المبادرة،  قبل قدوم عائلة الشهيد للعاصمة المصرية القاهرة.

وعمل الشهيد المصدر من خلال تلك المبادرة برفقة صهره ياسر أبو مرق على توصيل النازحين من شمال غزة لأماكن سكنهم في منطقة الجنوب، حيث كان العديد من الناس قد وصلوا سيرا على الأقدام، بالاضافة لتقديم الدعم المالي واللوجستي لهم.

تقول زوجة الشهيد المصدر ابتهال أبو مرق لـ "فلسطين أون لاين": " كان هاني رحمه محب للجميع، شخص معطاء، بذل كل ما بوسعه لخدمة النازحين خاصة الرياضيين منهم، واستضاف العشرات في منزله، كان يبحث في كل مكان ويستغل علاقاته لتوفير المستلزمات للضيوف".

وأضافت أبو مرق، " كان زوجي يرفض النزوح من المنزل لأي سبب، وبما أن المنزل يقع  في قرية المصدر، في الجهة الشرقية لشارع صلاح الدين، كنا نشعر أحيانًا بالخطر وتغادر معظم العائلة المنزل باتجاه قرية الزوايدة، لكنه يرفض النزوح ويبقى وحيدًا، رافضًا فكرة الخروج من المنزل نهائيًا".

لحظة الاستشهاد ..

تفاجأ الجميع بنبأ استشهاد هاني، حيث كان جالسًا وسمع فجأة صوت حزام ناري بالقرب من منزله، وذهب مسرعًا للاطمئنان على أهله، وفي ذات اللحظة سقط صاروخا على المكان، وأصيب بشظايا في الرقبة، وتم نقله للمستشفى وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة رحمه الله، ليترك خلفه أسرة مكونة من 5 أبناء 3 منهم من البنات واثنين من البنين. 

وتوجهت أبو مرق بالشكر للسيدة سبأ جرار على مجهودها الكبير في تأسيس المبادرة، وكذلك لصديق الشهيد الكابتن إيهاب أبو جزر، الذي قام بترشيحه لقيادة المبادرة في قطاع غزة، نظرا لثقته الكبيرة به في توصيل الأمانات لأهلها، وكذلك للكابتن محمد مهنا الذي رفيق درب الشهيد في كل المواقف.

شخصية مثالية ..

محمد مهنا صديقه المقرب له وعديله وزميله في الملاعب، وشريكه في عالم التدريب، أكد أن المصدر شخصية مثالية بكل معنى الكلمة، حيث كان يحب الخير للجميع حتي في فترة ما قبل الحرب، ويتنازل عن أشياء شخصية من أجل الأخرين، بالاضافة للكرم والجود الذي كان يتميز به، لدرجة أنه كان هو من يتصل على أصدقائه ويطلب منهم استضافتهم، وهذه صفات قليل ما تجدها بين الناس في الوقت الحالي.

 وأوضح مهنا، "عايشت المصدر لسنوات طويلة، فهو شخص كان دائما يحب العطاء وتقديم الخدمة، وصاحب المواقف الصعبة والنخوة، ولا يهاب من قول كلمة الحق، وبعد استشهاده شعر الكثير بفراغ كبير، وظهر مدى ما كان يقدمه المصدر لهم في فترة يعيش فيها الناس ظروفا هي الأسوأ في تاريخهم، بالفعل فقدانه خسارة كبيرة للوطن وللأسرة الرياضية".

أصبح الشهيد المصدر رمزية رياضية وطنية، لما قام به من دعم ومساندة لأبناء شعبه، علما أنه نجل الشهيد عبد الحكيم المصدر، الذي استشهد خلال الحرب على قطاع غزة عام 2014.