فلسطين أون لاين

​قطف البلح.. موسمٌ تتحقق فيه "راحة البال"

...
جانب من قطف ثمار البلح - تصوير ربيع أبو نقيرة
خان يونس - ربيع أبو نقيرة

موسم قطف البلح، كما باقي مواسم قطف الثمار، كالحمضيات الموسمية والزيتون، فيه تجتمع الأيادي على قلب رجل واحد، وتسود أجواء الفرح والسعادة، كل شخص في المزرعة يعرف جيدا المطلوب منه بالضبط، اعتاد على تنفيذه في كل موسم، مع إمكانية تبادل الأدوار بين العمال.

أهواؤهم مختلفة، وطباعهم كذلك؛ لكن قلوبهم وجوارحهم اجتمعت في موسم قطف البلح وحول أشجار النخيل، في صباح باكر يبعث فيهم الأمل وحب الحياة.

أكثر ما يميزهم البساطة، والعفوية في حديثهم وردود الأفعال، وطيبة قلوبهم، وأول ما بدر حين زرناهم في المزرعة بمنطقة "مواصي خان يونس"، جنوب قطاع غزة، الترحيب الحار والمتكرر.

استمتاعٌ ورزق

الهدف من الزيارة، كان الحديث عن موسم قطف البلح، والتقاط بعض الصور ومقاطع الفيديو على عجل، لكن الأمر استغرق ساعات عدة، لا سيما أن مرافقتهم في العمل لا تُمل، وقد بدأنا النهار معهم بارتشاف فنجان قهوة صنعوها على نار الحطب.

مزرعة جوافة هنا، وبجانبها مزرعة زيتون، وغيرهما من أشجار الحمضيات، والخضروات، تحفها أشجار النخيل الشامخات، وتفصل بينها أجمل الطرقات، مشهد ينثر الطمأنينة والسعادة على داخل المنطقة، ويشرح الصدر ويبعث الراحة في النفس.

التقينا بالمزارع الشاب "سالم الأغا"، ومعه عدد من العمال، بعضهم يعمل مقابل أجرة مادية، والآخر يعمل لمنافع أخرى، منها الحصول على البلح والرطب التالف والنوى كطعام للدواب مثل الأغنام والماعز.

الأغا وهو "الطَلَّاع"، وظيفته الأساسية الصعود إلى أعلى النخلة وهزّ رطبها وقطف بلحها، وذلك العمل هو الأكثر تعبا وإنهاكا؛ لكنه اعتاد عليه منذ صغره، بل ويُعرب عن استمتاعه بقدوم موسم قطف البلح كونه موسم رزق ينتظره كل عام.

يصعد الشاب إلى أعلى النخلة حافي القدمين، بمساعدة "المِطْلاع"، وهو عبارة عن حبل ليفي عريض، ملفوف حول خصره، مربوط بحبل آخر يلتف حول النخلة، ليمكنه من الصعود والنزول والالتفاف حول الجذع.

كما يلتف حول خصره حزام فيه الساطور الذي يقطع فيه سيقان "القنوان"، بعد أن يهزها لإسقاط الرطب منها، وهو البلح الذي ينضج مبكرا ليصبح لونه أسمرا، في "المَشَنَّة"، التي هي سلة كبيرة من القش أو البلاستيك، ويتحكم في رفعها إلى النخلة وإنزالها على الأرض عن طريق حبل يمسكه بيديه ويعلقه في "المطلاع".

أما قنوان البلح، فيُنزلها من أعلى النخلة، والتي قد يصل طولها لثمانية أمتار، بطريقة فنية، من خلال تمريرها على حبل مشدود من أعلى النخلة إلى الأرض بزاوية حادة، فيلتقطها أحد العمال ويضعها على فراش من النايلون لعزلها عن الأتربة.

أما باقي العمال، فينشغلون بجمع الرطب والبلح المتساقط من الهز على الأرض، ويضعونه فوق "فُرُش"، ويلتفون حوله للبدء بعملية الفرز، بحيث يتم إخراج الرطب والبلح، ثم إبقاء التالف منه لاستخدامه كعلف للحيوانات.

الأغا يوضح أن الموسم يمر بأربع مراحل، وهي التلقيح، ثم التقليم، ثم تربيط القطوف، ثم قطف الثمر، قائلا: "نجد صعوبات كبيرة في تصريف البلح، كونه ينضج في آن واحد، كما أن الحصار يؤثر على تصديره، مما يضطرنا لتسويقه محليا بأسعار زهيدة".

تصدير

بدوره، يقول رئيس جمعية خان يونس الزراعية التعاونية ناهض الأسطل، إن جمعيته تجمع ثمار البلح وتصدرها إلى الضفة الغربية عبر معابر الاحتلال، مضيفا: "التصدير يحل مشاكل التخزين، لا سيما أن كميات كبيرة تتلف لسوء تخزين بعض المزارعين للثمار".

ويلفت في حديثه لـ"فلسطين" إلى أنه في الأعوام السابقة اضطرت جمعيته لتخزين كميات من البلح في ثلاجات وإخراجه رطبا بعد أشهر، مشيرا إلى أن المزارعين اتبعوا هذا الموسم طريقة جديدة تؤخر نضوج البلح وتساهم في إبقائه على النخيل لمدة عشرين يوما إضافية.

ويوضح الأسطل: "صدّرنا العام الماضي 100 طن من البلح الأحمر البرحي، ونعكف هذا العام على تصدير كميات جديدة، أولها 10 أطنان".