الحصول على علامة تجارية معتمدة وتخصيص مكان لصناعة المفتول بأريحية وتوسعة فريق العمل، كان الشيء الذي أثلج قلبا سائد تايه وزوجته إيمان وهما يريان مشروعهما المنزلي يكبر أمامها يوما بعد يوم، وفي غمرة انشغالهما بتوسعة المشروع انقلبت الأوضاع في قطاع غزة إثر "حرب الإبادة" الإسرائيلية المستمرة بعامها الثاني فقد عاد المشروع لنقطة الصفر ولكنهما صمما على استئنافه وسط عقبات جمة.
تطور لافت
يعود تايه بالذاكرة إلى البدايات الأولى للمشروع قبيل "جائحة كورونا" بفترة بسيطة، " بدأنا عن طريق التسوق الالكتروني في البيت وجاءت الجائحة وأثرت علينا سلبًا وبعد انتهائها بدأنا توسيع العمل شيئًا فشيئًا، فقد كان في البداية يعتمد على تلبية طلبيات الأصدقاء والمعارف".
ويضيف: "أصبح لدينا طلبيات أكبر حجمًا لتلبية احتياجات مناسبات عائلية للزبائن ووسعنا فريق العمل وانضمت لنا سيدتان وقبيل الحرب بفترة بسيطة أصبح الفريق مكون من تسعة أفراد".
ويمضي بالقول: "اشتريت شقة في الطابق الأرضي في العمارة التي تسكن فيها (في مخيم جباليا) وقمت بتهيئته ليتم صناعة المفتول فيه، وحصلنا على ترخيص رسمي من وزارة الاقتصاد بغزة للتوزيع على المحال والمراكز التجارية".
ويشير تايه إلى، أنه قبيل الحرب بأسبوعين فقط كانوا يوزعون منتجهم على 32 نقطة بيع من شمال القطاع لجنوبه وكان هناك إقبال كبير جدًا من الزبائن، مردفًا: "فقد كنا المطبخ الأول للمفتول على مستوى القطاع خاصة أن أصولنا تعود لقرية بيت داراس المهجرة عام ٤٨م المشهورة بصناعة المفتول".
وقد كان الزوجان تايه سعيدان بعد أن تميزت منتجاتهما باسم وغلاف مخصص وأصبح لهم علامة تجارية تميزه، لكن السعادة لم تدم طويلا إذ اندلعت الحرب واضطرت للنزوح للجنوب دون أخذ أي من معداتهم.
يقول سائد: "خلال اول شهرين من النزوح لم يكن الدقيق متوفرًا، وعندما توفر في الشهر الثالث عدنا للعمل واشترينا قرابة خمسة آلاف شيكل معدات كنا حينها في خانيونس ثم أخرجنا جيش الاحتلال منها عن طريق " الحلابات" فخسرنا ما أسسناه".
النزوح المتكرر
ومن ثم نزح الزوجان تايه إلى رفح، " أثناء تواجدنا فيها دمر الاحتلال بيتنا في بيت لاهيا والمصنع الخاص بنا بمعداته باهظة الثمن كجهاز للتبريد السريع كنا نستخدمه لتبريد المفتول خلال دقائق وتوريده لنقاط البيع ( ثمنه قرابة خمسة عشر ألف دولار)".
وبرغم ألم خسارة مشروع العمر في الشمال، قرر الزوجان استئناف مشروعها للمرة الثانية خلال النزوح واشتريا معدات جديدة ، "كانت سعار المواد الخام باهظة فكيلو البصل بستين شيكل وعلبة السمنة بخمسين شيكل بجانب تكلفة استئجار مكان لكننا كنا نبيع بشكل جيد".
ولكن لم يستمر الحال على ما هو عليه كثيرًا "نزحنا من رفح بشكل مفاجيء وتركنا أدوات العمل فلم يكن أمامك سوى الهرب بنفسك وأولادك".
وكانت رحلة النزوح الثالثة إلى دير البلح، " استانفنا العمل شرق الدير وعندما توغلت قوات الاحتلال هناك تم سرقة محتويات المكان لكنني استأنفت العمل من مكان أخر والبيع للأشخاص والمؤسسات ثم توقفنا لفترة لصعوبة الوضع الاقتصادي".
ويشرح تايه بالقول: "ومنذ اسبوعين قمت بصناعة الأدوات الخاصة بالمفتول بطريقة يدوية وأستاجرت " بركس" واشتريت قدور ومناصب ( تكاليف باهظة جدًا) للتمكن من إنتاج كميات كبيرة للمؤسسات الراغبة بذلك".
وأعرب عن أمنيته بان يكونوا بديلًا جيدًا يعتمد عليه المبادرون وأصحاب التكيات كنوع من التغيير عن وجبات الأرز والبقوليات التي مل منها الناس.
ويلفت إلى، أن فريق العمل مكون حاليًا من ست أشخاص" ونستطيع إنتاج وجبات تكفي لثلاثة آلاف شخص يوميًا ولدينا نقاط بيع في خانيونس ودير البلح والنصيرات.
ويخلص بالقول، "رغم الطلب الكبير إلا أننا نواجه عقبة ارتفاع أسعار المواد الخام حيث أن كيس الدقيق حاليًا سعره مئة دولار ما يعني أننا لن نستطيع بيع كيلو المفتول باقل من أربعين شيكل".