أدلى أهالي بعض الجنود الإسرائيليين الذين أصيبوا بصدماتٍ نفسية واضطرابات عقلية بفعل المعارك الدائرة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفق ما نشرت شبكة "سي أن أن" الأميركية.
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن والدة الجندي إيليران مزراحي، جندي الاحتياط الإسرائيلي، لـ"سي أن أن" إنّ ابنها عاد من غزة "شخصاً مختلفاً ومصاباً بصدمة بسبب ما شهده في الحرب".
وأضافت متحدّثة عما تركته الحرب على غزة من أثر فيه: "لقد خرج من غزة، لكن غزة لم تخرج منه. ومات بعد ذلك بسبب الصدمة التي تعرّض لها".
وبحسب الموقع، قال "الجيش الإسرائيلي إنه يقدّم الرعاية لآلاف الجنود الذين يعانون اضطراب ما بعد الصدمة أو الأمراض العقلية الناجمة عن الصدمات التي تعرّضوا لها أثناء الحرب. ومن غير الواضح عدد الجنود الذين انتحروا، لأن الجيش الإسرائيلي لم يقدّم رقماً رسمياً".
وصرّح أحد الأطباء في الجيش الإسرائيلي الذي خدم 4 أشهر في غزة للشبكة الأميركية، شرط عدم الكشف عن هويته: "الكثير منا خائفون للغاية من التجنيد مرة أخرى للمشاركة في حرب في لبنان. كثيرون منا لا يثقون بالحكومة في الوقت الحالي".
وأشار جنود إسرائيليون قاتلوا في غزة، في حديثهم إلى أنهم شهدوا أهوالاً لا يمكن للعالم الخارجي أبداً أن يفهمها حقاً.
وعقّب الموقع على شهاداتهم بالقول: "تقدّم رواياتهم لمحة نادرة عن وحشية ما أطلق عليه المنتقدون "الحرب الأبدية" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والثمن غير الملموس الذي يفرضه على الجنود المشاركين".
وأضاف: "بالنسبة إلى العديد من الجنود، فإن الحرب في غزة هي معركة من أجل بقاء إسرائيل، ولا بد من الفوز بها بأي وسيلة، ولكن المعركة تفرض أيضاً ضريبة نفسية تظل مخفية إلى حد كبير عن الأنظار بسبب وصمة العار".
وبحسب الموقع، تبيّن أن أكثر من ثلث الجنود الذين تم إبعادهم من القتال يعانون مشكلات تتعلق بالصحة العقلية. وفي بيان صدر في آب/أغسطس، قالت إدارة إعادة التأهيل التابعة لوزارة الأمن الإسرائيلية إن أكثر من ألف جندي جريح جديد يتم إبعادهم من القتال كل شهر لتلقّي العلاج، ويشكو 35% منهم من حالتهم العقلية، فما يعاني 27% منهم "رد فعل عقلياً أو اضطراب ما بعد الصدمة".
رجحت تقارير أمنية "إسرائيلية"، تزايد بنسبة عدد المصابين في صفوف جيش الاحتلال بأزمات نفسية حتى العام 2030، بنسبة 172%، فيما رصدت نسبة الإعاقات النفسية 61%.
وتشير المعطيات ذاتها، إلى أن دائرة تأهيل الجنود المعاقين في الجيش كانت تعتني بحوالي 62 ألف معاق، بينهم 11 ألفا مصابين بإعاقات نفسية.
ولأول مرة، ووفقًا لتوقعات وزارة الأمن، فإن عدد المعاقين سيرتفع إلى 78 ألفا بحلول نهاية العام الحالي، بينهم 15 ألفا مصابون بإعاقات شديدة، وأن هذا العدد سيرتفع إلى 100 ألف في العام 2030، مسجلا بذلك زيادة بنسبة 61%، بينهم 30 ألفا مصابون بإعاقات نفسية، أي بزيادة عدد المعاقين النفسيين بنسبته 172%.
وحول الميزانية المالية لدوائر تأهيل الجنود المعاقين، أفادت المعطيات ذاتها، أنها بلغت 3.7 مليار شيكل، في العام 2019، إلى 10.7 مليار شيكل في العام 2030، حسبما ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" نقلا عن معطيات وزارة الأمن، اليوم الخميس.
وتتوقع وزارة الأمن ارتفاع ميزانية عائلات الجنود القتلى من 1.8 مليار شيكل في العام الماضي إلى 4.2 مليار شيكل بحلول نهاية العام الحالي، وإلى 6.2 مليار شيكل في العام 2030.
إلا أن التقديرات تشير إلى أن هذه المعطيات سترتفع أكثر بكثير في حال اتساع الحرب لتشمل لبنان وربما مناطق أخرى، وسيستهدف فيها مدنيون وجنود إسرائيليون، سيسقطون بين قتيل وجريح.
وأضافت المعطيات أن دائرة تأهيل الجنود المعاقين اعترفت بإعاقة 10,646 جندي منذ بداية الحرب على غزة وحتى الآن، وأن أكثر من ألف جندي معاق يعترف بهم شهريا.
ومنتصف أبريل/ نيسان الماضي اعترف الجيش الإسرائيلي بـ"إعاقة" أكثر من 2000 جندي وشرطي وعنصر أمن، منذ بداية حربه على قطاع غزة، وفق ما نقله موقع "واللا" الإخباري العبري عن معهد السلامة والأمن التابع لوزارة العمل الإسرائيلية.
وأضاف الموقع وقتها، أن "نسبة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في النوم، ارتفعت من 18.7 بالمئة الصيف الماضي، إلى 37.7 بالمئة، أي بزيادة 101 بالمئة".
وأوضح أن "الإبلاغ عن المعاناة من ضغوط عالية ارتفع إلى 43.5 بالمئة أثناء الحرب، بزيادة نحو 78 بالمئة".
ومنذ 7 أكتوبر تشن (إسرائيل) حربًا مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، خلفت أكثر من 122 ألف شهيد وجريح فلسطيني، ما أدخل "تل أبيب" في عزلة دولية وتسبب بملاحقتها قضائيا أمام محكمة العدل الدولية.
وتواصل "إسرائيل" حربها رغم قرارين من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.