في ظل تصاعد وتيرة الحرب "الإسرائيلية" واتساع رقعة المواجهات، تعيش دولة الاحتلال أزمة اقتصادية مُتفاقمة تتجلى في هروب رؤوس الأموال بشكل غير مسبوق إلى الخارج، فقد أدى غياب أي أفق سياسي واضح أو حلول مرتقبة لوقف الحرب إلى تفاقم المخاوف بين المستثمرين، مما دفعهم للبحث عن ملاذات آمنة بعيدًا عن الأوضاع المتوترة.
وتكشف البيانات المالية لعام 2024 عن خروج كبير للاستثمارات ورؤوس الأموال، في تحول جذري عما شهدته دولة الاحتلال في عام 2023 عندما كانت التدفقات المالية إيجابية.
ويرى الخبراء أن التحوّل يعكس انعدام الثقة المتزايد في قدرة الاقتصاد "الإسرائيلي" على الصمود وسط حالة من الضبابية السياسية والاقتصادية، مما ينذر بأزمة مستقبلية قد تكون لها تداعيات خطيرة على مختلف القطاعات.
وأوضح الخبير الاقتصادي د. ثابت أبو الروس أن أحد أبرز الأسباب التي دفعت المستثمرين إلى تهريب رؤوس أموالهم إلى الخارج هو غياب أي مؤشرات على قرب انتهاء الحرب، بالإضافة إلى السياسات المالية غير المستقرة لحكومة بنيامين نتنياهو.
وأضاف أبو الروس لـ"فلسطين أون لاين" أن المستثمرين يعتمدون على عدة مرتكزات لقراراتهم بالهروب، أهمها الغياب التام لأي مبادرات سياسية قد تسهم في وقف الحرب، وزيادة العجز المالي لحكومة الاحتلال بشكل ملحوظ".
وتابع أبو الروس" أن انخفاض معدل النمو الاقتصادي يجعل الاستثمار في دولة الاحتلال أقل جاذبية ويزيد من مخاطر تكبد خسائر كبيرة لا يمكن تعويضها.
ونوّه إلى أنه في ظل استمرار الحرب وغياب أي تعويض حكومي واضح للمستثمرين، فإن الاتجاه نحو تهريب الأموال إلى الخارج يُعد الخيار الأكثر أمانًا.
وفقًا لبيانات صحيفة "كالكاليست"، فقد حولت المؤسسات المالية الإسرائيلية ما يقرب (40.4 )مليار دولار منذ بداية أكتوبر 2023. إلى خارج دولة الاحتلال.
بدوره أكد الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب على أن تخارج رؤوس الأموال من دولة الاحتلال بصورة أكبر العام الجاري عما سبقه يُعد بمثابة مؤشر واضح على الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها دولة الكيان.
وأوضح أبو الرب لـ"فلسطين أون لاين" أن التخارج لا يقتصر فقط على المستثمرين الأفراد، بل يشمل أيضا المؤسسات المالية الكبيرة مثل صناديق الادخار والتقاعد، والتي عملت بنشاط على تقليل استثماراتها داخل دولة الاحتلال وفتح استثمارات بديلة في الخارج.
واستند أبو الرب في حديثه إلى بيانات مالية تظهر أن عام 2023، شهد تحويلاً لحوالي 5.6 مليارات دولار من دولة الاحتلال للخارج، ولكن في الأشهر الستة الأخيرة فقط، تضاعفت هذه التحويلات بمقدار سبعة أضعاف، مما يعكس الهلع الاقتصادي، والتوجه نحو البحث عن ملاذات آمنة بعيدا عن الصراعات والحروب المستمرة.
وحذّر من أن استمرار الحرب سيضعف الاستقرار المالي طويل الأمد لدولة الاحتلال، مما يجعلها تواجه تحديات أكثر تعقيدًا في المستقبل.
وقال أبو الرب لاشك أن دولة الاحتلال ستحتاج إلى اتباع سياسات تقشفية لتقليل العجز المالي المتزايد، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الإنفاق الحكومي في القطاعات الحيوية.
وأضاف أبو الرب أنه مع تزايد تكاليف الحرب وانخفاض الاستثمارات، فإن حكومة الإحتلال قد تضطر إلى اتخاذ قرارات صعبة فيما يتعلق بزيادة الضرائب وتقليل الإنفاق العام، مما سيؤثر على رفاهية السكان واستقرار الأسواق".
ويجدر الإشارة إلى أن تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية أكد أن الناتج المحلي الإجمالي "الإسرائيلي" شهد انخفاضًا بنسبة 20.7% في الفترة ما بين أكتوبر وديسمبر 2023.
والانخفاض الكبير يضيف عبئًا إضافيًا على الاقتصاد، حيث تتوقع الوزارة أن ينمو عجز الميزانية في عام 2024 بسبب النمو الاقتصادي الأقل من المتوقع، والتكاليف غير المتوقعة للحرب، ودعم الذين فروا من مناطق الحرب.