فلسطين أون لاين

يحيى السّنوار .. قائد فلسطيني هزم (إسرائيل) في حياته واسْتشهاده

...
غزة/ محمد عيد

"لم يمنح عدوه صورة نصر وزعزع وجود الكيان على أرض فلسطين"

"خدع" المؤسسة الأمنية داخل سجنه وأسس "الغرفة المشتركة" وقاد "طوفان الأقصى"

برحيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، شهيدا مشتبكًا، سجل التاريخ حكاية قائد فلسطيني هزم الكيان الإسرائيلي حيّا وميّتا.

 

ولد ونشأ في خان يونس وعرف بـ"ابن المخيم" و "المناضل العنيف"، وفي عام 1985 أوكله زعيم حركة حماس آنذاك الشهيد الشيخ أحمد ياسين تأسيس جهاز الأمن والدعوة "مجد" الذي تولَّى مقاومة الاحتلال وقمع "عملائه".

 

اعتقلته (إسرائيل) 3 مرات خلال الفترة 1980 -1989م، وحكمت عليه خلال اعتقاله الأخير 20 يناير/ كانون الثاني 1988 بالسجن المؤبد 4 مرات بتهمة تأسيس جهاز "مجد".

 

ووجهت أيضا له تهمة المشاركة بتأسيس الجهاز العسكري الأول للحركة المعروف باسم (المجاهدون الفلسطينيون).

 

وخلال فترة سجنه التي دامت أكثر من عقدين من الزمن، تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس.

 

قاد مفاوضات معركة "الأمعاء الخاوية" مع "إدارة السجون الإسرائيلية" خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام للمطالبة بحقوق الأسرى الفلسطينيين والتي كان أبرز محطاتها في أعوام 1992، 1996، 2000، 2004.

 

وخلال سنوات أسره، "خدع" رئيس الهيئة العليا لأسرى حماس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خلال مقابلة تلفزيونية آنذاك، قائلا: "نحن نعلم أن (إسرائيل) تمتلك أسلحة قوية ونووية ولا نستطيع تدميرها .. نحن نؤيد أية مقترح نحو الهدوء في المنطقة".

 

في 11 أكتوبر 2011م، أفرج الاحتلال عن السنوار ضمن صفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار" مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة صيف 2006م.

 

لم يسترح الأسير المحرر ولم يتفرغ كثيرا لحياة الحرية، شارك في العام التالي 2012م بالانتخابات الداخلية لحركة حماس وتولي كـ(عضو في المكتب السياسي) مسؤولية الإشراف على الجهاز العسكري كتائب القسام.

 

وبعد ذلك، فاز السنوار برئاسة حركة حماس لقطاع غزة وذلك في انتخابات داخلية عام 2017م، ولاحقا في انتخابات 2021م.

 

حاول تكرارا ترتيب البيت الفلسطيني مع حركة "فتح" وقدم تنازلات حركية لأجل ذلك، وأشرف على إطلاق "مسيرات العودة" مارس 2018م قرب السياج الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة عام 1948م.

 

وفي ذاك العام أيضا، قاد تأسيس "غرفة العمليات المشتركة" بمشاركة 12 جناحا وذراعا عسكريا في غزة والتي خاضت عدة جولات عسكرية أبرزها "حد السيف" و"سيف القدس".

 

وصبيحة 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023م أعلن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف انطلاق معركة "طوفان الأقصى" فيما اتهمت (إسرائيل) السنوار بأنه "مهندس المعركة والعقل المدبر" للهجوم الكبير.

 

اتهامات وملاحقة

ولا تعد المعركة التاريخية المستمرة، محطة "إسرائيلية" جديدة في ملاحقة السنوار بل سبق ذلك قصف طائرات الاحتلال مكتبه الرئيسي في مدينة غزة ومنزله في خان يونس جنوب القطاع.

 

ووفقا للقناة "12" العبرية فإن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" شكّل وحدة خاصة لاغتياله.

 

اتهمته المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عدة مرات خلال العام الأول للحرب المستمرة أكتوبر 2023 حتى أكتوبر 2024م بالاختباء داخل أنفاق حماس برفقة عائلته.

 

واتهمته أيضا بالاختباء بين خيام النازحين وتارة أخرى بالاختباء "أمام الجميع في زي امرأة" بعد نجاته من محاولات إسرائيلية متعددة للقبض عليه.

 

لكن مصدر قيادي في حركة حماس كشف لتلفزيون "العربي الجديد" إبريل/ نيسان الماضي أن القائد السنوار، تفقد بنفسه مناطق شهدت اشتباكات مع قوات الاحتلال والتقى ببعض المقاتلين فوق الأرض.

 

وأكد أن "السنوار ليس معزولا عن الواقع هناك على الرغم من الحرب الدائرة والعمليات الاستخبارية الإسرائيلية التي لا تتوقف على مدار اليوم"، كما أكد أن زعيم حماس "يمارس عمله قائدا للحركة في الميدان".

 

وشدد المصدر على أن "الحديث عن أن السنوار قابع معزول في الأنفاق ما هو إلا زعم من جانب (رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وأجهزته ليغطي على فشله في تحقيق الأهداف المعلنة أمام الشارع الإسرائيلي وأمام حلفائه".

 

مقاتل شجاع

 

وبالفعل، أثبتت حادثة استشهاد السنوار الذي تولى رئاسة المكتب السياسي لحركته في أغسطس/ آب الماضي خلفا للشهيد إسماعيل هنية الذي اغتالته (إسرائيل) في طهران، صحة ودقة المعلومات الفلسطينية أمام زيف الرواية الإسرائيلية.

 

وبرأي الأمين العام لحركة المبادرة الفلسطينية د. مصطفي البرغوثي فإن استشهاد السنوار مشتبكا يتعارض مع رواية الاحتلال المتكررة خلال الحرب.

 

ورأي البرغوثي في مقابلة مع شبكة "cnn" الأمريكية أن الاحتلال و"نتنياهو" خاصة كانوا يحاولون البحث عن صورة انتصار، "لكن السنوار أعطاهم صورة مختلفة".

 

ودلل على ذلك بصورة ارتقاء السنوار شهيدا مرتديا جعبته العسكرية وسلاحه وهو ما يتعارض مع رواية "نتنياهو" والرواية الإسرائيلية.

 

وأشار إلى أن الرواية الإسرائيلية الرسمية زعمت تكرارا أنه "مختبأ بالأنفاق" و "متخفيا خلف المدنيين الفلسطينيين" وكذلك "متسترا بالأسرى الإسرائيليين".

 

وأكد أن الصور ومقاطع الفيديو التي سربها جنود الاحتلال أثبتت أن السنوار "كان مشتبكا وكان يقاتل فوق الأرض .. هذه الصورة تجعله كبطل لمعظم الفلسطينيين والعرب والذين يعارضون الاحتلال".

 

وذكر أن "السنوار أفشل مرة أخرى الإسرائيليين .. أفشل استخباراتهم التي لم تتمكن من الوصول إليه، ليس في 7 أكتوبر فقط بل طوال العام من المعركة".

 

وختم البرغوثي: "السنوار كان يقاتل شجاعا ولم يكن جبانا" بحسب زعم قادة الاحتلال.

 

وبالنسبة للكاتب الفلسطيني ساري عرابي فإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قتلت السنوار بـ"محض الصدفة" بعدما فشلت في الوصول إليه عاما كاملا.

 

وأوضح عرابي في مقطع فيديو أن السنوار زعزع كيان الاحتلال ووجوده على أرض فلسطين منذ توليه قيادة حركة حماس وصولا لمعركة "طوفان الأقصى".

 

وأشار إلى أن الشهيد المشتبك ظلل الكيان الإسرائيلي بعملية "طوفان الأقصى" وكذلك بلحظة الاشتباك الميداني في ميدان متقدم وهو أمر "يضرب السردية الإسرائيلية" التي روجت الأكاذيب طوال العام.

 

واستشهد السنوار الأربعاء الماضي في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال المتواغلة داخل حي السلطان غرب مدينة رفح.

 

وكشفت صور ومقاطع فيديو سربها جنود الاحتلال القائد المشتبك يحاول صد طائرة مُسيرة باستخدام عصا في يده.

 

وبالنسبة للكثيرين، أصبح السنوار مثالًا يحتذى لأجيال قادمة وأثارت اللحظات الأخيرة في حياته شعورا بالفخر والعزة بين الفلسطينيين والكثيرين من العرب والمسلمين.

 

المصدر / فلسطين أون لاين