رغم المجازر والمذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، لما تزل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على عهدها مع اتفاقية أوسلو، ولما تزل تحافظ على حق الإسرائيليين بالحياة الآمنة المطمئنة على أرض فلسطين، وذلك من خلال مواصلة التنسيق والتعاون الأمني مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
قبل ثلاثين سنة، كان التمسك ببنود اتفاقية أوسلو مبرراً بالمرحلة الانتقالية، التي تنتهي بتاريخ 4/5/1999، ولكن بعد مرور التاريخ المذكور، والمحدد لقيام دولة فلسطينية، فما هو المبرر لمواصلة التنسيق والتعاون الأمني؟ والمنطقة العربية تعيش حالة من الغضب والأحقاد على الصهاينة، وهم يذبحون بالسكين أطفال فلسطين في غزة والضفة الغربية، ويهجرون بالصواريخ والقذائف سكان شمال غزة، ويحاصرون الشعب الفلسطيني، ويجوعون الناس بشكل متعمد.
كان مشروع إقامة الدولة الفلسطينية مبررا ًغير مقبول لمواصلة عبادة اتفاقية أوسلو، ومواصلة طقوس التنسيق والتعاون الأمني، ولكن بعد انجلاء الأطماع الإسرائيلية بأرض الضفة الغربية، وبعد الممارسات الإرهابية المتواصلة لعشرات السنين بحق الشعب الفلسطيني، فما المبرر لمواصلة التمسك باتفاقيات أوسلو، والوقوف في قائمة الانتظار على أمل سقوط حكومة إسرائيلية، وقيام حكومة أخرى، لها مصلحة استراتيجية في التلاعب على حبال المفاوضات الكاذبة؟
وللتوضيح أكثر، ففي أغسطس 2024، 24، ومن خلال حديثة مع مجلة تايم، قدم نتانياهو رؤيته لمستقبل المنطقة، والتي تقوم على عناصر مركزية منها:
• رفض وجود دولة فلسطينية بالمطلق.
• إقامة جيوب محدودة من الحكم الذاتي في مناطق بالضفة الغربية، يحق لسكان الجيوب فيها التصويت لصالح مؤسسات الحكم المحدود.
. لا صلاحيات سيادية للفلسطينيين.
• اعتبار القدس بشقيها عاصمة دولة اليهود، تكريسا لمبدأ ضم الشرقية منها.
• السيادة الأمنية الشاملة على الأرض في يد إسرائيل.
• في قطاع غزة: تقوم إدارة مدنية بدعم من الشركاء الإقليميين، منزوعة السلاح.
وذاك هو جوهر المشروع الإسرائيلي، والذي تجمع عليه كافة الأحزاب الإسرائيلية، والذي يقوم على رفض مطلق لوجود دولة فلسطينية، لأنها تشكل تهديداً وجودياً لدولة إسرائيل، كما جاء في قرار الكنيست 18 يوليو 2024
مواصلة التنسيق والتعاون الأمني تفتح الباب أمام معادلة تسوية جديدة، تقفز عن قرار الأمم المتحدة 19/ 67 عام 2012، وتدير الظهر لقرار الأمم المتحدة الصادر في مايو 2024، ويتجاهل قرار "العدل الدولية" يوليو 2024، حول الهوية الفلسطينية للضفة والقدس وقطاع غزة ووحدتها الجغرافية، ويستخف بقرار "الجنائية الدولية" حول الولاية الفلسطينية على الأراضي المحتلة 1967
الأطماع الإسرائيلية لم تبق في يد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من مشاريع تفاوضية، تبيح لهم الحق في مواصلة التعبد في محراب اتفاقية أوسلو، ومواصلة تقديس التنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية؟