فلسطين أون لاين

"السلطة لم تتخذ موقفًا جادًا لحماية شعبنا"

خريشة: 7 أكتوبر مثّل نقطة تحوّل في الصّراع وأعادَ رسم الخارطة السّياسية للمنطقة

...
نابلس- غزة/ عبد الله يونس

أكد حسن خريشة، النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، أن يوم السابع من أكتوبر 2023، يمثل نقطة تحول في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويومًا مفصليًا كشف الكثير من الحقائق وأعاد رسم خريطة المواقف السياسية، سواء داخل فلسطين أو على المستوى الإقليمي والدولي.

جاء ذلك في حديث خاص مع "فلسطين أون لاين"، استعرض خلاله خريشة آرائه حول عدة قضايا تتعلق بالوضع الفلسطيني الراهن، بدءًا بتداعيات عملية "طوفان الأقصى" التي قادتها كتائب عز الدين القسام ويعيش الشعب الفلسطيني اليوم ذكراها السنوية الأولى، مرورًا بدور السلطة الفلسطينية في ملاحقة المقاومين في الضفة الغربية، ووصولًا إلى الموقف العربي ودور الشعوب في دعم القضية الفلسطينية.

وشدّد خريشة على أن العملية العسكرية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام، لم تكن مجرد هجوم عسكري بل محطة أعادت تأكيد قوة المقاومة وأظهرت للعالم أن محور المقاومة ما زال قويًا ومتماسكًا.

وقال: "نعيش 7 أكتوبر جديدة، لكن هذه المرة ليست في غزة، وإنما في شمال فلسطين المحتلة انطلاقًا من جنوب لبنان"، في إشارة إلى البطولة التي يصنعها "حزب الله" جنوب لبنان في إطار التصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلية.

وأضاف خريشة أن هذا الهجوم أظهر هشاشة جيش الاحتلال، الذي يواجه تحديات غير مسبوقة على عدة جبهات، مشيرًا إلى أن المقاومة في فلسطين لم تعد معزولة، حيث تتلقى دعمًا معنويًا وعسكريًا من إخوانها في اليمن والعراق ولبنان، مما يعزز من فكرة "وحدة الساحات" التي أصبحت كابوسًا يربك الاحتلال.

ورأى أن 7 أكتوبر ليس مجرد حدث عسكري، بل يوم تاريخي يوضح قوة المقاومة الفلسطينية والتفاف الشعب حولها، مؤكدًا أن "الشعب الفلسطيني بأكمله موحد خلف المقاومة".

ملاحقة المقاومة بالضفة

فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، انتقد خريشة بشكل لاذع دور قيادة السلطة في الضفة الغربية ووصفه بالمتراجع وغير المؤثر.

وقال إن السلطة الفلسطينية لم ترتقِ إلى مستوى الأحداث الراهنة، ولم تتخذ موقفًا جادًا لدعم المقاومة أو حماية الشعب الفلسطيني.

وأكد أنّ السلطة فقدت قدرتها على التأثير في المشهد السياسي الفلسطيني، مشيرًا إلى أن دورها أصبح "هامشيًا" وغير ذي جدوى.

أحد أبرز انتقادات خريشة للسلطة هو عدم قدرتها على اتخاذ خطوات عملية لدعم المقاومة. وأشار إلى أن السلطة، على الرغم من القرارات الصادرة عن المجلس المركزي الفلسطيني بضرورة وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، لم تنفذ هذه القرارات وظلت في إطار التفاهمات القديمة مع (إسرائيل)، وهو ما وصفه بأنه خيانة لتضحيات الشعب الفلسطيني.

وتساءل: "إذا لم تشكل الظروف الحالية، التي بلغت ذروتها بعد حرب الإبادة في غزة، مبررًا لوقف التنسيق الأمني، فما هي المبررات التي تحتاجها السلطة لذلك؟".

وشدد خريشة على أن السلطة الفلسطينية تعيش حالة من العزلة عن شعبها وعن الواقع السياسي الجديد الذي فرضته المقاومة.

وقال: "السلطة أصبحت خارج إطار التأثير، والمقاومة تجاوزتها".

وأضاف خريشة أن العالم لم يعد ينظر إلى قادة السلطة على أنهم جزء أساسي من الحل، بل يعتبرون مجرد إدارة ذاتية لشؤون الفلسطينيين دون أي قدرة على إحداث تغيير حقيقي على الأرض.

وأكد أن السلطة الفلسطينية تفتقد إلى رؤية استراتيجية تتماشى مع المتغيرات الجديدة، خصوصًا بعد 7 أكتوبر.

وشدد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي على ضرورة أن تتحمل قيادة السلطة مسؤولياتها تجاه شعبها، وتنفذ ما اُتفق عليه في قرارات الإجماع الوطني منذ العام 2005.

 ويرى أن هناك فرصة تاريخية لتوحيد النخب السياسية خلف المقاومة، وأنه على السلطة أن تعيد النظر في سياستها الحالية قبل فوات الأوان.

الدور العربي

على الصعيد العربي، يرى خريشة أن (إسرائيل) مطمئنة إلى موقف الحكومات العربية التي أظهرت عجزًا واضحًا في التعامل مع العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والضفة الغربية، معتبرًا أن جامعة الدول العربية والدول الإسلامية الـ57 لا تملك القدرة على اتخاذ مواقف جادة تتناسب مع حجم المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

وأوضح خريشة أن الخطر الأكبر الذي يهدد (إسرائيل) الآن هو التحركات الشعبية في الدول العربية. وقال إن (إسرائيل) تخشى من "ربيع فلسطيني جديد" ينطلق من الشارع العربي، يشبه موجات الربيع العربي التي أطاحت بعدة أنظمة في المنطقة. وأشار إلى أن الاحتجاجات التي شهدتها عدة دول عربية مؤخرًا، مثل الأردن والمغرب، تعد مؤشرًا على أن الشعوب العربية لا تزال متمسكة بالقضية الفلسطينية وترفض التطبيع مع (إسرائيل).

وأضاف خريشة أن دولة الاحتلال تخشى من تنامي الغضب الشعبي في الدول التي أبرمت معها اتفاقيات تطبيع، مثل الإمارات والبحرين، لأن أي انفجار شعبي يمكن أن يؤدي إلى انهيار هذه الاتفاقيات ويعيد (إسرائيل) إلى الوراء خطوات كبيرة.

وتابع خريشة أن المقاومة الفلسطينية تعتمد بشكل كبير على دعم الشعوب العربية والإسلامية، وكذلك على المجتمع المدني العالمي، خاصة في ظل تزايد التعاطف مع القضية الفلسطينية في العواصم الغربية والجامعات الأميركية، حيث شهدت الأشهر الأخيرة حركات طلابية واسعة تدعم الفلسطينيين وتدين الاحتلال الإسرائيلي.