أجمع مراقبون سياسيون أن "سلاح الاستشهاديين" هو الأخطر لدى المقاومة الفلسطينية والذي تخشاه "الجبهة الداخلية" و"المؤسسة الأمنية الإسرائيلية".
وأشار هؤلاء في أحاديث منفصلة لـ"فلسطين أون لاين" إلى الفشل الإسرائيلي على مدار العقود الماضية في وقف تسلل "الاستشهاديين الفلسطينيين" أو إحباط "السلاح الاستراتيجي" للمقاومة الفلسطينية.
وأشادوا بوحدة المقاومة وعملياتها التكتيكية والإسنادية في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت آخر هذه العمليات التي نفذها الاستشهادي القسامي جعفر منى منفذ عملية (تل أبيب) التي وقعت في 18 أغسطس/آب الماضي.
ونشرت كتائب القسام، أمس، مقطع فيديو يظهر منى وهو في طريقه لتنفيذ العملية حيث كان يسير في أحد الشوارع حاملا حقيبة متفجرات.
وقال منى في رسالته بالصوت والصورة إنه عضو بكتائب القسام وإن "جذوة المقاومة لن تنطفئ حتى نردكم عن أرضنا وديارنا بعز عزيز أو بذل ذليل".
وعقب عملية الاستشهادي منى، آنذاك، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "الخوف الأكبر في المنظومة الأمنية هو إدخال عبوات ناسفة ذات متفجرات إلى قلب المدن الإسرائيلية الكبرى".
مرحلة جديدة
واعتبر المحلل السياسي د. عمر جعارة، مقطع فيديو القسام دليل على تعدد وسائل وأساليب المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال ومستوطنيه.
وأكد جعارة أن المقاومة قادرة على بدء مرحلة جديدة من "العمليات الاستشهادية" تماشيا مع حالة العدوان الإسرائيلي المستمر في جميع الأراضي الفلسطينية.
وأشار إلى أن رسالة القسام من وراء الفيديو الذي حمل "سيغرقكم طوفان الاستشهاديين" هو التحدي للاحتلال ومخططاته العدوانية ضد شعبنا ومقدساته.
وشدد على أن "سلاح الاستشهاديين هو سلاح فلسطيني استراتيجي وقاتل، تخشاه (إسرائيل) وأجهزتها الأمنية".
وقال: "هذا جواب واضح ومقنع (العمليات الاستشهادية) لا تزال بيد المقاومة التي تقاتل في غزة والضفة دون انكسار أو هزيمة".
وأضاف: "الاحتلال يخشى عودة العمليات الاستشهادية.. الاحتلال لا يستطيع وقفها مطلقا".
واستدل جعارة بفشل عملية "السور الواقي" والعمليات الإسرائيلية بين حين وآخر في وقف العمليات الاستشهادية وإحباط خروج الاستشهاديين من محافظات الضفة والقدس المحتلتين.
و"السور/ الدرع الواقي" هي عملية عسكرية نفذها جيش الاحتلال في مدن ومخيمات شمال الضفة الغربية المحتلة من 29 مارس حتى 10 مايو 2002.
وجاء العملية آنذاك عقب قيام الاستشهادي القسامي عبد الباسط عودة بتنفيذ عملية استشهادية داخل "فندق بارك" التي تعد أضخم عملية استشهادية وأسفرت آنذاك عن مقتل
مقتل 30 إسرائيلي وإصابة 146 آخرين تزامنًا مع "عيد الفصح اليهودي".
قنابل موقوتة
"بعد السابع من أكتوبر .. (إسرائيل) تلقت ضربة أمنية كبيرة في المشروع الصهيوني، ولهذا السبب تقاتل بكل وحشية في غزة والضفة ولبنان"، هذا ما تحدث به المحلل السياسي فتحي بوزية.
ووصف بوزية العمليات الاستشهادية بـ"القنابل الموقوتة" التي تخشاها "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية" كونها لا تستطيع التنبؤ بها أو إحباطها.
وأوضح أن هذا النوع من السلاح الفلسطيني "يؤرق المجتمع الإسرائيلي والمؤسسة الإسرائيلية السياسية والأمنية"، لافتا إلى أن هذا النوع من العمليات "ليس لها حل".
واتفق مع سابقه، بأن مقطع الفيديو الذي نشره القسام دليل على تطور المقاومة الفلسطينية وابتداعها للأساليب العسكرية المختلفة في إدارة معركة "طوفان الأقصى".
وقال بوزية: "يمتلك المقاتل الفلسطيني العقيدة القتالية .. الفكر المقاوم .. لكن الوسيلة التي يستخدمها تختلف حسب الزمان والمكان".
واستعرض القسام في مقطع الفيديو مشاهد مصورة من عمليات استشهادية سابقة نفدها المقاومون في قلب الكيان الإسرائيلي مثل عملية القدس عام 2001، وعملية (تل أبيب) عام 1994، وعمليتي صفد وعمانوئيل الثانية، اللتين وقعتا عام 2002، وصور منفذيها.
عمليات قادمة
وحول الرسائل والدلائل من وراء فيديو "سيغرقكم طوفان الاستشهاديين"، توقع الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي سعيد زياد، "أن عملية استشهاد على الأقل قادمة في الطريق".
وذكر زياد في مداخلة تلفزيونية أنه "ربما أن العبوة الناسفة جاهزة، المخطط جاهز، الاستشهادي جاهز .. لكنه ينتظر الإشارة للتنفيذ".
وتضمن الفيديو الذي بثته الكتائب عبر وسائل الإعلام المرئية رسالة من مقاوم آخر تم إخفاء صورته واسمه، قال فيها "أقدم نفسي رخيصة في سبيل الله تعالى".
وأضاف الاستشهادي القادم: "أقول للعدو المجرم إن كل يوم يمر من العدوان على أهلنا في غزة سيضاعف فاتورة الدم والانتقام ولن يكون أمام الدماء إلا الدماء".
وألمح زياد إلى أن فيديو القسام ينذر بسلسلة من العمليات الاستشهادية التي يجري التحضير إليها.
واستدل بتصريحات قائد حركة حماس في الضفة الغربية زاهر جبارين، مؤخرا، الذي توعد بمقاومة الاحتلال ومستوطنيه في أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
وجاءت تصريحات جبارين قبل تنفيذ كتائب القسام، أغسطس/ آب الماضي 3 عمليات استشهاديات منها اثنتان في مستوطنتي "غوش عتصيون" و"كرمي تسور" قرب مدينة الخليل، والثالثة عملية الاستشهادي منى.
وبحسب رواية الاحتلال فإن الاستشهاديين محمد مرقة وزهدي أبو عفيف من كتائب القسام، خططا لتفجير سيارتين بشكل متزامن في موقعين، وإنه كان هناك اتصال وتنسيق بينهما.
واعتبر عودة المقاومة في الضفة الغربية للعمليات الاستشهادية، دليل على تجاوزها "الضربات الأمنية" من أجهزة السلطة والاحتلال معا.
ورأى أن إنذار كتائب القسام بمثابة رسالة تحذير لـ (إسرائيل) من المضي في مشروع "ضم الضفة" وإنذار آخر بضرب "عمق تل أبيب".
وأشار إلى أن عودة كتائب القسام للعمليات الاستشهادية ليست "غمامة صيف" بل إنها "عودة منتظمة" لسلسلة عمليات قادمة.
وأكد زياد أن عودة مشاهد "تفجير الحافلات والفنادق والمطاعم الإسرائيلية سيخلق مجددا قلق وجودي لدي المستوطنين والكيان الإسرائيلي".