فنّدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تحقيق استقصائي مزاعم جيش الاحتلال حول قَتل واستهدافه بالرصاص المباشر للناشطة الأمريكية التركية عائشة نور أزغي أيغي، خلال مشاركتها في احتجاج ضد الاستيطان شمال الضفة الغربية، مستندة إلى روايات شهود عيان ومقاطع فيديو توثق الحادثة عن قرب.
وادّعت رواية جيش الاحتلال الثلاثاء، أن الناشطة عائشة نور (25 عاماً) ربما أُصيبت بالرصاص عن طريق الخطأ في وقت كانت فيه القوات الإسرائيلية تستهدف شخصاً آخر.
لكن تحقيق واشنطن بوست الذي استند إلى روايات 13 شاهد عيان وعشرات مقاطع الفيديو أفاد بأن عائشة نور أُصيبت بالرصاص بعد أكثر من نصف ساعة من ذروة الاحتجاجات ونحو 20 دقيقة بعد أن تحرك المتظاهرون على الطريق، مما يعني أنها كانت على بُعد حوالي 180 متراً من القوات عندما قُتلت ولم يكن من الممكن أن تُشكل تهديداً.
وبحسب شهود عيان للصحيفة فإن مراهقاً فلسطينياً كان يقف على بُعد حوالي 18 متراً من عائشة نور التي أُصيبت بنيران جيش الاحتلال، الذي لم يذكر إن كان هذا المراهق هو الهدف الذي أُطلق النار بسببه.
وقالت هيلين، وهي متطوعة من أستراليا في أوائل الستينيات من عمرها وكانت مع عائشة نور طوال اليوم: "لقد قررنا أننا لا نريد أن نكون بالقرب من أي حدث على الإطلاق".
ووفقاً لما ذكره النشطاء والسكان للصحيفة فإن اللحظة التي قُتلت فيها عائشة نور لم يتم تصويرها بالفيديو لأنه لم يكن هناك الكثير يحدث في ذلك الوقت.
وذكرت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي رفض التعليق عندما سُئل عن سبب إطلاق قواته النار على المتظاهرين عندما كانوا بعيدين جداً.
ويقول جويل كارمل، مدير منظمة "كسر الصمت"، وهي منظمة تضم قدامى المحاربين في جيش الدفاع الإسرائيلي وتجمع شهادات موسعة من جنود حاليين وسابقين، إن الجنود والقادة الصغار يتمتعون بحرية واسعة في إطلاق النار، بما في ذلك على أساس التكهنات حول التهديدات المستقبلية التي يُشكلها المشتبه بهم المزعومون.
روى رفقاء الناشطة الأمريكية من أصول تركية عائشة نور إزغي أيغي تفاصيل استشهادها برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيتا قرب نابلس بالضفة الغربية.
وقال الناشط جوناثان: “كنت حاضرًا في الواقعة عندما قُتلت عائشة، وسمعت إطلاق الرصاص الحي، فركضت باتجاه الصوت لأجد عائشة ممددة على الأرض وتنزف تحت شجرة الزيتون التي كانت تقف بجانبها، حيث كان مرمى النظر خاليًا أمام الجندي الذي قنصها”.
وأضاف الناشط الأمريكي، والدم لا يزال على يده: “وضعت يدي محاولًا إيقاف النزيف وقست نبضها لأجده ضعيفًا جدًا، طلبنا الإسعاف وذهبنا بها للمركز الصحي التابع للقرية، حيث حاولوا إنقاذها وفشلوا”.
وأكد بولاك أن استهداف الناشطة الأمريكية من أصول تركية ليس حادثة منعزلة، بل هو في صلب سياق الاضطهاد الإسرائيلي والنضال الشعبي الفلسطيني المستمر منذ عقود.
لم تنجح محاولات الإنقاذ
وقالت زميلتها الناشطة ماريا داج، التي تعمل معها في حركة التضامن العالمية في فلسطين: “كنا اليوم نشارك في احتجاجات يوم الجمعة ببلدة بيتا، عندما بدأ الجيش بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي على المتظاهرين”.
وأضافت: “وجدت عائشة ممددة على الأرض وغائبة عن الوعي، فناديت على زملائنا، وطلبنا الإسعاف وأخذوها لعيادة بلدة بيتا ثم إلى مستشفى نابلس، حيث حاولوا إنقاذها دون فائدة، وفارقت الحياة.”
وأكد النشطاء ضد الاستيطان أنهم مستمرون في وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني، مهما كانت الرسالة التي يود الاحتلال إرسالها باغتيال عائشة (26 عامًا).
منذ عام 2021، قتلت قوات الدفاع الإسرائيلية 15 فلسطينياً خلال المظاهرات في بيتا، وفقاً لفزعة وهشام دويكات، أحد السكان المحليين وعضو المجلس الوطني الفلسطيني.
في الشهر الماضي، أُصيب مواطن أمريكي آخر، دانيال سانتياجو، وهو مدرس يبلغ من العمر 32 عاماً من نيوجيرسي، برصاصة في فخذه من قبل القوات الإسرائيلية في نفس بستان الزيتون حيث قُتل إيجي.
وقال جيش دفاع الاحتلال إن سانتياجو "أُصيب عن طريق الخطأ" عندما أطلق الجنود "الذخيرة الحية في الهواء" لتفريق المتظاهرين.