فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"قتلوا صغيري قبل أن أشْتَمَّ رائحته"

نساء من غزة يروينَ تفاصيل مؤلمة بعد قتْل الاحتلال لأجنّتهنّ

...
النصيرات/ محمد عيد

لم تتوقع العروس بسملة خضر (23 عامًا) أن تتبدد فرحتها بـ"حملها الأول" ليصار لاحقا مصيره "الإجهاض"؛ بفعل الصواريخ الإسرائيلية.

 

وعلى مدار أشهر الحمل الثمانية، كانت السعادة تملأ بيت الزوجين فرحا باستقبال المولودة الأولى، لكن "الرياح أتت بما لا تشتهى السفن".

 

ففي شهر نوفمبر/ تشرين ثان 2023م، وتحديدًا الشهر الثاني من الحرب على غزة، تعرضت بناية سكنية مجاورة لشقة الزوجين إلى قصف جوي "إسرائيلي" وصفته "بسملة" بـ"العنيف جدا".

 

وتقول: "وقت القصف أصابنا الرعب الشديد.. لقد امتلأت الشقة بالدخان الأسود والبارود وأصبت وقتها بالإغماء".

 

عولجت "بسملة" آنذاك ميدانيا، لكن بعد مرور عدة ساعات اضطرت للذهاب برفقة والدة زوجها للاطمئنان على الجنين في مستشفى العودة بمخيم النصيرات وسط القطاع.

 

وهناك كانت "الصدمة" التي وقعت على قلب "بسملة" حينما أخبرها الطبيب بـ"اختناق الجنين" جراء تعرض (الأم) للاختناق برائحة بارود الصواريخ الإسرائيلية.

 

وتضيف: "لحظات صعبة جدا لا أتمناها لأحد.. شهر واحد يفصلنا على الولادة.. (إسرائيل) قتلت الأمهات والأجنة في بطونها".

 

وعلى الفور، خضعت لعملية "إجهاض" لمولودتها الأولى "التي كانت قد أعدت لها حقائب ملابس وألعاب لاستقبالها". كما تقول "بسملة".

 

وحاليا تتردد "بسملة" على طبيبها الخاص؛ لمعالجة آثار عملية "الإجهاض" وعلى أمل بحمل جديد دون ضجيج الطائرات ولا نيران الصواريخ الإسرائيلية.

 

ووفقًا للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبرييسوس، فإن الأطفال والنساء يمثلون 70% من ضحايا "حرب الإبادة الجماعية" في غزة.

 

حياة النزوح

 

وداخل خيام النازحين في مخيم النصيرات، سقطت إيناس الطويل (32 عاما) أرضًا بعدما أصابها الإرهاق.

 

لم تقلق "إيناس" وقتها كثيرًا على صحتها بقدر قلقها الأكبر على "جنينها" وأسرتها التي نزحت من رفح إلى مخيم النصيرات بفعل العملية البرية الإسرائيلية في المدينة الواقعة أقصى جنوب القطاع.

 

وتقول: "لم أتخيل أن تكون حياة النزوح والخيام بهذه الصعوبة.. إنها حياة (عذاب)".

 

ولكون الأم مجبرة على القيام بمهامها تجاه أسرتها، أهملت ذاتها لبضعة أيام، الأمر الذي تسبب لها بـ"انتكاسة صحية".

 

وعلى إثر ذلك، توجهت لمستشفى العودة وهناك أخبر الطبيب الأم الحامل في الشهر الثالث بـ"تهتك الجنين" والاضطرار للذهاب لعملية "إجهاض".

 

وتضيف: "لم أتعجب كثيرا من خبر الطبيب .. حياتنا شقاء وعناء .. صواريخ وقذائف".

 

وسبق أن وصفت وكالة "أونروا" الظروف التي يعيشها النازحون في المدارس ومخيمات اللجوء بـ"المروّعة".

 

ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات صحية محلية ودولية من خطورة الأمراض والأوبئة المنتشرة في صفوف النازحين نتيجة التكدس، وانعدام سبل النظافة الشخصية والعلاجات اللازمة.

 

نسبة ليست قليلة

 

بدوره، كشف رئيس قسم النساء والتوليد في مستشفى العودة – النصيرات د. ياسر السعودي، النقاب عن ارتفاع معدل عمليات الإجهاض بين النساء الحوامل في غزة طوال أشهر الحرب الإسرائيلية.

 

وقدّر السعودي في مقابلة مع مراسل "فلسطين أون لاين"، هذه النسبة بنحو 10- 15% وذلك مقارنة مع فترة ما قبل "حرب الإبادة الجماعية".

 

وقال: "هذه نسبة ليست قليلة".

 

ونوّه إلى أنه "قبل الحرب وداخل أحد المستشفيات الحكومية كانت الطواقم الطبية تواجه حالة أو اثنتين .. اليوم نتعامل مع أربع أو خمس حالات إجهاض يوميا".

 

وأضاف: "لا أعلم الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع هذا المعدل.. نحن المستشفى الوحيد وسط القطاع الذي يتعامل مع حالات الولادة".

 

وذكر أن هناك عدة عوامل وأسباب للإجهاض كـ: العوامل الجينية، فقر الدم، الإرهاق، انعدام النظافة الشخصية وغيرهما.

 

وحول سؤاله عن انعكاس سوء التغذية على صحة الأم الحامل، أجاب: "لقد واجهنا حالات سوء تغذية خلال الفحوصات الطبية قبل الولادة".

 

لكنه استدرك وردّد: "هذا الأمر انعكس على جميع شعبنا وليس على الحوامل والصحة الإنجابية فقط".

 

وأشار إلى أن الصحة العامة والنظافة الشخصية والنزوح وعدم توفر المياه وغياب الخصوصية الصحية جميعها عوامل لا زالت تؤثر سلبا على النساء قبل الولادة وبعدها.

 

واستدل بذلك "تمر علينا حالات ذات ظروف صحية صعبة لم نرها قبل الحرب .. الآن بتنا نراها بشكل يومي".

 

وتطرق إلى جملة من العراقيل التي تواجه النساء الحوامل في غزة، كصعوبة وصول النساء ليلًا إلى المستشفى الوحيد وسط القطاع، وهو الأمر الذي ينتهي بحالات معدودة لـ"الولادة داخل المنازل" أو "الولادة في الطريق".

 

ويستخدم الغزيون منذ بداية الحرب 7 أكتوبر 2023م وسائل نقل بدائية وعربات الحيوانات في ظل إغلاق المعابر وشح الوقود وتضرر مئات المركبات بفعل القصف الإسرائيلي.

 

وذكر أن هذه الحالات تسبب "جروح ما بعد الولادة، النزيف، تدهور عمليات قيصرية سابقة".

 

وأشار إلى تحديات أخرى كنقص الأدوية والمستلزمات الطبية بالإضافة إلى "تحديات أخرى تغلب عليها الأطباء بجهودهم".

 

 

يذكر أن مستشفى العودة – النصيرات يتبع لـجمعية العودة الصحية والمجتمعية افتتح أقسامه عام 2022م.

 

وبداية الحرب الإسرائيلية، دمجت وزارة الصحة قسم الولادة في مستشفى الأقصى الحكومي مع قسم الولادة في مستشفى العودة.

 

وتعمل حاليا 4 مجموعات طبية بإدارة 30-35 طبيبا عمليات المناوبات، العمليات المجدولة، عمليات الولادة، عمليات نسائية أخرى.

 

وأكد الاستشاري السعودي أن الحرب تؤثر على "النسل"، معربًا عن أمله بأن تتوقف هذه الحرب وأن يتمتع كل إنسان في حقه بالعلاج والطعام والشراب.

 

يشار إلى أنه بعد أيام من اندلاع الحرب، قرر وزير جيش الاحتلال يوآف غالانت، فرض "حصار شامل" على غزة، قائلا: "لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود".