فلسطين أون لاين

فرصة ذهبية أم خديعة بقالب "إنسانيّ" ..

محلّلون يعلّقون: ما وراء البيان الثُّلاثيّ للوسطاء بشأن استئناف مفاوضات وقف النَّار بغزَّة؟

...
قصف8.jpg
غزة/ فلسطين أون لاين

على نحو مفاجئ، دعا قادة مصر وقطر والولايات المتحدة "إسرائيل" وحركة المقاومة الإسلاميَّة حماس إلى استئناف محادثات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الأربعاء أو الخميس المقبلين بالدوحة أو القاهرة.

ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين حماس والاحتلال، لكنها لم تسفر عن بلورة اتفاق بسبب تعنت رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو برفض مطلب حركة حماس بإنهاء الحرب وسحب قواتها من قطاع غزة وعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع.

وتأتي ضغوط دول الوساطة لأجل وقف إطلاق النار في غزة، في وقت تحاول إدارة بايدن منع إيران وحزب الله من مهاجمة "إسرائيل" كجزء من الرد على اغتيال القائد إسماعيل هنية في طهران بـ 31 يوليو الماضي، وفؤاد شكر ببيروت، وسعيها أيضًا إلى حل دبلوماسي بعد تعثر المفاوضات في الأسابيع الأخيرة.

ومن شأن وقف إطلاق النار في غزة، بحسب مزاعم أمريكية، أن يسهم في تخفيف التوتر القائم بين إيران ومحور المقاومة من جهة، و"إسرائيل" من جهة أخرى، والذي يثير المخاوف من اندلاع الحرب الواسعة، الذي تحاول واشنطن منعها منذ بدء العدوان على القطاع.

محللون سياسيون، أكدوا أن البيان الثلاثي للوسطاء، ليس منفصلًا عن حالة القلق والشلل التي تهيمن على حكومة الاحتلال وقادة جيشه إلى جانب جبهته الداخلية، انتظارًا لتنفيذ محور المقاومة تهديده بالرد على الاغتيال لقادته.

وفي هذا السياق، يقول البرفسور وليد عبد الحي، إنَّ  البيان الثلاثي هو "بيان ثالوث دبلوماسية الإسفنجة"، الذي يهدف إلى امتصاص الاحتقان داخل المجتمع والدولة الإسرائيلية، التي تعيش حالة من القلق والشلل في ظل التهديدات المتوقعة من قوى المقاومة.

وأكد الكاتب عبد الحي، أن دعوة قادة دول الوساطة ليس إلا محاولة لمساعدة "إسرائيل" على استرخاء جزئي من حالة التوتر العالية التي أصابت مطاراتها وموانئها ومصانعها.

ويُبين، أن الهدف للبيان الثلاثي هو دفع محور المقاومة لتأجيل رده العسكري، مما يتيح للولايات المتحدة و"إسرائيل" الفرصة لخلق ظروف تجعل رد المقاومة أكثر تعقيدًا على المستويين السياسي والعسكري.

وأضاف أن البيان يحمل في طياته ازدواجية تهدف إلى الترهيب عبر حشد القوى العسكرية من جهة، والترغيب عبر ما وصفه بـ"دبلوماسية الإسفنجة"، التي تهدف إلى امتصاص التوتر دون تقديم حلول فعلية.

ويشير عبد الحي إلى أن التركيز في البيان على "عدم قبول الأعذار لمزيد من التأجيل" يكشف عن محاولة لإظهار المقاومة في موقف المتردد، في حين أن "إسرائيل" لم تظهر أي نية حقيقية لوقف القتال، بل استمرت في تصعيدها وعمليات الاغتيال.

خدمة كجانية لـ "إسرائيل" لشراء المزيد من الوقت 

أما من ناحيته، وصف الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، البيان بـ "الظالم بامتياز"، لأنه يضع نتنياهو و"حماس" في ذات الكفّة من حيث تعطيل الصفقة.

وأوضح الزعاترة، في تحليل نشره عبر منصة "إكس"، أنه وفي سياق فهم الأمر، يمكن القول إن البيان جاء بضغط أمريكي على الوسيطين اللذين لا يجهلان نوايا نتنياهو، والتي كان استعادها في مقابلته التي نشرتها مجلة "التايم" أمس.

وأضاف، "البيان مجرّد خدمة مجانية لنتنياهو تسمح له بشراء مزيد من الوقت أمام ضغوط المؤسّسة الأمنية والعسكرية، وضغوط أهالي الأسرى وعموم الساحة السياسية، مع بث وهْم بإمكانية الاتفاق يخفّف من متابعة جرائمه اليومية في قطاع غزة، بل وفي الضفة الغربية أيضًا".

وأشار الكاتب الزعاترة، إلى أنه لا خلاف على أن الأمريكان يريدون "الصفقة"، تبعا لحساباتهم التي ذكرناها مرارا (أهمّها مخاوف الحرب الشاملة ووقف الحرب قبل الانتخابات وعودة الجامعات)، لكن المؤكّد أيضا أنهم يعرفون حقيقة موقف نتنياهو.

وبحسب الزعاترة، فإن للبيان (من حيث نوايا أمريكا) هدف آخر، يتمثّل في تخفيف أجواء الاحتقان بعد إعلان إيران وحلفائها نيّة الرد على الإهانات الأخيرة (ضرب ميناء الحديدة ثم اغتيال فؤاد شكر في بيروت، ثم اغتيال هنية في طهران)، وربما لجم الردود وجعلها في الحد الأدنى.

مؤكدًا على، أن الإعلان السريع من مكتب نتنياهو بالموافقة على دعوة البيان باستئناف المفاوضات منتصف الشهر الجاري، يؤكّد حقيقة أن البيان يصبّ في خدمته لا أكثر.

لتضييق الخناق على محور المقاومة

واستطرد الزعاترة، في هذه النقطة: "نعلم أن قدرة الوسيطين على تحدّي الضغط الأمريكي محدودة ، لكن ذلك لا ينفي ضرورة اتخاذ موقف في الحد الأدنى يفضح موقف نتنياهو، بخاصة أن جزءا من هرطقاته ما زالت تخصّ المصريين فيما يتصلّ بمحور فيلادلفيا ومعبر رفح، فضلا عن انقلابه المفضوح؛ حتى على المقترح الإسرائيلي نفسه".

فيما عقب المحلل السياسي، إبراهيم المدهون، على دعوة قادة دول الوساطة، بالقول" إن هذا البيان لا يسهم في حل المشكلة بل يزيدها تعقيدًا.

وبيّن المحلل المدهون، عبر منصته على "تليجرام"، بأن دور الولايات المتحدة في جرّ الوسطاء المصري والقطري للعودة إلى طاولة المفاوضات، بعد أن أغلقت إسرائيل هذا الباب باغتيالها إسماعيل هنية وتصعيدها العدواني على لبنان، يشير بوضوح إلى أن العودة إلى المفاوضات في ظل استمرار المجازر البشعة في قطاع غزة وحرب الإبادة، ليس سوى تضييع للوقت وشرعنة للقتل الذي تمارسه إسرائيل.

تابع، "من الواضح أن الحديث عن إعادة المفاوضات في هذا التوقيت يعكس تجاهلًا تامًا للجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الفلسطينيين. إن أي محاولة للحديث عن مفاوضات دون وقف العدوان الإسرائيلي بشكل كامل، هي مجرد قفزة في الهواء ومحاولة لفرض الأمر الواقع على المقاومة الفلسطينية".

وخلص الكاتب المدهون بالقول: إن "التحرك الأمريكي الأخير لا يسعى إلا لتضييق الخناق على محور المقاومة، في محاولة لمنع الردود على جريمة اغتيال الشهيدين فؤاد شكر وإسماعيل هنية، بالإضافة إلى قصف الحديدة في اليمن. إن هذه المراوغة الأمريكية تهدف فقط لفسح المجال أمام الجرائم الإسرائيلية، خصوصًا في ظل القلق العالمي من رد فعل قوي من قبل إيران وحزب الله في لبنان"

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن دبلوماسيين أميركيين قولهم إن المفاوضات بشأن صفقة التبادل كانت تقترب من تحقيق اختراق قبل وقت قصير من اغتيال "إسرائيل" كلا من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والقيادي في حزب الله فؤاد شكر.

وتوعدت إيران عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في عاصمتها طهران بالانتقام له، وتوعّد المرشد الأعلى علي خامنئي "الكيان الصهيوني" بردٍّ قاسٍ، مؤكدا أن الانتقام لدم هنية "من واجبات بلاده لأن الاغتيال وقع على أراضيها".

وعلى وقع الصدمة التي سادت البلاد جراء وصول يد الغدر إلى الضيف، وبرفع "راية الثأر الحمراء" فوق قبة جمكران بمدينة قم، يصبح الانتقام حتميًا.

واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية، السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المقيمين في طهران للاجتماع  مع القائم بأعمال وزير الخارجية علي باقري كني، وذلك بهدف التأكيد على عزم طهران الرد على دولة الاحتلال عقب اغتيال القائد إسماعيل هنية بغارة إسرائيلية على مقر إقامته في العاصمة الإيرانية.

وتترقب "إسرائيل" ردًا عسكريًا من إيران وحزب الله، إذ رفعت حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، بعد اغتيال هنية في طهران فجر الأربعاء 31 يوليو الماضي، وإعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء.