فلسطين أون لاين

"ساعة رياضية" .. "فشّة غل" لشباب غزة من ضجيج الصّواريخ الإسرائيلية

...
شباب يُمارسون الرياضة رغم تواصل الحرب الصهيونية على غزة
النصيرات/ محمد عيد

لا مكان آمن في الشريط الساحلي الذي يخضع لـ"حرب إبادة جماعية" منذ 10 شهور متواصلة، غير أن بعض الحاجة الملحة تدفع الشاب سيف وائل بلال الهروب من أصوات الصواريخ الإسرائيلية إلى "صالة رياضية".

 

وتكاد تكون الصالة الرياضية التي يذهب إليها (سيف 18 عامًا) من الصالات والأماكن القليلة التي نجت – حتى اللحظة - من القصف والدمار الإسرائيلي.

 

يكسو الظلام أجواء صالة "كمال الأجسام" بفعل انعدام مصادر الطاقة الكهربائية إلا من أضواء هواتف لاعبيها التي تستمد شحناتها من "الخلايا الشمسية".

 

ورغم ذلك، باتت قبلة العشرات من الشباب وخاصة الناجين من القصف الهمجي الذين يلجئون إليها لمدة 60 دقيقة في محاولة لـ"التفريغ النفسي" أو الجرحى الذين يتطلب علاجهم بعض التمارين الرياضية.

 

يواظب سيف النازح إلى مخيم النصيرات وسط القطاع، ثلاثة أيام أسبوعيا أو حسب "الظروف الأمنية" في محاولة للتغلب على ظروف إصابته "بتر في الساق اليسرى".

 

يحاول الجريح ممارسة بعض التمارين التي تساعده في تقوية عضلات جسده والتغلب على إصابته إلى حين الوصول لحقه في العلاج المناسب داخل غزة أو خارجها.

 

يستند مبتور الساق في بعض تمارينه – التي تتطلب توازنا جسديا – على صديقه ابن عمه (آدم 17 عاما) اللذان أصيبا معا من طلقات دبابة إسرائيلية.

 

وسبق أن حاول النازحان من حي تل الهوا بمدينة غزة إلى جنوب القطاع العودة إلى أماكن سكناهما في 5 مارس/ آذار الماضي غير أن الآليات الإسرائيلية حالت دون ذلك.

 

وفي 13 أكتوبر/ تشرين أول الماضي فقد الشاب الجريح شقيقه (فايق) شهيدا إثر قصف إسرائيلي على منازل سكنية في حي تل الهوا، وفي اليوم التالي أجبرت العائلة قسرا إلى النزوح بحثا عن "مكان آمن".

 

يعلق سيف بالقول: "لا أماكن آمنة في غزة .. الاحتلال يرتكب إبادة جماعية بحق المدنيين".

 

يأمل الشاب ذو البشرة البيضاء والشعر الناعم بتوقف الحرب الإسرائيلية وإكمال الثانوية العامة والالتحاق بالجامعة تخصص قسم تكنولوجيا الوسائط المتعددة / الملتيميديا، كما يأمل بحقه بالعلاج وتركيب طرف صناعي.

 

سيف.jpg

 

"فشة غل"

 

"لا برامج نفسية ولا رعاية صحية" وقت الحرب، ولأجل هذه الأسباب لم يجد الناج الوحيد من أسرته وسيم مصباح تمراز سوى الصالة الرياضية للهروب إليها.

 

يقضى وسيم حياته حاليا في بيت عمه، بعدما فقد والديه وأشقائه في قصف إسرائيلي لحي سكني في مخيم النصيرات.

 

يحاول بين الحين والآخر الانشغال بحياته اليومية بدلا من "الاستسلام" أو "البكاء المستمر على الأسرة" كما يقول.

 

وفي سبيل ذلك، لجأ إلى الصالة الرياضية برفقة بعض أصدقائه للانشغال بالرياضية كخطوة "فشة غل" وذلك في تعبير عن الضغط النفسي والحزن الذي بداخله على أسرته.

 

يقول: "التفكير بأسرتي لا ينقطع .. قضينا سنوات طوال معا وعشنا حياة كريمة وسعيدة".

 

ويضيف: "فقدت أسرتي .. فقدت منزل عائلتي .. فقدت مستقبلي التعليمي .. يجب أن تقف هذه الحرب الهمجية".

 

واستشهد الأب والأم وأبناءهما (يوسف، محمد، ماريا) بتاريخ 30 أكتوبر/ تشرين أول الماضي فيما نجا "وسيم" من القصف الذي جاء بالتزامن مع وقت خروجه من المنزل.

 

ويعاهد طالب الثانوية العامة والديه الشهداء باستكمال عامه الدراسي المفقود والحصول على معدل التفوق والالتحاق بالجامعة تخصص هندسة "حسب رغبة والده" الشهيد.

 

تمراز.jpg


وحرمت الحرب الإسرائيلية المستمرة لليوم الـ 305 على التوالي، نحو 39 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة من تقديم امتحانات الثانوية العامة التوجيهي لعام 2024.

 

ومنذ 7 أكتوبر لم يتمكن 630 ألفا من طلبة المدارس و88 ألفا من طلبة الجامعات في غزة من ممارسة حقهم الطبيعي في الدراسة.

 

ووفقا للكابتن الرياضي شلبي صمصوم فإن الصالة الرياضية لم تفتح أبوابها طوال 7 شهور من الحرب الإسرائيلية المستمرة.

 

وعزا أسباب فتح الصالة الرياضية خلال الشهريين الماضيين إلى الحاجة الشبابية الملحة في ممارسة الرياضة والهروب من "أجواء الحرب" المستمرة، عدا عن طلب بعض الجرحى للأجهزة الرياضية المتوفرة.

 

وأكد صمصوم أن هناك إقبال واسع بين الشباب والكبار على الصالة في ظل حاجة المواطنين لتحسين الحالة الصحية لأجسادهم التي أنهكتها "الحرب المسعورة".

 

وبالتوازي مع القصف الإسرائيلي اليومي لمنازل الغزيين يفرض جيش الاحتلال حصارا خانقا على غزة الأمر الذي أدى لتفشي المجاعة بين السكان.

 

ووفقا لـ"مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي"، فإن نحو 96% من سكان غزة يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام حاد للأمن الغذائي.