العارف بطبيعة هوية وأسلوب من يُديرون المؤسسات والهيئات الرياضية الدولية، لا يستغرب ولا يعجب من مواقفها أو قراراتها لا سيما المتعلقة بفلسطين، فمعظمها معروفة مواقفها المنحازة دوماً إلى الكيان الصهيوني، فهي مؤسسات تخضع لسيطرة الدولة العميقة التي تحكم الكوكب.
ففي ظل وضوح الرؤية فيما يتعلق بكون الكيان الصهيوني يتعامل مع نفسه ويتم التعامل معه على أنه فوق القانون دائماً، لا تزال بعض الهيئات الدولية تدفن رأسها في التراب وتُماطل في إعلان موقفها من قضية مشابهة لقضايا سبق وأن كانت قراراتها المتعلقة بها سريعة بل وأسرع من الضوء.
فمنذ أن قدم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم طلباً بتعليق عضوية نظيره (الإسرائيلي) في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خلال اجتماع جمعيته العمومية في منتصف شهر مايو الماضي في العاصمة التايلاندية بانكوك، تعمد رئيس الاتحاد الدولي، السويسري جياني إنفانتينو ولجنته التنفيذية المماطلة في الإعلان عن الموقف الرسمي للاتحاد، وهو ما كان متوقعاً، قياساً مع طبيعة شخصية وجنسية وانتماء من يُديرون المؤسسة الأكبر والأضخم في العالم من حيث عدد أعضاء الجمعية العمومية التي يفوق عددها عدد أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
فقد أعن الاتحاد الدولي في شهر مايو على هامش كونغرس بانكوك، تشكيل لجنة قانونية للحصول منها على استشارة قانونية تساعدها على اتخاذ القرار المناسب، وتم تحديد موعد لاستلام الاستشارة القانونية قبل يومين، أي بعد شهرين على اجتماع بانكوك، واليوم تم الإعلان عن تأجيل عملية الاستلام إلى يوم 31 من شهر أغسطس القادم.
فهل الاتحاد الدولي لكرة القدم يحتاج للجنة من أجل إعلان موقفه من دولة تشن حرب إبادة جماعية بحق دولة عضو فيه ؟، وهل مدة شهرين غير كافيات لكي تُعلن اللجنة عن رأيها القانوني ؟، وهل سيكون هناك تأجيل إلى ما بعد التأجيل الأول لاستلام الاستشارة الدولية ؟، كل هذا يؤكد المؤكد أنه إذا أردت قتل قضية قم بتشكيل لجنة لبحث تفاصيلها لصالح طرف على حساب طرف آخر، وهو ما حدث في السابق ويحدث الآن.
فمن لا يعرف إنفانتينو، فهو الشخصية التي كانت ضمن شخصيات محورية نظمت وأشرفت على المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد في البحرين قبل عدة أعوام من أجل تمرير صفقة القرن في ذلك الحين، وهذا وحده يكفي للحُكم على طبيعة انتماء هذا الشخص، ومن يُشكك في ذلك عليه أن يُعطي مبرراً لوجوده في مؤتمر سياسي بغلاف اقتصادي، وحتى وإن كان اقتصادياً، فهو رئيس أكبر اتحاد دولي رياضي في العالم.
إن الاتحاد الدولي لكرة القدم ومنذ شهر مايو الماضي، يتعامل مع القضية بشكل غامض، حيث لم يُعلن عن آلية واضحة للتعامل مع القضية المرفوعة له من الناحية القانونية، وهو ما يُير الشك، ويؤكد المؤكد أنك لو طبقت مقولة "طاوع العيار إلى باب الدار" فإن لن تحصل على نتيجة مختلفة عن النتيجة المرسومة أصلاً في مخيلتك نتيجة معرفتك بأن هذه الهيئات الدولية لم يصدر عنها قرار يُدين الاحتلال الصهيوني.