خرجت حركتا فتح وحماس رابحتين من اتفاق المصالحة ، وكذلك جمهورية مصر العربية ، بيد أن الشعب الفلسطيني المتواجد في الضفة وغزة لم ينعم بالربح بعد !! .
المواطن الذي عانى ويعاني من تداعيات الانقسام لم يذق طعم الفرح الحقيقي نتيجة المصالحة ، فلم تتقدم السلطة الفلسطينية خطوة إيجابية واحدة رغم كثير الوعود ولا حتى زيادة ميجا واحدة للتيار الكهربي في غزة أو وقف اعتقال ناشط في الضفة - كأن الأمر لا يعنيهم - ولا زالت القضية خاضعة للتقييم ، والجديد ما يسمى التمكين الكامل للحكومة التي لا أعرف ماذا تنتظر لتقوم بدورها ومسؤولياتها ، ربما ينتظرون موت طفل جديد يحتاج العلاج ؟!!
اتفاق المصالحة تحت الاختبار من المجموع الفلسطيني الذي نادى بكل فصائله وشرائحه بضرورة إزالة كل تداعيات الانقسام ، ومعالجة آثاره في الضفة الغربية وقطاع غزة فقد أصاب مرض الاختلاف والتعصب والانقسام كل الجسد الفلسطيني ، وعانت منه الضفة وغزة وحتى الشتات ولابد من بلسم يداوى جراح المكلومين وخطوات تؤكد لهم مصداقية ما حدث ، فالمواطن البسيط الذي اكتوى بنار الفتنة والانقسام يجب ان يشعر أن الصخرة الجاثمة على صدره قد رفعت وإلى غير رجعة .
للحق والتاريخ فقد قدمت حماس نموذجا يحتذى في تقديم المصلحة الوطنية على مصلحتها الخاصة ليس اليوم فقط ، وإنما منذ فوزها بالانتخابات التشريعية 2006 وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتمرد المسلح عليها الذي أفضى الى الانقسام ، ثم اتفاقات المصالحة المتتابعة في عواصم عربية ودولية تنازلت فيها عن الكثير من حقوقها الديمقراطية وصولا الى حل اللجنة الادارية لكن شيئا على الأرض لم يتغير !! .
إن متطلبات المصالحة على قاعدة الشراكة الوطنية وقبلها رفع المعاناة عن المواطن الفلسطيني تتطلب استحقاقات عديدة ينبغي على السلطة الفلسطينية وحركة فتح تنفيذها فورا دون تأخير، وحتى تتبدد مخاوف المواطن وتتوفر له عوامل الصمود في وجه آلة الحرب الاسرائيلية ، ويتفرغ الجميع للمعركة مع الاحتلال يجب الاسراع بإنهاء كل مظاهر الانقسام في الضفة وغزة ،أما أن تستمر معاناة المواطن من الكهرباء والعلاج والدواء وجواز السفر والملاحقات الأمنية واغلاق الجمعيات ومصادرة الأموال وقطع الرواتب وفرض التقاعد المبكر وتقييد الحريات العامة والصحفية فهو نذير شؤم أن الانقسام لم ينته .
نحو شهر مر على حل اللجنة الإدارية اتضح فيها أن المشكلة في التوصل الى مصالحة لم تكن في حركة حماس ، والواضح ان خطوات حماس وتدخل الوسيط المصري هو الذي يجر فتح الى مربع المصالحة والتراجع عن قراراتها العقابية على غزة ورفع الفيتو عن عمل الحكومة وليس مصالح الشعب الفلسطيني ، ويبدو أن أطرافا تسعى الى إطالة أمد الانقسام وهي بالضرورة تتحمل مسؤولية استمرار معاناة الناس، وليت زيارة السيد نظمي مهنا رئيس هيئة المعابر المرتقبة إلى غزة تكون بداية حقيقية، ويتسلم المعابر ، ويلمس المواطن خطوة عملية للمصالحة وتغييرا ايجابيا مع أن خطوات أخرى يمكن تنفيذها بجرة قلم فقط !!.
المصالحة التي جاءت من طرفين تستوجب استحقاقات على كل منهما ، وإذا كانت حبا من طرف واحد فلن تنجح ، ومصيرها الفشل ولن تنهي الانقسام !!