لم تكتفِ سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" بسياسة تجويع المواطنين في محافظتي غزة والشمال، بل دأبت إلى منحىً أكثر خطورة من خلال حرمان السكان من المياه الصالحة للشرب عبر منع إدخال السولار اللازم لتشغيل محطات التحلية ما أدى إلى توقفها.
ومنذ 4 أيام توقف عددٌ من محطات تحلية المياه عن العمل بسبب نفاد كميات السولار المتوفرة لديها عقب منع سلطات الاحتلال إدخاله عبر معبر كرم أبو سالم جنوبي قطاع غزة، وهو ما اعتبره مواطنون وأصحاب محطات تحلية وسائقي شاحنات المياه ضمن "سياسة التعطيش والعقاب الجماعي بحق سكان شمال القطاع".
وينذر توقف محطات تحلية المياه بمخاطر كبيرة على المواطنين أبرزها حرمانهم من مياه الشرب الصالحة التي يزداد الطلب عليها في الوقت الحالي نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، ما يعني تفشي الأمراض والأوبئة الآخذة بالانتشار أصلاً نتيجة قلة المواد الغذائية والخضروات والفواكه منذ أكثر من شهرين.
يؤكد مدير شركة "عبد السلام ياسين" لتحلية المياه شمال غزة محمد انشاصي، توقف محطة تحلية المياه عن العمل بشكل كامل منذ 4 أيام بسبب نفاد كميات السولار المتوفرة لديهم لتشغيلها.
وحذر انشاصي خلال حديثه مع مراسل "فلسطين أون لاين"، من أن استمرار توقف محطة التحلية- الأكبر على مستوى شمال القطاع- ينذر بكارثة صحية تتمثل بتعطيش المواطنين مما يهدد حياتهم ويجعلهم عرضة للأطفال، خاصة الأطفال منهم.
وقال: "منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ونحن نشتري السولار من السوق السوداء حيث وصل سعر اللتر الواحد إلى 90 شيكلاً، ما أدى إلى ارتفاع سعر المياه الواصلة إلى المواطنين".
وشدد على أن "ارتفاع سعر السولار، انعكس سلباً على المواطنين وزاد الأعباء الملقاة على عاتقهم في الحصول على مياه الشرب، خاصة أنهم يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية في غاية الصعوبة".
وعدّ انشاصي منع الاحتلال إدخال السولار "ضمن حرب الإبادة والتهجير والعقاب الجماعي ضد سكان شمال القطاع"، مناشداً بضرورة الإسراع بإدخال كميات كبيرة من السولار خاصة في ظل زيادة الطلب على مياه الشرب خلال فترة الصيف.
كما طالب الجهات الدولية مثل منظمة "UNDP" وبرنامج الغذاء العالمي وغيرها بضرورة توفير السولار في أقرب وقت، تفادياً لحدوث كوارث صحية، مشيراً إلى أنهم تلقوا وعوداً بتوفيره "لكن لم يتم تنفيذها حتى الآن".
أما محمود دكة صاحب شاحنة نقل مياه للشرب، فقد توقف عن العمل بفعل توقف محطات تحلية المياه وبات عاجزاً في الحصول على المياه من أجل توصيلها إلى المواطنين في مختلف أماكن شمال القطاع.
وأجرى "دكة" عدة جولات بحثاً عن محطة "تحلية مياه" لا تزال تعمل، بعدما توقفت "محطة ياسين" التي اعتاد على تعبئة شاحنته منها، إلى أن وجد "محطة" في منطقة بيت لاهيا شمال القطاع يتوفر فيها بقايا من السولار.
واصطف "دكة" على طابور شاحنات تلك المحطة منذ الساعة الخامسة فجراً، من أجل تعبئة شاحنته وإيصالها للمواطنين في منطقة "بيت لاهيا"، وفق ما يقول لمراسل "فلسطين أون لاين".
ويضيف أن نفاد السولار من محطات التحلية انعكس سلباً على عمله حيث بالكاد يحصل على "نقلة واحدة" وتوصيلها للمواطنين خلال اليوم، علماً أنه يتمكن من توصيل قرابة "9 نقلات" في الأيام القليلة الماضية.
ويناشد كل الضمائر الحية والمنظمات الدولية المعنية بضرورة إدخال السولار لمحطات التحلية من أجل امداد المواطنين بالمياه الصالحة للشرب، تفادياً من اصابتهم بأمراض وأوبئة خطيرة.
فيما عبّر المواطن مؤمن جبر عن خشيته من استمرار انقطاع المياه الصالحة للشرب، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق.
وقال جبر: "نحن بحاجة ماسة لوجود محطات تحلية المياه خاصة في ظل عدم توفر مياه صالحة للشرب في مختلف مناطق شمال القطاع"، معتبراً منع الاحتلال إدخال السولار "سياسة تعطيش ممنهحة تُضاف إلى تجويع سكان الشمال".
وأضاف "الماء أساس الحياة ولا يُمكن العيش بدونها، لذلك انقطاعها قد يؤدي إلى وفاة أعداد من المواطنين خاصة الأطفال منهم، عدا عن تفشي الأمراض والأوبئة بينهم".
وشدد على أن "توقف محطات التحلية يضاعف من معاناة سكان شمال غزة الذين يعيشون أوضاعاً كارثية ويتعرضون لصعوبات كبيرة في الحصول على مياه الشرب".