فلسطين أون لاين

"ملوحة مياه وحرارة الشمس أكلت أجسادنا"

تقرير النازحون إلى ميناء خانيونس يروون معاناتهم المضاعفة في "ملاذهم الأخير"

...
النازحون إلى ميناء خانيونس يروون معاناتهم المضاعفة في "ملاذهم الأخير"
خانيونس/ محمد الأيوبي

تحول ميناء خانيونس البحري، جنوبي قطاع غزة إلى ملاذ للنازحين الفلسطينيين جراء الحرب التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وتشريده مئات الاف الغزيين من منازلهم.

ووجد نازحون في اللسان البحري للميناء الذي يمتد لمئات الأمتار مأوى لعائلاتهم، وملجأ للخروج من همومهم والتخفيف عن أرواحهم المتعبة وهروبًا من ضجيج الموت والجوع..

حيث أجبر جيش الاحتلال نحو مليون ومئتي ألف فلسطيني على النزوح من مدينة رفح في 6 أيار/ مايو الماضي، عقب بدء عملية عسكرية واسعة لاجتياح المدينة.

photo_2024-07-01_21-40-57 (2).jpg
 

نزوح متكرر

الستيني أبو إبراهيم زقوت اضطر للنزوح إلى ميناء خانيونس لإيواء عائلته المكونة من 8 أفراد ، عقب بدء الاجتياح الإسرائيلي على مدينة رفح.

وبدأت قصة عائلة زقوت مع النزوح عندما خرجت من منزلها في مخيم جباليا شمالي القطاع إلى مدينة خان يونس مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي.

لكن الاجتياح الإسرائيلي لخانيونس فرض على عائلة زقوت نزوحاً ثانياً في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ليستقر الحال بالعائلة في مدينة رفح.

يقول زقوت لمراسل "فلسطين أون لاين"، إن الانتقال إلى ميناء خانيونس فرض عليه، بعدما لم يجد مكاناً يذهب إليه بسبب الازدحام الشديد في منطقة المواصي.

وكان زقوت يجلس على سرير حديدي قديم أمام خيمته برفقة اثنين من أبنائه هرباً من الحر الشديد في خيمته.

" ملوحة مياه البحر و حرارة الشمس أكلت أجسادنا وأصابتنا بالأمراض"، يلخص زقوت ظروف حياة عائلته في الميناء.

photo_2024-07-01_21-40-58 (2).jpg
ويضيف أن عائلته تعاني ظروفاً معيشية صعبة بسبب عدم توفر مياه الشرب وتضطر لشرائها، بينما تجبر على استخدام مياه البحر للأعمال المنزلية.

ويشتكي أبو إبراهيم من خطورة العيش في الميناء، حيث سقط العديد من الأطفال في مياه البحر.

ولا يختلف كثيرًا حال المواطن إياد عصفور (60 عامًا) الذي يعيش مع زوجته و6 من أبنائه في خيمة أقامها من قطع قماشية بالية في ميناء خانيونس.

يقول عصفور لمراسل"فلسطين أون لاين"، إنه اضطر للإقامة في ميناء خانيونس بعد لم يجد مكاناً ينزح إليه مع أسرته.

وكان عصفور يقطن في بلدة عبسان شرقي خان يونس عندما قصفت طائرات الاحتلال منزله ما أدى لاستشهاد والده وشقيقه وأبناء شقيقه،.

انتقل عصفور للسكن في منزل آخر له في مدينة رفح، لكن المنزل تعرض أيضاً للقصف بعد ساعات قليلة من خروجه منه مع بدء الاحتلال عمليته العسكرية في رفح.

واستقر الحال بعصفور في ميناء خانيونس بعدما لم يجد مكاناً يسكن فيه عقب نزوحه من رفح، وفق ما يروي.

وتعيش عائلة عصفور في خيمة "لا تقي من أشعة الشمس ولا من رطوبة الجو"، كما تعرضت خيمتها للاقتلاع مرارا بسبب الرياح الشديدة.

ويخشي عصفور على عائلته بسبب تكرار قصف الزوارق الحربية الإسرائيلية على الميناء.

وكان 4 شبان فلسطينيين استشهدوا بقصف الزوارق الحربية الإسرائيلية استهدافهم في ميناء خان يونس منتصف مايو الماضي.

الضغط النفسي

لكن أبو حسام أبو عون وصديقه ياسر وجدا في ميناء خانيونس ملاذاً للخروج من الضغط النفسي الذي سببته الحرب الاسرائيلية.

واضطر أبو حسام (40 عاماً) للنزوح ثلاث مرات عقب خروجه من منزله في مدينة غزة بسبب القصف الاسرائيلي، قبل أن يستقر به الحال في ميناء خانيونس.

وكانت أولى محطات نزوح أبو حسام إلى مدينة دير البلح واستمرت نحو شهر ونصف، قبل أن ينتقل إلى مدينة رفح لمدة 7شهور، فيما كانت ثالث محطات نزوحه إلى مواصي خان يونس.

يقول أبو حسام لمراسل "فلسطين أون لاين"، إنه وجد في ميناء خانيونس الراحة النفسية حيث تتلاطم أمواج البحر، بعيداً عن تكدس الخيام في مخيمات النزوح.

لكن أبو حسام يشتكي من انتشار الذباب والحشرات، إضافة للحر الشديد والرطوبة المرتفعة لاسيما في ساعات الظهر.

كما وجد فتحي أبو عرمانة (55 عامًا) الذي كان يجلس على كرسي متهالك في مراقبة تلاطم أمواج البحر قرب خيمته في الميناء سبيلا للخروج من همومه التي أثقلتها الحرب.

وبات أبو عرمانة يعيش وحيداً في خيمة صغيرة أقامها في الميناء البحري بعد نزوحه من منزله في حي تل السلطان في رفح.

ويشير أبو عرمانة إلى أن زوجته غادرت القطاع إلى مصر للعلاج من مرض السرطان مع بدء الحرب الإسرائيلية.

ويقول: "إنه تأقلم مع العيش وحيداً في ميناء خانيونس، حيث الهدوء التام والجو النقي".

وتقدر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن 1.7 مليون شخص في غزة هجروا من منازلهم ولا يحصلون على ما يكفيهم من الماء والغذاء والوقود والدواء.

ويعيش النازحون في المواصي وضعا مأساويا ونقصا كبيرا في الموارد الأساسية مثل الماء والصرف الصحي والرعاية الطبية والغذاء.

وبدعم أمريكي مطلق، أسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 عن نحو 125 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل "تل أبيب" هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.