برئ مكتب الممثل الخاص للأمين العام بشأن العنف الجنسي في حالات النزاع، المقاومة الفلسطينية من تهم "الاغتصاب الجنسي"، خلال هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 2023، وذلك قبل أيامٍ من تأكيد وكالة "الاسوسيتد برس" أن روايات "الاغتصاب" كانت "ملفقة" ولا أساس لها من الصحة.
وذكر تقرير صادر عن الممثل الخاص المعني بالعنف الجنسي في حالات النزاع، أن فريق البعثة، وعلى وجه التحديد، أخصائي الطب الشرعي والمحلل الرقمي قاما بمراجعة أكثر من 5000 صورة، وحوالي 50 ساعة والعديد من الملفات الصوتية من لقطات الأحداث خلال السابع من أكتوبر.
وكشف التقرير، أنه في التقييم الطبي الشرعي للصور ومقاطع الفيديو المتاحة، لا توجد مؤشرات ملموسة على إمكانية حدوث الاغتصاب، من قبل أفراد "حماس" المسلحين.
وأكد الممثل الأممي، أن الأدلة الرقمية التي تم اعتمادها خلال المراجعة المستقلة مفتوحة المصدر أصلية، وغير متلاعب بها. كما قام فريق البعثة بمراجعة مواد رقمية أخرى واسعة النطاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغير ذلك، فيما لم يتم العثور على أي دليل رقمي يثبت على وجه التحديد أعمال العنف الجنسي في تلك المصادر.
وأشار إلى، أن تلك المواد يتم توفيرها جزئيًا من قبل مختلف وكالات الدولة ومن خلال مراجعة مستقلة عبر الإنترنت لمختلف المصادر المفتوحة، لتحديد الحالات والمؤشرات المحتملة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع. يشمل المحتوى الهجمات الفعلية وعواقبها المباشرة.
وأوضح التقرير الأممي، أنه الأدلة المعتمدة تم التقاطها من خلال الكاميرات الشخصية وكاميرات القياس الخاصة بـ "المسلحين" والهواتف المحمولة الفردية، الدوائر التلفزيونية المغلقة، وكاميرات مراقبة المرور، بالإضافة إلى ذلك، تضمنت المواد صورًا ومقاطع فيديو توثق عملية انتشال المتوفى والتعرف عليه.
أبعد من ذلك، ومن التحقيقات التي أجرتها صحيفة هآرتس مع ثلاث جثث في مؤسسة الحرب "الإسرائيلية"، يتبين أن المواد الاستخباراتية التي جمعتها الشرطة وأجهزة الاستخبارات، بما في ذلك لقطات من كاميرات الإرهابيين، لا تحتوي على توثيق مرئي لأية أعمال اغتصاب.
وقبل أيامٍ، كشفت وكالة أسوشيتد برس الأميركية للأنباء، أن الروايات التي تحدثت عن ارتكاب حركة حماس عنفًا جنسيًا في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول تبين أنها ملفقة وليست صحيحة، وذلك بعد تراجع "إسرائيلي" عن روايته والتي أخذت انتشارًا واسعًا وتعاطفًا غربيًا.
ونقلت الوكالة عن المستوطن يدعى حاييم أوتمازجين الذي اتهم حماس بارتكاب عنف جنسي قوله: "إن الأمر ليس أنني اخترعت قصة، لكن اتضح أن الأمر مختلف، وقمت بتصحيحه".
وأضاف أوتمازجين أنه لم ينشر أي دليل مقنع لدعم ادعاءات ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
من جانبها، قالت أسوشيتد برس إن ما رواه حاييم أوتمازجين بشأن عنف جنسي في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتردد في أنحاء العالم، اتضح أنه لم يحدث.
رواية الاغتصاب الجنسي
وكان أوتمازجين، الذي عمل متطوعا مع منظمة “زاكا” الإسرائيلية في مستوطنة بغلاف غزة، قال لوسائل الإعلام إنه رأى “جثة مراهقة تعرضت لإطلاق النار، ومنفصلة عن عائلتها في غرفة مختلفة، وسروالها مسحوب أسفل خصرها” وهو ما اعتبره دليلا على تعرضها لعنف جنسي.
وسرعان ما تواصل أوتمازجين مع وسائل الإعلام، وظهر وهو يبكي في جلسة أمام البرلمان الإسرائيلي، تم بثها تلفزيونيًا، وهو يتحدث عن العنف الجنسي الذي تعرضت له الفتاة الإسرائيلية، وسرعان ما انتشرت روايته حول العالم.
غير أنه اتضح أن كل رواية أوتمازجين عن العنف الجنسي اثناء هجمات 7 أكتوبر لم تقع أصلًا، كما أكدت أسوشيتدبرس.
وقال أوتمازجين في مقابلة مع الأسوشيتدبرس “لم أختلق القصة لكن لم أفكر في أي خيار آخر وقتها غير تعرض المراهقة للإعتداء الجنسي”، موضحًا أنه “في النهاية كان الأمر مختلفًا وكان لابد من أصحح شهادتي”.
غير أن اعتراف أوتمازجين بأن روايته لم تقع “متأخر جدًا”، حسب ما قالت أسوشيتدبرس، حيث قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إن لديه أسباب للاعتقاد بوقوع “اغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي باعتبارها جرائم ضد الإنسانية”، أثناء الهجمات التي قامت بها حماس.
وذكرت الوكالة أنه على الرغم من أن عدد الهجمات التي قيل إن إسرائيليين تعرضوا لها في 7 أكتوبر غير معروف، إلا أن “الروايات المفضوحة، مثل رواية أوتمازجين، شجعت الشكوك وأثارت نقاشًا مشحونًا للغاية حول نطاق ما حدث في 7 أكتوبر”.
يذكر أن منظمة “زاكا” الإسرائيلية، التي يعمل معها أوتمازجين متطوعا، هي أول منظمة إسرائيلية تصل لمقر الهجمات، وقدم المتطوعون بها الكثير من الصور والمعلومات عما حدث لوسائل الإعلام.
ولا تقوم منظمة “زاكا” بأعمال الطب الشرعي، منذ أن تأسست عام 1995، وتتمثل مهمتها المحددة في جمع الجثث بما يتماشى مع الشريعة اليهودية.
لكن الفحص الذي قامت به الأسوشيتد برس للطريقة التي تعاملت بها منظمة “زاكا” مع القصص، عن تفاصيل ما حدث خلال الهجمات، يظهر أن المعلومات التي قدمتها يمكن “أن تكون غامضة ومشوهة في فوضى الصراع”.
وساعدت المعلومات التي قدمها المتطوعون في منظمة “زاكا” الصحفيين ومحققي الأمم المتحدة في رسم صورة عما حدث خلال هجوم فصائل المقاومة في 7 أكتوبر الماضي.
أجندات سياسية
وقالت الأسوشيتد برس إنه على الرغم من دور “زاكا في تكوين صورة مفضوحة عما حدث خلال الهجمات، استغرق شهورا لكي تعترف بأن المعلومات كانت خاطئة، مما سمح لها بالانتشار، كما جرى توظيف موضوع العنف الجنسي لخدمة أجندات سياسية”.
ومضى التقرير إلى أن إسرائيل استخدمت مزاعم العنف الجنسي لتسليط الضوء على ماوصفته “بوحشية حماس”، ولتبرير هدفها المعلن في العدوان على غزة.
وعلاوة على كل ما سبق، اتهمت إسرائيل المجتمع الدولي “بتجاهل أو التقليل من شأن الأدلة على مزاعم العنف الجنسي”، مدعية أن “هناك تحيزا ضد إسرائيل”.
ومرارًا، نفت حماس أن تكون قواتها قد ارتكبت أعمال عنف جنسي خلال هجوم 7 أكتوبر، مؤكدة أنها مجرد روايات إسرائيلية مفبركة لحشد الدعم الدولي والتعاطف معها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تثبت فيها تقارير عبرية وعالمية "أكذوبة" العنف الجنسي وقتل الاطفال، على يد المقاومة الفلسطينية في أحداث هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
"زاكا" وتلفيق القصص من أجل المال والتبرعات
وقبل أشهر، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن عددًا من السياسيين والضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك المتطوعين في منظمة زاكا الدينية (تحديد ضحايا الكوارث)، أسهموا في انتشار قصص غير صحيحة حول أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومنها قضية قطع رؤوس الأطفال.
وأفاد تحقيق جديد للصحيفة العبرية، أن منظمة "زكا" الدينية التي منحت مهمة جمع رفات قتلى عملية الـ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، نشرت روايات كاذبة عن فظائع لم تحدث بهدف جمع تبرعات بمبررات زائفة.
وتابعت "هآرتس"، أن "زكا" وأعضاؤها المتطرفون أطلقوا دعايات مزيفة عن رفات القتلى للتخلص من ديون أثقلت المنظمة لسنوات.
وسرد التحقيق المطول، قصصًا عن استغلال أعضاء المنظمة تواجدهم في مواقع الهجمات للتصوير والحصول على التبرعات.
ونقل التحقيق عن "شهود عيان" أن أعضاء من "زكا" كانوا يجرون مكالمات فيديو ويصورون جثثًا موضوعة في أكياس بلاستيكية، وأنه تم ترتيب المكان بشكل خاص لإثارة مشاعر المتبرعين.
وأشار التحقيق إلى، إنه تم توجيه بعض أنشطة المنظمة -التي كانت، عشية الحرب، متورطة في ديون ملايين الشواكل- نحو جمع التبرعات والعلاقات العامة والمقابلات الإعلامية والجولات للجهات المانحة.
وفي تقرير سابق، قالت الصحيفة إنه بعد مرور أشهر، على عملية طوفان الأقصى، فإن "الشرطة" ما تزال تواجه مصاعب في العثور على أدلة على وقوع "اعتداءات جنسية" خلال الهجوم، كذلك صعوبة في تحديد مكان الضحايا المزعومين، ولا تستطيع ربط الأدلة الموجودة بمن قالت إنهم ضحايا موصفون.