يرى محللون "إسرائيليون"، أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال ووزير الحرب، يضع إسرائيل في واقع دبلوماسي لم تواجهه من قبل قط، فهو على المدى القصير، وللمرة الأولى، يعرض القيادة الإسرائيلية لخطر تهديد دولي حقيقي في أعقاب قرارها مواصلة الحرب في غزة.
وعلى المدى الطويل، تقول صحيفة "هآرتس" العبرية، إذا صدرت أوامر الاعتقال، فقد نجد أنفسنا داخل انهيار دبلوماسي لإسرائيل، مع ما قد يترتب على ذلك من آثار بعيدة المدى على العلاقات الاقتصادية والعلمية والتجارية، وعلى مجالات أخرى أيضاً. إن هذه الخطوات ضد إسرائيل في خضم الحرب غير مسبوقة، وهي تعرض بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت لخطر التسليم في حالة قيامهما بزيارة الدول الأعضاء في المحكمة.
وأشارت إلى، أن وخلافاً للتوقعات المبكرة، فإن التحقيق الذي يجريه المدعي العام كريم خان يستهدف السياسيين فقط، حيث لم يتم تضمين أي ضباط الجيش في هذه المرحلة. وتركز الاتهامات على الإجراءات المتخذة ضد سكان غزة، وخاصة تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.
أعلن مكتب المدعي العام للمحكمة "الجنائية الدولية"، أنه يسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت.
وأضاف المدعي العام كريم خان، أن الأدلة خلصت إلى أن مسؤولين إسرائيليين حرموا بشكل ممنهج فلسطينيين من أساسيات الحياة، وأن نتنياهو وغالانت متواطئان في التسبب في المعاناة وتجويع المدنيين في غزة.
وأشار إلى أنه "استنادا إلى الأدلة التي جمعها مكتبي وفحصها، لدي أسباب معقولة للاعتقاد أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يوآف غالانت، يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين اعتبارا من الثامن أكتوبر 2023 على الأقل".
تلي تلك الخطوة، دراسة طلب المدعي العام من قبل لجنة من قضاة المحكمة، وإذا اقتنعت بحيثيات الطلب ستصدر مذكرات الاعتقال، وفي حال صدور مذكرات الاعتقال فإن نتنياهو وغالانت سيكونان معرضان للاعتقال في 124 دولة، كما لن تقتصر مذكرات الاعتقال على نتنياهو وغالانت وقد تطول مسؤولين إسرائيليين آخرين.
قنبلة لاهاي وقنابل رفح
وحول مصير اجتياح رفح مع تحرك "الجنائية الدولية"، يوضح المحلل عاموس هرئيل في "هآرتس"، أنه في هذه المرحلة، ليس من الواضح كيف ستؤثر القنبلة التي أسقطت في لاهاي على القنابل التي لا تزال تسقط على رفح. حيث إن العملية العسكرية هناك أكبر مما يقال للجمهور.
ويشير إلى، أن الآراء داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تنقسم حول مواصلة العملية. ويعتقد أنصار احتلال رفح أن إسرائيل تحتاج إلى هزيمة آخر كتيبة عاملة تابعة لحماس وكتائبها الأربع. ومع ذلك، فإنهم يعترفون بأن القيام بذلك لن يعني هزيمة حماس، بل سيتطلب استمرار القتال طويلاً في جميع أنحاء غزة ربما لعدة أشهر.
ومعارضو العملية يؤمنون بالسعي إلى "صفقة رهائن" وإنهاء الحرب على الجبهتين، حتى لو كان ذلك يعني الاعتراف بأن "إسرائيل" لم تحقق هدفها ولم تفكك حكم حماس بشكل كامل".
ويعارض الجانبان، بحسب الصحيفة العبرية، الحل الأكثر جذرية الذي يقدمه نتنياهو ووزراؤه اليمينيون المتطرفون في حكومته: الإعداد لإقامة إدارة عسكرية مؤقتة في غزة. وكرر غالانت معارضته لهذه الفكرة أمام جمهور معادٍ، وهو وفد الليكود في الكنيست.
وحذر من أن الجيش ليس لديه العدد الكافي من الجنود للقيام بهذه المهمة وأنه سيضطر إلى تمديد الخدمة الإلزامية للمقاتلين إلى أربع سنوات. ومن يعرف الحالة المزاجية السائدة بين الجنود وأولياء أمورهم يعلم أنه سيكون من الصعب للغاية تنفيذ مثل هذه الخطوة.
في الوقت الحالي، يتخذ نتنياهو الخط المتشدد، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان الخطر الشخصي الذي يواجهه في لاهاي سيؤثر على اعتباراته وقراراته.
إن العمل الشاق المستمر يؤثر سلباً على الجيش. كلما طال أمد الحرب في غزة، ولم يتم تحديد موعد لإعادة السكان من الشمال إلى منازلهم، تتزايد علامات الاستفهام في ذهن الجمهور حول فرص تحقيق الأهداف التي حددتها إسرائيل منذ البداية. وفي الوقت نفسه، يفقد الجمهور أيضاً ثقته بالجيش.
وأجرى معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب استطلاعاً للرأي العام هذا الأسبوع. النتائج واضحة إلى حد ما: إن ثقة الجمهور تتضاءل – سواء في الإعلانات في الجيش أو في عملية صنع القرار التي يتخذها رئيس الأركان هرتزل هاليفي.