فلسطين أون لاين

"شهادات جديدة"..

كيف تستدرج المسيّرات "الإسرائيلية" الفلسطينيين بغزة ثم تستهدفهم؟

...
quadcopter-gaza-2018-said-khatib-afp.jpg.webp
ترجمة خاصة _ فلسطين أونلاين

تستخدم المروحيات الرباعية الإسرائيلية "المسيّرات" تكتيكًا جديدًا "غريبًا" يتمثل في تشغيل تسجيلات صوتية لأطفال رضع ونساء يبكون من أجل جذب الفلسطينيين إلى المواقع التي يمكن استهدافهم، واستدراج المدنيين لقنصهم في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.

ويتمثل هذا السلاح بمسيّرة “كواد كابتر”، وهي كلمة إنجليزية تعني “رباعية المراوح”، وتطلق على المسيّرات التي تستخدم 4 مراوح للإقلاع العمودي والحركة الأفقية، سواء كانت ذات استخدام عسكري أو مدني، ويصل وزنها تقريبًا إلى 10 كيلوغرامات، ولا تزيد أبعادها عن 1.6 مترًا، حيث يتم تسييرها إلكترونيًّا عن بُعد.

‏توظَّف هذه المسيّرات لتوفير صور استخباراتية تسهّل عمل قوات الاحتلال على الأرض، بالاعتماد على قدرتها على التسلُّل إلى الأزقة ونوافذ البيوت والطيران على ارتفاعات منخفضة، كذلك تزوَّد بعبوات ناسفة مدمجة تحوّلها إلى طائرة انتحارية قاتلة.

وفي ليلتي الأحد والاثنين، استيقظ سكان الأجزاء الشمالية من مخيم النصيرات للاجئين في غزة، على أصوات بكاء الأطفال والنساء وهم يستغيثون، وعندما خرجوا لتحديد مصدر الصراخ وتقديم المساعدة، فتحت مروحيات الإسرائيلية النار عليهم مباشرة.

وقالت سميرة أبو الليل، إحدى سكان مخيم اللاجئين، لموقع "ميدل إيست آي" إنها سمعت طائرات "كوادكوبتر" إسرائيلية تطلق النار أثناء وبعد وقت قصير من تشغيل الأصوات المسجلة، والتي استمرت لعدة دقائق وتكررت عدة مرات ليلة الاثنين. 

وقال رجل بالغ من العمر (49 عاماً): "سمعت امرأة تبكي وتصرخ طلباً للمساعدة، وتقول: ساعدوني، استشهد ابني". وكانت الأصوات تأتي من الشارع وكانت غريبة".
 
"هرع بعض الرجال للإنقاذ، فقط ليتم إطلاق النار عليهم من قبل المروحيات الرباعية التي ظلت تتجول طوال الليل."

وبحسب شهود عيان، أصيب ما لا يقل عن سبعة إلى 10 أشخاص، بينهم حالات خطيرة برصاصة مباشرة بالرأس جراء حريق المروحية الرباعية خلال الليل.

ولم يتمكن السكان من مساعدة الضحايا لأن "المروحيات الرباعية كانت تطلق النار على أي شيء يتحرك". إلا أن سيارة إسعاف تمكنت من الوصول إلى المنطقة ونقلهم إلى المستشفى.

وأضافت المواطنة أبو ليل: "في المساء، عادة ما تكون الشوارع فارغة والرجال داخل منازلهم". "عندما تطلق المروحيات الرباعية النار، فإنها تضرب الأسطح والشوارع فقط، ولا تجد أي شخص لإطلاق النار. لذلك أطلقوا هذه الأصوات لأنهم يعرفون طبيعة مجتمعنا؛ فهم يعلمون أن الرجال سيحاولون تقديم المساعدة". مردفةً: "أرادوا أن يخرجوا حتى يتمكنوا من إطلاق النار عليهم". 

وتتابع: "أمس والليلة السابقة، أصابت رصاصات الطائرات الرباعية سقف منزلنا وبابنا والشارع أمام منزلنا. لكن صباح أمس، أطلقوا نوعًا من القنابل المتفجرة ذات الشظايا التي انتشرت في كل مكان في حينا، مما أدى إلى إصابة العديد من السكان".

هجمات "كوادكوبتر" تتزايد

وقال محمد أبو يوسف، 19 عامًا، لموقع "Middle East Eye"، إنه سمع في حوالي الساعة الثانية من صباح يوم الاثنين صراخ الأطفال. ومع ذلك، نظرًا لأن الناس كانوا ينشرون على وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الوعي بمصدر هذه الأصوات، فقد اختار عدم المغامرة بالخارج.

مضيفًا: "كانت هناك أصوات مختلفة قادمة من "الكواد كابتر". كانوا يصدرون أصواتا. كانت بعض التسجيلات مفهومة والبعض الآخر لم يكن كذلك. واستمرت حوالي 30 إلى 60 دقيقة، ثم بدأت المروحيات الرباعية في إطلاق النار وإطلاق القنابل في الحي”.

وتابع، "لم نخرج، لأننا علمنا أن هذه مجرد تسجيلات تم تشغيلها بواسطة المروحيات الرباعية لإغرائنا بالخروج".

وأظهر مقطع فيديو سجله أحد سكان مخيم النصيرات، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أصوات بكاء أطفال، فيما أوضح المواطن أن هذه الأصوات مسجلة مسبقاً بواسطة طائرات كوادكوبتر إسرائيلية.

وبحسب السكان، فإن التسجيلات الصوتية تضمنت أيضًا أغاني باللغتين العبرية والعربية، بما في ذلك أغاني أطفال، وأصوات اشتباكات ودبابات متحركة، وأصوات مسلحين فلسطينيين، وأصوات بائعين محليين متجولين لمنتجات التنظيف المألوفة لدى سكان غزة.

ولمدة أسبوع، شن الجيش الإسرائيلي هجومًا عسكريًا مكثفًا على الجزء الشمالي الغربي من النصيرات، مستهدفًا الأفراد والمنازل والأحياء بالقصف المدفعي والجوي والبحري، فضلا عن نيران "المروحيات الرباعية".

وفي وقت سابق، قال المرصد الأورومتوسطي إن هذا الترهيب النفسي تزامن مع هجمات عسكرية عنيفة ينفذها الجيش الإسرائيلي بالقصف المدفعي والجوي وإطلاق النار بالأسلحة الرشاشة من الطيران المروحي والدبابات والمسيرات من نوع كوادكابتر، على نحو عشوائي وبشكل مكثف ومستمر في مناطق متفرقة من مخيم النصيرات خلفت عشرات القتلى والإصابات بين المدنيين، بينهم نساء وأطفال.

وأكد الأوورمتوسطي أن الهجمات العسكرية العشوائية والمنهجية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم النصيرات شملت استهداف أي شخص بمجرد الحركة في الشارع أو النظر خارج النوافذ، وكذلك استهداف بعض السكان المدنيين لدى محاولتهم استكشاف ما يجرى في محيط المنازل ومراكز الإيواء أو محاولة التنقل بينها. وتتصاعد عمليات القصف وإطلاق النار على مدار ساعات الليل، وتستهدف على نحو مباشر ومتعمد مناطق سكنية مكتظة وأعيان مدنية، مثل المساجد والمدارس التي تأوي نازحين، فضلًا عن الاستهداف المتعمد للسكان المدنيين بغرض قتلهم وإصابتهم.

وحذر المرصد الأورومتوسطي من خطورة الأساليب اللاأخلاقية واللاإنسانية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، والآخذة بالتوسع يومًا بعد يوم، والتي تلحق بهم أضرارًا نفسية وجسدية شديدة، في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

وقال الأورومتوسطي إن عمليات القتل المتعمدة وغير القانونية والإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء، سواء بالتصفية المباشرة أو القنص وإطلاق النار التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين تنتهك حقهم في الحياة، وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعتبر من الانتهاكات الجسيمة وفقًا لاتفاقيات جنيف، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، وتشكل ركنًا من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة للشهر السابع على التوالي.

كما شدد الأورومتوسطي على أن مهاجمة الجيش الإسرائيلي للمناطق السكنية والمباني العزلاء، وقصفها، وتعمد قواته توجيه هجمات عسكرية ضد المواقع المدنية وبناها التحتية، وإلحاق أضرار واسعة النطاق وطويلة الأجل بها، تعد جميعها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي، وتستدعي المساءلة والمحاسبة الدولية فورًا. وهو ما أكد عليه البيان الصادر أمس من قبل خبراء في الأمم المتحدة، الذين دعوا إلى مساءلة ومحاسبة إسرائيل وجميع الدول التي مكنتها من تنفيذ جرائمها التي أدت إلى تدمير قطاع غزة على نحو غير مسبوق، سواء من خلال إمدادها بالسلاح أو الدعم المادي أو السياسي، ومطالبتهم جميعا بدفع التعويضات عن كافة الأضرار التي تسببوا بوقوعها.