فلسطين أون لاين

من كوارث الحرب "الإسرائيلية" على غزة

تقرير التهاب الكبد الوبائي.. عدوى تلتهم النازحين في مراكز الإيواء

...
غزة/ أدهم الشريف

لم تنتظر والدة الفتاة رانيا داوود كثيرًا بعدما لاحظت حالة الهزل والاصفرار التي أصابت ابنتها في أحد المراكز المخصصة لإيواء نازحي الحرب الإسرائيلية الممتدة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023.
 
وسارعت الأم إلى عرض ابنتها على أحد الأطباء المتخصصين، وكانت الفاجعة أن رانيا البالغة (19 عامًا) أصابها عدوى بفيروس التهاب الكبد الوبائي.
 
كانت رانيا تسكن وعائلتها في أبراج الكرامة شمال غرب مدينة غزة، إحدى المناطق التي تعرضت لاستهداف مكثف من طائرات جيش الاحتلال.
 
تقول رانيا لموقع "فلسطين أون لاين": إن "القنابل انهمرت علينا كالمطر".
 
وقد أجبرهم القصف جميعًا على النزوح داخليًا لدى أقاربهم في مشروع بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة.
 
ولم تمضِ سوى بضع أيام حتى أجبروا على النزوح مجددًا إلى مستشفى كمال عدوان، شمالاً، قبل أن يستقر بهم الحال أخيرًا في مدرسة تحولت إلى مركز لإيواء النازحين في مخيم جباليا، شمالي القطاع.
 
وتضم المدرسة آلاف النازحين ممن هدم جيش الاحتلال منازلهم أو غير القادرين على العودة إليها والاستقرار فيها مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية وعمليات القصف التي جاءت على كل شيء في القطاع الساحلي.
 
وتضيف رانيا التي لا زالت تعاني من تبعات إصابتها بالتهاب الكبد الوبائي: إنها لم تتوقع يومًا أن تصاب بهذا الفيروس، لكن الازدحام في صفوف النازحين كان سببًا رئيسيًا في ذلك.

التهاب3.jpg

المعاناة لم تقتصر على رانيا فحسب، بل تمتد لتشمل عدد كبير من النازحين وقد أصابتهم الأمراض ويفتقد الكثير منهم للأدوية والعلاجات الطبية المناسبة بفعل استهداف جيش الاحتلال المستشفيات واقتحامها وتدمير البنية الطبية فيها ما أدى إلى خروج غالبيتها عن الخدمة.

نزوح وأمراض

وابتسام حرز الله واحدة من اللاتي أصابهن التهاب الكبد الوبائي أيضًا.

كانت ابتسام البالغة (39 عامًا) من سكان مدينة غزة لكن الحرب الممتدة للشهر الخامس على التوالي، أفقدتها وعائلتها مأواهم الوحيد وجعلتهم نازحين في مدرسة تتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، كانت قد تحولت إلى مركز للإيواء.
 
ومع بداية ظهور أعراض التهاب الكبد الوبائي على ابتسام، قرر والديها مرافقتها إلى النقطة الطبية في مركز الإيواء قبل أن يطلب منهما نقلها إلى مجمع الشفاء.
 
وقالت ابتسام لـ"فلسطين أون لاين": إن الطبيب طلب منها تناول السكريات بكثرة، والحد من الاحتكاك الاجتماعي مع النازحين، والحفاظ على النظافة الشخصية وكذلك نظافة مرافق مركز النزوح وخاصة دورات المياه للحد من انتشار الفيروس.
 
وأضافت: لولا الحرب الإسرائيلية لما وصلنا إلى هذا الحال.
 
وقد تعرضت ابتسام لحالة إغماء داخل المشفى أكثر من مرة بعد اكتشاف إصابتها بالتهاب الكبد الوبائي.

التهاب4.webp

وتعج مراكز النزوح بعشرات آلاف المواطنين بعدما دمر جيش الاحتلال منازلهم إما بالقصف الجوي أو عن طريق نسفها بالمتفجرات.
 
وشهدت أحياء متفرقة من محافظات قطاع غزة منذ بدء الحرب تدمير جيش الاحتلال مربعات كاملة كانت تضم مئات الوحدات السكنية.
 
أرضية خصبة!
وتشكل حالة الازدحام في مراكز النازحين وعدم توفر بيئة صحية ملائمة -كما يرى أطباء متخصصون- أرضية خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض بين النازحين.
 
وأكدت الطبية في قسم الباطنة بمجمع الشفاء الطبي ياسمين السراج، انتشار فيروس التهاب الكبد الوبائي (أ) بين النازحين بفعل حالة التكدس في مراكز الإيواء.
 
وأوضحت السراج لـ"فلسطين أون لاين"، أن هذا النوع من الالتهاب الكبدي ينتشر عن طريق الطعام الملوث والأيدي الملوثة وفضلات الإنسان، وتتجلى أعراضه في الصداع والمغص والاصفرار ونزلات البرد.
 
وأضافت: مع الانتشار الكبير للفيروس في مراكز إيواء النازحين أصبح الكثير منهم مهدد بالإصابة بفشل كبدي حاد قد يؤثر على وظائف الكبد وسيولة الدم ما يجعلهم بحاجة ماسة إلى علاج في المستشفيات.
 
وتعاني مستشفيات قطاع غزة وضعًا كارثيًا بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتعمد، وهي تفتقد للأدوية والأجهزة المستهلكات الطبية اللازمة لعلاج المرضى وجرحى الحرب أيضًا.
 
وأكملت السراج: أن النظافة الشخصية والطعام النظيف يساعدان على الحد من تفشي الفيروس.