نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالاً، أعربت كاتبته عن استهجانها الكبير مما وصفته حالة "لا مبالاة الغرب" مما يحدث لنساء غزة، في حين كان كل هموم تيار الخطاب النسوي السائد خلال الأسابيع القليلة الماضية يدور حول ترشيحات "أفلام باربي" لجوائز الأوسكار، وفسرت هذا الأمر بأنه مجرد طبيعة بشرية، حيث تملي سياقاتنا وثقافتنا أولوياتنا المباشرة.
وتساءلت الكاتبة، نسرين مالك، على ما وصفته بـ “الحرب على النساء في غزة": "هل سيتجاهلها الغرب حقا، لأنهن لسن مثلنا؟".
ولفتت إلى، أن الكارثة في بعض الأحيان تكون كبيرة جدًا لدرجة أنها تحجب تفاصيلها. فبالإضافة إلى عدد القتلى والنازحين في غزة، كان الصراع أشد قسوة على النساء والفتيات.
وأردفت أن هناك دوافع أخرى، من غير المريح التفكير فيها، ولكن من الصعب تجاهلها، والتي تقلل من التركيز على الوضع اللاإنساني والملح بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالنساء والفتيات في غزة.
وقالت الكاتبة إنه عندما تنجو الأم والطفل في هذه الظروف المستحيلة، يواجهان النزوح والجوع بينما تعالج الأم التمزقات والجروح وتحاول الاعتناء بمولود يعاني من سوء التغذية. وكان على النساء الحوامل أن يقطعن رحلة طولها 20 ميلًا من الشمال إلى الجنوب في غزة. ويصلن في ظروف تقول اليونيسف إنها "تتجاوز عتبة المجاعة"، وهي مثيرة للقلق بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بمصير عشرات الآلاف من النساء الحوامل والمرضعات، اللاتي يستهلك غالبيتهن نوعا واحدا أو نوعين فقط من الطعام.
وأضافت في مقالها، لا تستطيع الأمهات في غزة الحصول على ما يكفي من الغذاء والمياه النظيفة لإنتاج الحليب لأطفالهن، وعندما يتوفر حليب الأطفال في مخيمات النازحين، فإن العثور على المياه النظيفة لغليها وخلط الحليب به يشكل تحديًا يوميًا. وفي كانون الأول/ ديسمبر، لم يتم غسل المواليد الذين ولدوا في مخيمات النازحين منذ شهر. قال تقرير لقناة "سي إن إن" في تشرين الثاني/ نوفمبر: "إن العديد من جوانب الأمومة، التي كانت في السابق روتينية، أصبحت الآن مسألة حياة أو موت".
وأشارت إلى، أن حوالي 50 ألف امرأة حامل في غزة، وقد صنفت 40% من حالات الحمل بأنها عالية الخطورة، إذ يبلغ عدد اللائي يلدن 180 يوميا، بينما البنية التحتية للرعاية الصحية مدمرة.
وبحسب منظمة الرعاية الخيرية "لا يوجد طبيب أو قابلة أو ممرضة لدعم النساء أثناء المخاض. ولا يوجد مسكنات للألم أو التخدير أو مواد التعقيم عندما تلد النساء".
وأوضحت، أن الأطفال يولدون على الأرض في العراء، ويُقطع الحبل السري بأي أداة حادة في المتناول، في حين تُملأ أي علبة صفيح بالماء الساخن لإبقاء الرضيع دافئا. والعمليات القيصرية، المؤلمة حتى مع توفر الأدوية، يجريها الجراحون دون أي تخدير على الإطلاق وفي غياب الماء لغسل أيديهم، ناهيك عن تعقيمها، ولا توجد أي مضادات حيوية لأي التهابات ناتجة. وفي بعض الحالات، ووفقا لتقارير من صحيفة واشنطن بوست، أجريت عمليات قيصرية لنساء بعد وفاتهن.
وفي مخيم تبلغ مساحته 5 كيلومترات مربعة في رفح، لا يُسمح بدخول أي مساعدات، ما يؤدي إلى تجويع السكان من الغذاء والإمدادات الطبية ومنتجات النظافة والمنتجات الصحية. ونظرا لعدم توفر منتجات الدورة الشهرية، يضطر أولئك اللاتي ينزفن بعد الولادة أو بسبب الإجهاض، وكذلك النساء والفتيات في فترة الحيض، إلى استخدام أجزاء من نسيج الخيمة والملابس وقطع المناشف، مما يزيد من خطر العدوى والصدمة التسممية. يوجد دش واحد لكل 2000 شخص ومرحاض واحد لكل 500 شخص، حسب المقال.
وعلقت الكاتبة، على حجة ومزاعم تسوقها "البربوغندا" النسوية الإسرائيلية، حين تبرر قتل النساء والمدنيين "أن تصويت غزة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل 18 عامًا يثبت أن هناك مسؤولية جماعية عن عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأنه لا يوجد أبرياء"، قائلةً: "هذه الحجة هي بمثابة سباق إلى قاع الإنسانية، وتعطي ترخيصًا لتشويه سمعة شعب بأكمله، والتنازل عن مسؤولية التفكير النقدي والعاطفي حول الثقافات والسياسة التي شكلتها سنوات من الاحتلال والأزمات والحصار".