بيْن سحل المرابطات والاعتداء عليهن، وإبعاد المرابطين عن المسجد الأقصى، وطرد المصلين منه، مقابل تسهيل اقتحام المستوطنين، وأداء الطقوس التلمودية، ترتكب (إسرائيل) جريمةً فادحةً يرى متحدثون أنها قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع في وجهها مجددًا، على غرار هبة أكتوبر عام 2000.
وحذر المتحدثون من أن تصاعد انتهاكات الاحتلال بحق القدس وأهلها سيدفع فلسطينيي الداخل إلى الانطلاق في هبّة جديدة على غرار ما تعرف بـ "هبَّة أكتوبر".
وانطلقت هذه الهبّة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول عام 2000، وشكلت آنذاك محطة مفصلية في نضال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948.
وارتقى في أحداث الهبة 13 شهيدًا من فلسطينيي الداخل نتيجة قمع قوات الاحتلال الاحتجاجات التي جاءت ردًّا على اقتحام رئيس المعارضة في حينه أرئيل شارون ساحات المسجد الأقصى.
وفي إثر اقتحام شارون اندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000، وعمت الأراضي الفلسطينية المحتلة، وامتدت سنوات، وسقط خلالها مئات الشهداء وآلاف الجرحى.
اقرأ أيضاً: مركز حقوقي: 50 ألف حالة اعتقال منذ هبة القدس في أكتوبر 2015
وقد شهدت أيضًا أراضي الـ48 هبة جديدة تزامنت مع معركة "سيف القدس" في مايو/ أيار 2021، التي خاضتها المقاومة بغزة ردًّا على مخططات وانتهاكات الاحتلال في القدس، وتحديدًا في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح المهدد أهله بالتهجير القسري.
شعب واحد
وأكد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصى د. عكرمة صبري، أن شرارة أحداث هبة أكتوبر انطلقت من المسجد الأقصى عندما دنس شارون ساحات المسجد، وشملت أراضي الـ48.
وأضاف صبري لصحيفة "فلسطين": "ليس غريبًا على أهلنا من فلسطينيي الـ48 أن ينتفضوا دفاعًا عن الأقصى، فهم جزء أساسي من الشعب الفلسطيني".
وتابع "أن فلسطين أرض واحدة وشعب واحد عاصمته القدس، لا نلتفت إلى التقسيمات التي يحاول الاحتلال فرضها، ولا نعترف بها"، في إشارة إلى فصل المناطق الفلسطينية بعضها عن بعض.
ووصف صبري فلسطينيي الـ48 بأنهم "سندنا في مواجهة مخططات الاحتلال بالقدس".
وأرجع تصاعد جرائم وانتهاكات الاحتلال والمستوطنين إلى أن جزءًا أساسيًا من وزراء حكومة الاحتلال هم أصلاً من دعاة ارتكاب الجرائم والاقتحامات للمسجد الأقصى، من بينهم وزير "الأمن القومي" المتطرف إيتمار بن غفير.
وبين أن هذا يعني تكثيف الاقتحامات وزيادة أعداد المستوطنين وارتكاب تجاوزات خطيرة من طقوس تلمودية ونفخ في البوق، وهو ما سيؤدي إلى تفجر الأوضاع بوجه الاحتلال في أي لحظة.
وتابع صبري: "عندما ينتفض الفلسطينيون فإنهم لن يستشيروا أحدًا".
وفي انتهاك جديد اعتدت قوات الاحتلال ومستوطنون على عدد من المرابطات عند باب السلسلة بالبلدة القديمة من القدس المحتلة، في مشهد أثار ردود فعل غاضبة ضد تكرار هذه الجريمة، تزامنًا مع تصاعد الدعوات للرباط في الأقصى والوقوف في وجه اقتحامات المستوطنين.
محطة نضالية
من جهته قال عضو لجنة المتابعة العليا في الداخل المحتل، محمد كناعنة، إن "هبة أكتوبر" شكلت محطة نضالية مهمة لفلسطينيي الداخل، مثل أي ذكرى وطنية تحظى باهتمام الفلسطينيين، ومنها يوم الأرض، وغيرها من المناسبات الوطنية.
وأضاف كناعنة لصحيفة "فلسطين": أن فلسطينيي الداخل استطاعوا في مناسبات وطنية سابقة تجاوز السقف السياسي الذي وضعه الاحتلال منعًا للقيام بأي نشاطات تؤرخ للقضية الفلسطينية، أو تقف في وجه الانتهاكات الإسرائيلية.
وقد استطاع فلسطينيو الداخل -بحسب كناعنة- إرسال رسائل سياسية مركزية للاحتلال مفادها أن مشاريع الأسرلة التي نفذها الكيان واستهدف بها فلسطينيي الداخل من أجل إبعادهم عن قضاياهم المركزية قد فشلت تمامًا.
كما أرسل فلسطينيو الداخل من خلال الهبات -والقول هنا لكناعنة- رسالة مهمة للسلطة في رام الله، مفادها أن محاولات التخلي عنهم قد باءت بالفشل، فهم جزء أساسي من الشعب الفلسطيني ولا يمكن الاستغناء عنهم أو تقرير مصير شعبنا دونهم".
ونبَّه إلى أن الانتهاكات والمضايقات الإسرائيلية بحق القدس والأقصى وفلسطينيي الداخل لم تتوقف يومًا، وهي في تصاعد من أجل إكمال السيطرة على الأقصى، وكل هذا ينذر بإمكانية تفجر الأوضاع في وجه الاحتلال.