فلسطين أون لاين

مراقبون: تمت خارج الأطر القانونية وتترك صدمة نفسية

تقرير اعتقالات السلطة للأطفال.. انتهاكات مستمرة تتجاوز الخطوط الحمراء

...
أجهزة السلطة بالضفة الغربية (أرشيف)
غزة/ يحيى اليعقوبي:

دأبت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية على إصدار بيانات ترصد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين، لكن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أضافت جهة جديدة لم يسلم منها هؤلاء الأحداث، بعد توثيقها اعتقال أجهزة أمن السلطة 21 طفلاً منذ بداية العام الجاري تعرض بعضهم لشكل من أشكال الشبح وإساءة المعاملة.

يثير بيان صدر مؤخرًا عن "الحركة العالمية" ووثق اعتقال 20 طفلًا تعرضوا للتوقيف والشبح وإساءة المعاملة عام 2022، تساؤلات حول الانعكاسات النفسية لآثار هذه الاعتداءات على الأطفال، وعلامات استفهام على عدم تطبيق القوانين الفلسطينية التي تحظر اعتقال الأحداث إلا من الجهات المختصة وفق شروط واعتبارات بوجود مذكرات اعتقال وقرارات محاكم.

ولا تتوقف الانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال عند حدود اعتقالهم، فخلال حملات الاعتقال الواسعة التي تشنها أجهزة أمن السلطة وتشمل عدة محافظات بالضفة، يتم ترويع الأطفال خلال عملية اقتحام البيوت المفاجئة في ساعات الفجر، أو خلال اعتقال ذويهم أمام أطفالهم وترك القصّر يتجرعون الصدمة.

وهذا ما فعلته مؤخرًا عندما اعتقلت الأسير المحرر زين الدين المحتسب من مدينة الخليل وتركت أطفاله في الشارع، قبل أن تفرج عنه لاحقًا.

ورغم طلب المحتسب من أجهزة أمن السلطة السماح له بإيصال أطفاله لمدرستهم، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، وطلب أحد العناصر من طفله الكبير البالغ من العمر (16 عامًا) بخبث أن يقود المركبة، عندما سأله الطفل: "ماذا سنفعل نحن هنا؟"، وفق زوجة المحتسب.

وفي 29 يوليو/ تموز الماضي، الساعة السادسة والنصف صباحًا، أفاق حسن حرز الله وأفراد عائلته، على أصوات اقتحام عناصر أمنية جاؤوا على متن نحو 11 مركبة أمنية تتبع السلطة، لمنزلهم الواقع في بلدة يعبد قضاء جنين.

للحظة، تحول البيت الذي قدَّم لفلسطين أربعة أسرى، إلى ساحة معركة سخَّرت فيها العناصر المقتحمة كل أدوات القمع لترويع الأطفال والنساء، وانهالوا بالضرب على الشقيقين محمد وحسن بواسطة الهراوات والأيدي أمام أعين والدتهم وأطفالهم.

سوء معاملة

وأكد مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال الفلسطينيين عايد أبو قطيش، أن أجهزة أمن السلطة جهة غير مختصة باعتقالهم حسب قانون حماية "الأحداث" لعام 2016، وحتى استدعائهم أو استجوابهم، مؤكدًا أن الأطفال تعرضوا للشبح ولشكل من أشكال سوء المعاملة.

وعد أبو قطيش لصحيفة "فلسطين" اعتقال الأطفال انتهاكًا لنص وروح القانون الذي يفترض احترام تنفيذه، إذ يفترض أن يتم التعامل معهم من شرطة حماية الأسرة والأطفال، لافتًا إلى أن الحركة وثقت اعتقال الأطفال لدى أجهزة أمن أخرى مثل مباحث السلطة.

اقرأ أيضاً: "حماس": جرائم الاحتلال باعتقال الأطفال واحتجازهم تنتهك القوانين الدولية

وشدد على ضرورة تطبيق القوانين، لردم الفجوة بين القانون والممارسة على أرض الواقع، لافتًا إلى أن الأطفال المعتقلين من أجهزة السلطة توزعوا على أكثر من محافظة من محافظات الضفة، جزء منهم اعتقل على خلفية انتماء سياسي وجزء آخر بحجة "حمايتهم".

وقال: إنه "بغض النظر عن خلفية الاعتقال فإن القانون يجب أن يأخذ مجراه"، مشددًا على أنه يجب على السلطة الالتزام بالمعايير الدولية على اعتبار أنها طرف في كل المعاهدات والقوانين الخاصة بحقوق الإنسان.

وحول خطوات الحركة العالمية القانونية تجاه اعتقال الأطفال، أشار إلى أنها قدمت دعاوى قضائية للمحكمة الإدارية خلال الشهرين الماضيين، وبناء على هذه الشكوى جرى الإفراج عن الأطفال قبل تحديد موعد الجلسة الأولى.

ونبه إلى أن قانون حماية الأحداث متناغم مع المبادئ الحديثة فيما يتعلق بحقوق الأطفال، ويفترض أن يكون هناك ضمانات لاحترام تطبيق بنوده.

تداعيات نفسية واجتماعية

في حين عد الباحث المختص في حقوق الأطفال، أشرف سمارة اعتقال الأطفال على خلفية انتمائهم السياسي شكلًا من أشكال الممارسات غير القانونية، كونه لا يوجد جنحة جرى ارتكابها.

وقال سمارة لصحيفة "فلسطين": إن "تبرير الاعتقال هو ضمن حالة التشوه الفلسطيني، وهو أكثر ضررًا من الاعتقال السياسي للأشخاص فوق سن 18 عامًا، وهو انتهاك غير مبرر وغير مجاز دون مذكرات اعتقال ولوائح اتهام يقبلها القانون بالمحاكم الفلسطينية المدنية".

وأضاف، أن الأمر في حالات الاعتقال السياسي للأحداث ليس العدد، فالأمر يتعلق ببعده القانوني، وهذه التجاوزات لا تفهم إلا أنها أحد الاستحقاقات السياسية كاتفاقات السلطة مع الاحتلال".

ولا يقتصر الاعتقال السياسي عند حدود احتجاز الأطفال، بل يلاحقهم تداعيات مختلفة نفسية واجتماعية، إذ يتسبب بصدمة نفسية لدى هؤلاء الأطفال وفق الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمدينة نابلس رأفت أبو خضر من جراء تعرضهم للإهانة والضرب".

وقال أبو خضر لصحيفة "فلسطين": إن "الاعتقال السياسي للأطفال يترك لديهم غصة بدلًا من زرع الروح الوطنية في داخلهم"، محذرًا من أن الأرقام المنشورة تنبه لكارثة باحتمالية تعرض أي إنسان للاعتقال السياسي".

ويعتقد أن خلفية اعتقال هؤلاء الأطفال يعود لأحداث مواجهات شعبية جرت بين جماهير وأمن السلطة، وعده اعتقالًا تعسفيًا وغير قانوني بغض النظر عن خلفية الاعتقال وأسبابه، ويخالف القوانين التي تمنع اعتقال الأطفال خاصة أنه لا يوجد سجن للأحداث بالضفة".