اتفاقية أوسلو مخالفة للشرع الإسلامي، ولا خلاف على ذلك، وفيها تنازل صريح عن غالبية الأرض الفلسطينية ومنحها لليهود دون أي مبرر شرعي أو حتى عقلي، والقول إن منظمة التحرير لجأت إلى التسوية البائسة بسبب ضعفها وقلة حيلتها، مردود على أصحابه، فالمنظمة لجأت إلى ذلك من أجل استمرار وجودها، وليس من أجل استعادة الوطن.
كما أنه لا يعقل أن تكون المنظمة التي أُنشئت من أجل تحرير المناطق المحتلة عام 1948 هي الطرف الفلسطيني الوحيد الذي يتنازل عن تلك الأراضي، التي تمثل 78% من فلسطين، وعليه تكون كل فصائل منظمة التحرير مشاركة في التنازل، سواء اعترفت بذلك أو لم تعترف.
التطبيع من الثمار الشيطانية لاتفاقية أوسلو، وهو مخالف للشرع الإسلامي، والسؤال: ما الذي تغير حتى يصبح التطبيع مع المحتل الإسرائيلي مباحًا أو وجهة نظر؟
السلطة الفلسطينية بدأت مشاورات حثيثة مع دولة عربية تسعى إلى التطبيع مع الاحتلال وإرضاء الطرف الفلسطيني في الوقت ذاته، ويبدو أنهم توصلوا إلى توافق حول الثمن الذي تقبله السلطة الفلسطينية مقابل المضي قدمًا في عملية تطبيع قد بدأت بالفعل، ولكن لم يُعلَن الثمن الذي ارتضته السلطة لتؤمن غطاءً فلسطينيًا لعملية تطبيع جديدة.
اقرأ أيضًا: أوسلو.. حرب كسبها الكيان الصهيوني دون أن يُحارب
اقرأ أيضًا: أوسلو عقب 30 عامًا من الحصاد المر.. ماذا بعد؟
اتفاقية أوسلو سيئة وغير شرعية، ولكن الاستمرار في تقديم التنازلات إلى درجة فتح الطريق أمام بقية الدول العربية أمر بالغ السوء، فلا يجوز للسلطة الفلسطينية أن توفر الغطاء لدول التطبيع مع الاحتلال.
نحن لا نطالب منظمة التحرير بأن تقاطع الدول المطبعة؛ لأنه لا قدرة لها على ذلك، وإنما نطالبها بإدراك أن "إسرائيل" والدول المهرولة تجاه دولة الاحتلال "إسرائيل" تبيعها الوهم، فقد يتم إرضاء السلطة الفلسطينية بالأموال لتخفيف أزمة هم صنعوها، ولكنهم سيصنعون لها أزمة مماثلة أو أشد قبل كل تطبيع أو أي تنازل يريدونه من السلطة أو من منظمة التحرير الفلسطينية. ختامًا نقول إنه لا يجوز لمن وقع أوسلو مع الاحتلال أن يصف التطبيع بالخيانة، على الرغم من أنه خيانة دون أدنى شك؛ لأن الخلاف بين المنظمة والأنظمة المهرولة إلى أحضان "إسرائيل" ليس على المبدأ، وإنما على الثمن، سواء كان الثمن مليارات الدولارات أو كان انسحابا تاما من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 حسب المبادرة العربية، واعتراف العالم أجمع بشرعية تلك الدولة.