داخل مصنع صغير يمتد على مساحة ربع دونم على شارع صلاح الدين الأيوبي شمال قطاع غزة، تحولت فكرة أستاذ الهندسة الميكانيكية بالجامعة الإسلامية د. محمد أبو هيبة إلى واقعٍ يشقُّ طريقه في السوق المحلي، فبدأ خط الإنتاج داخل مصنعه الصغير بصناعة الطوب أو القرميد "البلاستيكي الرملي" بالعمل.
وقرميد "البلاستيكي الرملي" خليط من الرمل ومخلفات البلاستيك "المجروش" التي يتم صهرها مع الرمل، إضافة إلى مواد أخرى مثبتة لتتحول إلى عجينة توضع في قالب ينتج شكل "القرميد" الصلب بألوان مختلفة، تمر بعملية صناعة من خلال خط إنتاج يشرف عليه مجموعة من العمال داخل المصنع الذي استأجره ليحتضن فكرته.
قبل أربعة أعوام تولدت الفكرة في ذهن أبو هيبة، وكانت الفكرة في البداية تقوم على خلط البلاستيك مع نجارة الخشب، وفي أثناء بحثه على شبكة الإنترنت تبين له أنه يمكن خلط البلاستيك مع الرمل نظرًا لسعر الخشب المرتفع، وانتقل إلى مرحلة التجارب البسيطة التي أعطته نتائج جيدة، ثم تصميم عينات بأشكال مختلفة، تبعها إجراء فحوصات مختلفة.
بعد ذلك شارك أبو هيبة في مسابقة حملت اسم "مصادر" للشركات التي تُعنى بمجال التدوير، وحملت شركته اسم "أكنان"، وتقدم للمنافسة 38 شركة، خضعت لتقييم لجان تحكيم مشكَّلة من الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن، وفازت شركته ضمن 4 شركات فائزة.
اقرأ أيضًا: السماد السائل.. منتج عضوي لحل مشاكل الزراعة بغزة
من ناحية مميزات قرميد "البلاستيكي" عن القرميد الفخاري، يعرض أبو هيبة لصحيفة "فلسطين" عدة فروق، أولها مقاومة القرميد الرملي للكسر، إذ يتفوق على "الفخاري" بالصلابة، أما من ناحية الفاقد فيعتقد أن القرميد الفخاري يتعرض لفاقد بما نسبته من 20-30% في أثناء النقل والتركيب والتخزين، أما في حالة البلاستيكي فالفاقد أقل من 1%، وتقاربهما في امتصاص المياه والتوصيل الحراري وكذلك في السعر.
ويرى أن مميزات القرميد الرملي من ناحية الصلابة وقلة الفاقد تجعل سعره أقل، كما أنه يمكن طلبه بألوان متعددة.
بدأ المصنع المحلي الصغير الإنتاج منذ أسبوعين، ويتوقع أبو هيبة أن يصل الإنتاج اليومي إلى 200 قطعة قرميد يوميًّا، بمعدل 5 آلاف قطعة شهريًّا، مع وجود خطة في توسيع الإنتاج وزيادة حضوره في السوق المحلي، إذ يشكل حاليًّا ما نسبته من 1 إلى 2% من حجم السوق الذي يعتمد على القرميد الفخاري المستورد من إيطاليا ودولة الاحتلال وتركيا.
في المصنع المزود بخط إنتاج، بدأت الشركة المحلية في الإنتاج والتخزين قبل وضع أقدامها داخل السوق، لافتًا إلى أنهم سيبدؤون بتسويق اللون الأسود، ثم الأزرق السماوي، إضافة إلى ألوان أخرى تماشيًا مع أذواق المستهلكين.
اقرأ أيضًا: بلدية غزة تفتتح خط انتاج "الكومبوست" في مصنع تدوير النفايات
ويعتقد أن المنتج مُجدٍ اقتصاديًّا وبيئيًّا ومنافسًا محليًّا، ومر تصميمه النهائي الذي يشبه شكل القرميد الفخاري بالعديد من التجارب والمراحل، وخضع لعدة تعديلات، وهو قادر على خلق فرص عمل، فيشغِّل حاليًّا تسعة عمال، وقد يزيد العدد في حال زاد الإقبال على المنتج.
ويعمل المشروع على تدوير مخلفات البلاستيك، في وقت ينتج قطاع غزة 2000 طن من النفايات الصلبة يوميًّا، 16% منها من البلاستيك، الذي يدخله المشروع بدورة إنتاج جديدة، بالتالي يصبح لها قيمة اقتصادية وبيئية، من خلال تقنية جرى تطويرها من الصفر ستعود بجدوى اقتصادية، تخللها نشر بحث علمي عن الموضع، مع وجود مساعٍ وطموح لديه بإدخال صناعات أخرى غير القرميد في قائمة إنتاج الشركة.