تعيش دولة الاحتلال مرحلة الانهيار والتقهقر، وبعد أن كانت لها اليد العليا عسكريًا في المنطقة لم تعد كذلك، بل اعترف أحد قادة الكيان بأن حماس لها اليد العليا في الضفة الغربية، فضلًا عن مكانتها في قطاع غزة، لا يعني ذلك أن حماس أكثر تسلحا وقوة من دولة الاحتلال، لأنه لا مقارنة بين ما تملكه المقاومة الفلسطينية من ترسانه متواضعة وما يملكه العدو، وإنما عجزت دولة الاحتلال عن إخضاع المقاومة في قطاع غزة، وهي الآن عاجزة أيضا في وقف المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية وتقودها حركة المقاومة الإسلامية حماس، وتشارك فيها بقية الفصائل، وذلك حسب اعتراف العدو، وحسب العمليات التي تعلن تنفيذها الفصائل الفلسطينية، كما أنها انسحبت وفرت من قطاع غزة كما فرت من جنوب لبنان، وهذه كلها مؤشرات على انهيار لا مؤشرات على ازدهار وسيطرة.
دولة الاحتلال تحاول الخروج من مأزق تفوق المقاومة الفلسطينية وتصاعدها، بل وتقدمها على عدة جبهات، ونرى أنها قد وجدت ضالتها باستخدام سياسة "فرق تسد" وذلك لضرب وحدة الشعب الفلسطيني في كل الساحات من أجل إضعافه وإشغاله بنفسه؛ حيث حاولت على مدار سنوات تشويه صورة المقاومة في قطاع غزة في نظر الشارع الفلسطيني، ولكنها فشلت فشلا ذريعا رغم كل المحاولات لتحقيق ذلك الهدف، وهي الآن تخطط لاقتتال داخلي في الضفة الغربية بتحريض السلطة الفلسطينية على قمع المقاومة، وأعتقد أن الأمر سيفشل؛ لأن الشعب ذاق مرارة الانقسام والاقتتال الداخلي، ولن يكرر ما حصل في قطاع غزة، ولا سيما أن الشعب ينظر إلى اتفاقية أوسلو أنها سبب كل الكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني، وأنها مجرد سراب ولا يمكن أن تكون بديلا عن مشروع المقاومة لتحرير فلسطين أو أي جزء منها. دولة الاحتلال تمارس سياسة "فرق تسد" كذلك في الداخل المحتل، أي في المناطق المحتلة عام 1948، وخاصة بعدما هب شعبنا داخل الخط الأخضر للدفاع عن القدس والأقصى خلال معركة سيف القدس. الاحتلال أطلق عصاباته من المحسوبين على شعبنا لتقتل وتستبيح الدماء دون أي تدخل منه، حيث يتم قتل أكثر من عشرين مواطنا كل شهر منذ بداية هذا العام.
اقرأ أيضًا: التطور النوعي للمقاومة الفلسطينية
اقرأ أيضًا: فلسفة مقاومة الاحتلال
دولة الاحتلال (إسرائيل) ليست بريئة مما يحدث من اقتتال في مخيم عين الحلوة في لبنان، بل هي المتهم الأول فيها، لأن الاقتتال لا يصب إلا في مصلحتها، والهدف منه إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين بالطريقة التي تريدها دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية وبعض الأطراف العربية، ولذلك على الفصائل الفلسطينية أن تتنبه لهذا المخطط الإسرائيلي الخبيث، وتفوت الفرصة على الاحتلال وأعوانه قبل أن تنتقل شرارة الاقتتال إلى بقية المخيمات الفلسطينية في لبنان وغيرها من دول الطوق، وضرب المخيمات سيؤثر بشكل مباشر وسلبي في وحدة صف الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة.
ما لم تحققه دولة الاحتلال (إسرائيل) بجيشها وبتحالفاتها الوضيعة وبالصواريخ والفسفور الأبيض والقنابل العملاقة وكل الأسلحة المحرمة دوليا لن تحققه بسياسة "فرق تسد"، فالمقاومة في تصاعد، وصوت انتصارها سوف يطغى على كل محاولات العبث بالقضية الفلسطينية ووحدة شعبنا والتفافه حول خيار المقاومة.