فلسطين أون لاين

الهجرة ومحاولة حرف البوصلة

القضية الفلسطينية تمر بمرحلة حرجة وحساسة إلى أبعد حد، فالتطبيع العربي الإسرائيلي على أشده، والاستيطان ومحاولة تهويد القدس والمقدسات الإسلامية تسير على قدم وساق، والمؤامرة الدولية على اللاجئين الفلسطينيين مستمرة، وسكان الضفة الغربية وقطاع غزة يعانون أزمة اقتصادية مخطط لها ضمن التآمر على الشعب الفلسطيني، سواء بحصار قطاع غزة منذ سنوات طويلة أو بمنع الفلسطينيين من تطوير اقتصادهم أو بقطع المساعدات الدولية عنهم، والمراد إفقار الشعب الفلسطيني وإضعافه وإخضاعه للإملاءات الإسرائيلية والغربية.

من العجيب والغريب أن تترك كل هذه القضايا الخطيرة ويُسلط الضوء على بعض مخرجاتها ومن ذلك هجرة بعض الشباب من قطاع غزة وبعض حالات الانتحار، الأوضاع في قطاع غزة سيئة جدًّا ولا يمكن إنكار ذلك ولكن الضفة ليست سنغافورة، فالاحتلال الذي يحصار قطاع غزة ويتسبب في معاناة سكانه هو ذاته يضيق على سكان الضفة الغربية ويدخلهم في أزمات اقتصادية متلاحقة، ولذلك من المعيب والمخجل أن يسلط الضوء على مثل تلك الجزئيات مع تبرئة الاحتلال الإسرائيلي من جريمة الحصار و التضييق على قطاع غزة واتهام جهات فلسطينية تدير غزة بجرائم الاحتلال، وكذلك يتحدثون عن مأساة غزة وكأن الضفة الغربية خالية من حالات الانتحار أو خالية ممن يهاجرون أو يفكرون في الهجرة مع أن غزة والضفة الغربية يتشاركان في المعاناة وإن كانت غزة لها نصيب أكبر من العقوبات الإسرائيلية والغربية انتقامًا منها لأنها أذلت العدو ومرغت أنفه بالتراب ورفضت الاستسلام لشروطه، الضفة الغربية لم تتحول إلى جنة كما وعد الرئيس الأسبق جورج بوش، فالضفة تمر بأزمة اقتصادية والمعركة مستمرة بين النقابات وبين حكومة اشتيه، والمعركة بين الحكومة وبين نقابتي الأطباء والمعلمين دخلت مرحلة خطيرة تهدد صحة المواطنين وتهدد المسيرة التعليمية بأكملها، ولذلك أعجب من تلفزيون فلسطين الذي يخصص ساعات للحديث عن عمليات الهجرة وبعض حالات الانتحار في غزة ولا يأتي على ذكر ما يحدث في المشافي التي لا تبعد سوى مئات الأمتار عن مقره. 

اقرأ أيضًا: التطبيع: لماذا لا يُستفتى الشعب الفلسطيني؟

اقرأ أيضًا: ثلاثون عامًا من العار

حتى لا تنحرف البوصلة ولا ننجر إلى مربع جلد الذات والتوتير الداخلي أقول: إن مقابل التحديات والأخطار التي ذكرتها في بداية المقال هناك بشائر ودلائل تؤكد أن كل المؤامرات ضد قضيتنا وشعبنا ستندثر ويندثر أهلها، أقول ذلك وخاصة أن غزة وأحرار الوطن يحتفلون بذكرى انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، حيث بعد مرور 18 عامًا على فرار "إسرائيل" من قطاع غزة لم تستطع العودة إليها ولم تستطع كسر مقاومتها التي أطلقت مناورات الركن الشديد 4 على مرأى ومسمع دولة الاحتلال دون أن تحرك ساكنًا، فضلًا عما يعانيه الاحتلال في الضفة الغربية من جراء تصاعد المقاومة وافلاتها من قبضة الاحتلال وسيطرته وهذه مقدمة لاستكمال جيش الاحتلال فراره من أراضي الضفة الغربية وكبداية لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.