تمر هذه الأيام ذكرى توقيع اتفاقية التسوية بين الاحتلال ومنظمة التحرير، تنازلت بموجبه منظمة التحرير عن 78% من فلسطين التاريخية، والتفاوض على5, 6209 كيلومترات مربعة، وتمثل 22.95% من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27.009 كيلومتر مربع، واستمرت هذه المسيرة من التفاوض على مدار 30 عامًا، دفع فيها الشعب الفلسطيني ثمنًا غاليًا، استغله الاحتلال في تبييض صورته أمام العالم، عبر إنشاء كيان فلسطيني، يخضع له مباشرة، وأصبح تبعًا له أمنيًّا واقتصاديًّا.
ثلاثون عامًا من اتفاق أوسلو الذي جنى فيه الشعب الفلسطيني مزيدًا من الحصار والاستيطان الذي ابتلع الضفة الغربية، في ظل وجود سلطة شكلية، ترتبط بالاحتلال بالتنسيق الأمني، وتهويد القدس، وتحويلها لمستوطنة كبيرة لصالح الاحتلال، وتهويد المقدسات، ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل واصل محاصرة قطاع غزة، وعزل الفلسطينيين في الداخل المحتل، وعزلهم عن بعدهم الوطني.
على الرغم مما قدمته منظمة التحرير من تنازلات لصالح الاحتلال، إلا أنها لم تسلم من الحملات الإسرائيلية، التي استهدفت رئيسها الراحل ياسر عرفات، عندما فكر، وحاول أن يخرج عن الاتفاقيات مع الاحتلال، لكن لم يمهله الاحتلال كثيراً حتى تخلص منه سريعًا، وبمساعدة المقربين منه، وتعاونهم مع الاحتلال في عزله، واغتياله، وتنصيب آخرين، لديهم الاستعداد للتعاون مع الاحتلال، عبر سياسة التنسيق الأمني.
اقرأ أيضًا: الانتخابات الجامعية وإجماع على رفض أوسلو
اقرأ أيضًا: أوسلو يتناقض مع الاستقلال؟!
سجل ثلاثون عامًا من العار يتضمن مزيدًا من القتل والإرهاب والاستيطان وتهويد القدس والمسجد الأقصى، والسيطرة على الضفة الغربية، وعزل الداخل المحتل، بعد التخلي عنه.
في المقابل، لم يستسلم الشعب الفلسطيني، لمسيرة التسوية التي تقودها السلطة ومنظمة التحرير، بل قاوم بقوة، وقدم نموذجًا من التضحية والنضال، والفدائية العالية، في وجه مشاريع التسوية، وقاومها، وصولًا إلى امتلاك المقاومة قدرات غير مسبوقة في وجه الاحتلال في قطاع غزة، وانتقل ذلك إلى الضفة الغربية، وكعادة الشعب الفلسطيني، في رفض الخنوع والاستسلام، ومشاريع التسوية، يواصل تمسكه في أرضه ووطنه، وصولًا إلى ردع الاحتلال، بعد تحرير جزء من فلسطين التاريخية بقوة المقاومة، ونجاح مشروع المقاومة في حماية شعبنا.