ما زالت أعمال القمع التي مارستها شرطة الاحتلال ضد طالبي اللجوء الأريتريين في تل أبيب تلقي بظلالها السلبية على الواقع الإسرائيلي، وكشفت عن الواقع السلبي الذي يواجهه هؤلاء، ومعهم بقية الأفارقة من السودان وإثيوبيا وغيرهما من البلدان التي يصل مواطنوها إلى فلسطين المحتلة عبر الحدود المصرية.
يمكن الإشارة ابتداء إلى أنه بين عامي 2006 و2012، تسلل 35 ألفًا من الأريتريين إلى دولة الاحتلال عبر السودان ومصر، ومع الانتهاء من بناء السياج الأمني الإسرائيلي على حدود مصر أواخر 2012 توقفت هذه الظاهرة بشكل شبه كامل.
في الوقت ذاته، فإن التظاهرات التي شهدتها تل أبيب في الأيام الأخيرة عبرت عن محاولة يائسة من لاجئين ضعفاء يواجهون حالة من الاضطهاد متعدد الأوجه تقودها مراسيم حكومة يمينية فاشية عنصرية حتى خرجت الأمور عن السيطرة، عقب تهديدات أطلقها نتنياهو ووزراؤه بترحيلهم، وحالة من التحريض لا تتوقف، فضلًا عن سياسة طويلة الأمد من الإجراءات البيروقراطية لسلطات الاحتلال.
مع أن الإريتريين الذين يعيشون في فلسطين المحتلة بكونهم طالبي لجوء لا يحصلون على وضع اللاجئ لسنوات عديدة، وقد رفض الاحتلال فحص طلبات اللجوء المقدمة منهم، ما جعلهم يقيمون بموجب تأشيرة مؤقتة، وقد أصبحت في الواقع وضعاً دائماً، لكنهم يخضعون لقيود كثيرة، وقليل من الحماية، ولا يسمح لهم بقيادة السيارة على سبيل المثال.
اقرأ أيضًا: الإسرائيليون ينحدرون إلى قاع بلا نهاية
اقرأ أيضًا: تصاعد الدعوات الأمريكية لتقليص مساعدات الاحتلال
في الوقت ذاته، فإن سلطات الاحتلال تغض الطرف عن أنشطة عملاء النظام الحاكم في أريتريا لملاحقة طالبي اللجوء من معارضيه، ممن تلقوا تهديدات متكررة منه، وأرسلوا لهم رسائل هاتفية، وأخافوا أقاربهم، بل وهاجموهم عدة مرات بالسكاكين في جنوب تل أبيب، وبعد عدة تحقيقات صورية يتم إغلاق التحقيق في الشكوى، ما يجعل طالبي اللجوء يعيشون في خوف دائم، ويضطرون لتغيير أرقام الهواتف بشكل متكرر، وتجنب المرور في شوارع معينة، والحفاظ على سرية تحركاتهم، حتى لا يتعرضوا للأذى.
يصعب النظر لهذه الحوادث دون الأخذ بعين الاعتبار تلك العلاقات الوثيقة بين دولة الاحتلال والنظام الحاكم في أريتريا، ما يفسح المجال أمام عملائه للعمل لدى الأولى لملاحقة معارضيه.
هنا تجدر الإشارة إلى أنه بينما يفرض العالم كله تقريبًا حصارًا على إريتريا بسبب ما تفعله بمواطنيها من قمع واضطهاد، فإن دولة الاحتلال تبيع الأسلحة لها على نطاق واسع جدًا، ووصلت علاقتهما إلى مستويات متقدمة شملت إقامة علاقات أمنية، وقواعد عسكرية، ومحطات تنصت في البحر الأحمر لمراقبة النشاط البحري والجوي فيه، واستخدام الأقمار الصناعية، وعليه فإن لدى الاحتلال مصالح اقتصادية مع أسمرة تدفعه للسماح لعملاء نظامها بالعمل داخل فلسطين المحتلة لملاحقة معارضيه.