منذ مطلع شهر سبتمبر/ أيلول من هذه السنة 2023، سيكون راتب المعلم المبتدئ في إسرائيل 9000 شيكل، إضافة على مكافأة مالية تصل إلى 1100 شيكل شهرياً.
وسيحصل مدير المدرسة المبتدئ على راتب قدره 19000 شيكل، وسيكون من حق مديري المدارس صرف مكافأة مالية من 400 ـ 1000 شيكل شهرياً للمدرس المتميز والمبادر، ومن حق مدير المدرسة أن يعين خبيراً في مجال ما، تحتاج إليه المدرسة.
وعلى الرغم من كل هذه الامتيازات والتسهيلات المعيشية، أصدر رئيس منظمة المعلمين في المدارس فوق الابتدائية "ران إيرز" تعليمات إلى المعلمين في المدارس الثانوية تقضي بالاستمرار في إجراءات عرقلة العمل، وذلك بسبب عدم تحويل وزارة المالية الدفعة الأولى من العلاوة المالية، بمبلغ ثمانمائة شيكل للمعلمين ضمن رواتب الشهر الحالي، بحسب ما تم الاتفاق عليه قبيل افتتاح العام الدراسي الجديد.
الحكومة الإسرائيلية لم تعتقل أحداً من منظمة المعلمين، ولم تفصل أحداً، ولم تنقل أحداً من مكان عمله، ولم تهدد أحداً، إنه نزاع عمل قانوني.
اقرأ أيضًا: قم للمعلّم وفّهِ التبجيلَ
اقرأ أيضًا: يوم المعلم، بلا معلم؟!
فماذا عن فلسطين؟
دون الخوض في تفاصيل الرواتب، فإن راتب المعلم الفلسطيني لا يتجاوز ثلث راتب المعلم الإسرائيلي، وعندما تحرك المعلمون في الضفة الغربية مطالبين ببعض حقوقهم، كان الرد عليهم بتشويه سمعتهم، ونقلهم من مدارسهم، وفصل بعضهم من عمله، والالتفاف على مطالبهم، بل سعت الحكومة إلى تصنيع جسم نقابي ينطق باسم المعلمين، ليكون بديلاً لحراك المعلمين، في محاولة تهرب من تقديم أقل الواجب للمعلمين، وتوفير رغيف خبز لا تبلله المهانة.
حراك المعلمين في الضفة الغربية أعلن أمس الأربعاء، الموافق 6 أيلول/ سبتمبر الاعتصام أمام مديريات التربية والتعليم الرئيسة في كل محافظة بالضفة الغربية المحتلة؛ للانتصار للمنقولين والموقوفين عن العمل تعسفياً، ولإيصال الصوت الرافض للراتب المنقوص، وتجاهل جدولة المستحقات المالية المتأخرة ضمن جدول زمني محدد لكل الموظفين الحكوميين، وعلى رأسهم المعلمون.
لقد أدرك أعداؤنا أن الدولة تقوم على ظهر المعلم فأكرموه، وأراحوه في معيشته، ورفعوا مكانته في نظر أولياء الأمور، وعززوا شخصيته في نظر الطلاب، في الوقت الذي لم تدرك قيادتنا الفلسطينية قيمة المعلم، فأهملته، وأشقته في معيشته، وأهانت مكانته في نظر أولياء الأمور، وأضعفت شخصيته في نظر الطلاب.
وضمن مشهد المقارنة، لا بد من الإشارة إلى أن فاتورة المشتريات في إسرائيل لا تختلف كثيراً عن فاتورة المشتريات في الضفة الغربية، فالخبز والأرز والقمح والشاي والسكر والزيت واللحم والسمك والدجاج، ومعظم المأكولات لها سعر عالمي موحد، وكذلك الأدوات الكهربائية، وحاجات البيت الأساسية، بما في ذلك ثمن الكهرباء والمحروقات، وكلها تباع في تل أبيب بالسعر نفسه الذي تباع به في الضفة الغربية، إنها أسعار عالمية موحدة، يشتريها المعلم في تل أبيب بالسعر نفسه الذي يشتريها المعلم في الخليل ونابلس.
وقد يكون للمعلم في (إسرائيل) ولد واحد ينفق عليه، في حين للمعلم في الضفة الغربية وغزة من 4 ـ 7 أولاد، وقد يكون أكثر، وقد تكون زوجة المعلم في (إسرائيل) موظفة أو عاملة، تسهم في النفقة على البيت، في حين المعلم في الضفة الغربية وغزة حصل على الوظيفة بشق الأنفس.
وقد يكون الموظف في الضفة الغربية وغزة يعيل والده ووالدته، وقد يكون ملزماً بالإنفاق على أخته المطلقة وأولادها، وبعض فقراء الحارة، في حين المعلم في (إسرائيل) غير مسؤول إلا عن نفسه، والضمان الاجتماعي يتكفل بالمحتاج من أفراد الأسرة.
هذه المقارنة بين حال المعلم في (إسرائيل)، وحال المعلم في فلسطين، ترسم لنا صورة قاتمة لمستقبل الأجيال، إنها رسالة إلى كل المسؤولين تطالبهم بإعادة رسم السياسات والأولويات التي تضع المعلم في الصدارة المهنية والاجتماعية والمعيشية.