تترقب منى والدة الطفلة حبيبة عبد العال التي لم يتجاوز عمرها الأربعة أشهر، لحظة بلحظة خبراً يُعيد لها الأمل في إنقاض رضيعتها وتمكينها من السفر لتلقي العلاج في مستشفيات الداخل المحتل.
وكانت الرضيعة حبيبة تنقلت بين أسرّة المرض في مستشفيات قطاع غزة، منذ إبصارها نور الحياة، حيث بدأت شهرها الأول في حضانة مستشفى النصر للأطفال، ومن ثم خروجها لـ(إسرائيل)، وصولاً إلى مستشفى الرنتيسي.
وتعاني حبيبة التي ترقد حالياً على أحد أسرّة قسم أورام الأطفال في مستشفى الرنتيسي، من مرض نقص بروتين (c)، والذي أدى إلى تجلطات في الدم، وفق تشخيص الأطباء لحالتها المرضية.
وتفاقمت أوجاع حبيبة بعدما فقدت إحدى حبيبتيها (عينيها) نتيجة شدة تلك التجلطات، إضافة إلى حاجتها زراعة الكبد في تركيا، وفق ما روت والدتها.
وتوضح عبد العال لصحيفة "فلسطين"، أنه كان من المقرر أن تغادر حبيبة لتلقي العلاج في (إسرائيل)، لكنه تم إلغاء التحويلة قبل شهر تقريباً، دون معرفة الأسباب.
ولم تفقد والدة الرضيعة الأمل بتحويل ابنتها الوحيدة، للأراضي المحتلة، لتلقي العلاج اللازم لها، لا سيما في ظل الحديث عن اتمام المصالحة الفلسطينية، والتي من الممكن أن تؤثر ايجاباً على إمكانية تسهيل ملف التحويلات الطبية للخارج.
ودعت عبد العال، الجهات المختصة السماح لطفلتها بالخروج لتلقي العلاج في الخارج، معربة في الوقت ذاته عن أملها أن يتم ايجاد الحلول المناسبة لهؤلاء المرضى، والسماح لهم بتلقي العلاج في الخارج، وإنهاء معاناتهم.
وفي قسم الأورام الخاص بالرجال في مستشفى الرنتيسي، كان الطفل ضياء اللوح (14 عاماً) يرقد على أحد أسرة الانعاش.
ملامح الخوف واليأس بدت على ملامح الطفل اللوح، وعيناه تشكو قسوة حالته الصحية، التي حرمته طفولته.
لم يستطع الحديث كثيراً، واكتفى بقوله "بطني بوجعني كثير ومش عارف اتحرك منه".
ويحكي الخمسيني عبد الكريم اللوح عم الطفل ضياء، بحرقة عن طبيعة الحالة الصحية التي يعاني منها ابن أخيه، موضحاً أنه يعاني من أورام في الأمعاء وبعد إجراء الفحوصات اللازمة، تبيّن إصابته بالسرطان.
وتتضاعف حالة ضياء الذي أُصيب بالمرض منذ أكثر من شهر، حيث أُصيب بتضخم في الرقبة.
ويأمل اللوح، أن يخرج علاج لتلقي العلاج بالخارج، خاصة بعد الحديث عن المصالحة الفلسطينية.
وطالب الرجل الخمسيني عبر صحيفة "فلسطين" الجهات الحكومية المختصة، بضرورة النظر لحالة ابن اخيه، وعشرات المرضى من أمثاله، والسماح لهم بالسفر لتلقي العلاج بالخارج.
في الغرفة المجاورة يرقد الشاب رامي اللوح (34 عاماً) وهو أحد أقارب ضياء، حيث يعاني من مرض اللوكيميا (سرطان الدم)، منذ أكثر من شهر تقريباً.
ويروي اللوح الذي يقطن في المحافظة الوسطى لصحيفة "فلسطين"، أنه اكتشف إصابته بالمرض منذ أسبوع تقريباً، وتوجه إلى مستشفى الأقصى هناك، ومن ثم جرى تحويله إلى مجمع الشفاء الطبي، وصولا لمستشفى الرنتيسي.
ويحتاج اللوح وهو رب لأسرة مكونة من طفلين، إلى تحويلة علاجية طارئة لجمهورية مصر العربية، ولكنها لم تخرج حتى اللحظة.
ومع قرب اتمام المصالحة وانهاء الانقسام، فإن اللوح يأمل فتح معبر رفح وخروجه لتلقي العلاج في مصر، وعودته لأحضان أسرته.
من جانبه، يوضح مدير مستشفى الرنتيسي الدكتور محمد أبو سلمية أن المستشفى هي الوحيدة المتخصصة لعلاج مرضى الأورام والسرطان.
وقال أبو سلمية لصحيفة "فلسطين": إن 70% من المرضى يتلقون الخدمة من الرنتيسي، مشيراً إلى أن الأخيرة تعاني منذ حوالي 6 شهور، من نقص حاد في الأدوية وإعاقة التحويلات الطبية.
وبيّن أن المرضى يواجهون أيضاً سياسة المنع من الاحتلال الاسرائيلي، مؤكداً أن هذه الاجراءات تشكّل خطراً على حياة المرضى.
وذكر أن تأخير العلاج الكيماوي يؤثر سلباً على المرضى وإطالة شفائهم منه، لافتاً إلى ان مرضى الأورام لا يستطيعون تلقي الخدمة المتعلقة بالعلاج الاشعاعي والمسح الذري في غزة.
وأعرب عن أمله أن تمارس الحكومة دورها في القطاع، من أجل انقاذ حياة المرضى، لاسيما أن الوزارة تواجه الكثير من المشاكل.
وطالب أبو سلمية، الحكومة بوضع المشاكل الصحية على سلم أولوياتها، لإيجاد الحلول اللازمة لها، والضغط على الاحتلال للسماح بمرور المرضى المسافرين عبر معبر "إيرز".
تجدر الإشارة إلى أن أزمة التحويلات الطبية للمرضى التي بدأت فصولها منذ 6 شهور تقريباً، وأودت بحياة 30 مريضاً وفق توثيق وزارة الصحة في غزة.