فلسطين أون لاين

تقرير عايد القني.. الجندي المجهول لـ"عرين الأسود"

...
غزة/ أدهم الشريف:

جاء استشهاد الشاب عايد القني في انفجار عرضي في أثناء الإعداد والتجهيز، مساء الأربعاء الماضي، مفاجئًا لعائلته ولكل من عرفه، فقد حافظ على سرية عمله في مجموعات "عرين الأسود".

وكان "القني" (30 عامًا) يعمل في صناعة العبوات المتفجرة عندما انفجرت إحداها به مباشرة داخل منزله في بلدة كفر قليل، جنوب نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وبحسب مصدر عائلي تحدث لصحيفة "فلسطين" فضَّل إخفاء هويته، فإن الانفجار ألحق أضرارًا فادحة بجسد القني، في مشهد لم يتوقعه أحد من أفراد العائلة التي عانت ويلات الاحتلال ولم يفارقها شعور الفقد والحرمان لبعض أفرادها منذ عشرات السنين.

ولد القني عام 1993 لعائلة اعتادت على المحن بسبب انتهاكات الاحتلال وجرائمه المتكررة بحقها.

كان والده الأسير المحرر عادل القني (63 عامًا) مطاردًا للاحتلال قبل أن يُعتقل 20 سنة على مرتين.

أما أحمد القني، وهو شقيق الشهيد، فهو أيضًا لم يسلم من ملاحقة الاحتلال وانتهت بأسره 12 سنة (2006-2018) بسبب انتمائه ونشاطه في كتائب شهداء الأقصى وقيادته خلايا عسكرية لها.

وما زال أحمد قيد الأسر منذ اعتقاله في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وحكم الاحتلال عليه يوم 10 أغسطس/ آب الماضي، بالسجن 40 شهرًا، بتهمة الانتماء لـ"عرين الأسود" أيضًا.

أما والدتهم، عايدة منصور، فتوفيت قبل 10 سنوات بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان، عندما كان زوجها وابنها أحمد في غياهب سجون الاحتلال.

ووالدها الفدائي حسين منصور فهو أيضًا توفي في انفجار عرضي عام 1976، ولحق به نجله علي في شهر رمضان منتصف سبعينيات القرن الماضي، وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، استشهد شقيقه عرفات، وفق المصدر العائلي.

وقد خلقت هذه الظروف المحيطة من عايد القني رجلًا تربى في بيئة اجتماعية صعبة، يحفها الألم والمعاناة والحرمان من كل جانب، خلقت منه مقاومًا عنيدًا جريئًا لا يخشى جنود الاحتلال المدججين بالأسلحة ومستوطنيه أيضًا.

وقال المصدر: "كان معروفًا (عايد القني) في البلدة بجرأته العالية وعناده وإصراراه المستمر على المواجهة. إذ إنه لم يدَع دورية لجيش الاحتلال أو اقتحام إلا وكان في مقدمة المشاركين في التصدي له".

اقرأ المزيد: تقرير| "عرين الأسود".. صمود وتطور بالرغم من الاستهداف المزدوج

وأضاف: بدأ القني في مواجهة الاحتلال في سن مبكرة منذ طفولته باستخدام الحجارة، ثم لجأ إلى استخدام العبوات الحارقة "مولوتوف" إلى أن أصبح قادرًا على صنع عبوات صوتية تعرف بـ"الكوع"، وأخيرًا شارك في صناعة عبوات ناسفة.

وتعيش بلدة كفر كنا تحت ضغط رهيب تفرضه انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، إذ يقع جنوبها حاجز حوارة ومعسكر لجيش الاحتلال، أما في المنطقة الغربية منها تقع مستوطنة "براخا" ومعسكر للجيش أيضًا يشرف على المدينة.

ويجعل هذا الأمر الاحتكاك بين جنود الاحتلال والمستوطنين من جهة والمواطنين الفلسطينيين في كفر قليل مستمرًا ويكاد لا يتوقف، ويرافق ذلك اندلاع مواجهات يلجأ خلالها جنود الجيش إلى قمع المشاركين بعنف شديد ينتج عنه شهداء وإصابات خطيرة.

وتابع المصدر العائلي: كان الجميع يتوقع سماع نبأ استشهاده (عايد القني) في أي لحظة، لكن قدر الله شاء أن يمضي في الإعداد والتجهيز.

وكانت قوات معززة من جيش الاحتلال اقتحمت منزل عائلة الشهيد، وفق ما أفاد به لـ"فلسطين"، الزميل الصحفي نواف العامر من بلدة كفر قليل، وأجرت عمليات تفتيش فيه بعد استشهاده.

وذكر أن جيش الاحتلال كان قد دمر منزل عائلة الشهيد القني بكفر قليل في 2002، حين كان والده وشقيقه مطاردَين.

وبيّن أن عدد سكان بلدة كفر قليل يتجاوز 4 آلاف نسمة وتتجاوز مساحتها 4400 دونم، بحسب العامر، وتحظى بتاريخ عريق منذ عهد الكنعانيين، ويعني اسمها باللغة السريانية "القلعة القديمة"، أو "جبل البركة".

وأشار إلى أن جبل جرزيم في نابلس جزء من أراضي بلدة كفر قليل، ويقع على سفوحه مقام الشيخ غانم الدين المقدسي أحد القادة العسكريين لصلاح الدين الأيوبي، وإلى جواره مقامات أحفاده، وقد تم ترميمه في 1964 على يد أوقاف نابلس، واستخدم قديمًا نقطة للمراسلة والمراقبة بسبب علو مكانه.

المصدر / فلسطين أون لاين