أطلق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس ورئيس إقليم الضفة الغربية الشيخ صالح العاروري تصريحات لقناتي الأقصى والميادين تحمل معها الكثير من الرسائل، يجيب المقال على التساؤلات التالية: من هو الشيخ صالح العاروري؟ وما هي أبرز الرسائل التي تضمنها اللقاء الإعلامي؟ وما هي سيناريوهات المشهد في حال اغتياله؟
أولًا: الشيخ صالح العاروري في أسطر
صالح محمد سليمان العاروري، من مواليد عام 1966م في قرية عارورة قضاء رام الله، يشغل منصب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وساهم بتأسيس الجناح العسكري لحماس في الضفة، اعتقل وقضى نحو 18 عامًا في سجون الاحتلال، ثم أبعد عن فلسطين، وكان أحد أعضاء الفريق المفاوض لإتمام صفقة وفاء الأحرار التي بموجبها أفرجت المقاومة الفلسطينية مقابل الجندي جلعاد شاليط عن أكثر من ألف أسير فلسطيني.
في الأسابيع الأخيرة بدأ الإعلام الإسرائيلي حملة موجّهة تستهدف الشيخ صالح العاروري لاسيما بعد حادثة قصف الجليل الأعلى من لبنان، وبدأ الترويج لفكرة اغتياله، ما دفع سماحة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بإطلاق تهديده الشهير بأن أي مساس بأي لبناني أو غير لبناني مقيم في لبنان سنقطع يده، في إشارة إلى (إسرائيل).
الشيخ صالح مهندس بارع، يسجل له براءات اختراع وطنية مختلفة، فهو مهندس اتفاق اسطنبول بينه وبين اللواء جبريل الرجوب، وهو اتفاق يصلح لو نفذ، لأحدَث اختراقًا في ملف المصالحة الفلسطينية عبر عملية ديمقراطية تعيد إحياء مؤسسات النظام السياسي المختلفة، وقد تعود له الفصائل بأي مرحلة زمنية لكونه يمثل مخرجًا مهمًا لمعضلة الانقسام.
اقرأ أيضًا: الشيخ صالح العاروري قائد وقاهر
اقرأ أيضًا: مقاومة شعب لا فرد
الشيخ صالح عزز نظرية العمل الفردي المقاوم في إدارة المشهد بالضفة الغربية، وعمل بها بشكل لافت عبر تعزيز فكرة الذئاب المنفردة، عبر رؤية متكاملة ساهمت بعد ذلك في تحقيق بيئة موحدة في الميدان تحتضن المقاومة، وتنطلق بعيدًا عن الأطر الحزبية، التي تصعب على الشاباك وشعبة الاستخبارات من تعقب المقاومة.
الشيخ صالح مهندس في الفكر السياسي له رؤية ثاقبة وكاريزما غير عادية، وصاحب نصيحة الصبر الإستراتيجي للغزيين التي تنطلق من قناعته بأهمية استعادة الضفة المحتلة لعناصِر قوتها في ظل السرطان الاستيطاني الذي بات ينتشر في جسد الضفة الغربية ويلتهم مدنها وقراها وريفها.
الشيخ صالح مهندس نظرية التواضع التي يرغب شعبنا بأن يلمسها لدى المكون القيادي، بحيث يجده الجميع حاضرًا عند كل سؤال أو مناشدة تصله ويمتلك الإجابة أو الحل.
ثانيًا: الرسائل التي تضمنها اللقاء الاعلامي.
في تقديري أن أهم ثلاث رسائل في حديث صالح العاروري المفعم باللغة الوحدوية الوطنية والمُستشرف لمآلات الأمور واتجاهاتها هي:
1.الملف الداخلي الفلسطيني (المصالحة–المقاومة):
أهم ما ذكره الشيخ صالح أن حماس على قناعة بأهمية وجود ديمقراطية فلسطينية تؤسس لبناء مؤسسات تمثيلية للشعب الفلسطيني ونظامه السياسي تشمل مجلسًا تشريعيًا ووطنيًا ورئيسًا منتخبًا.
لا يختلف اثنان على أهمية طرح العاروري انطلاقًا من التجربة السابقة التي تأسست فيها حكومة وفاق وطني برئاسة رامي الحمد الله وفشلت فشلًا ذريعًا في توحيد المؤسسات.
أمّا المقاومة حيث أكد العاروري مسألة مهمة متمثلة في زيادة قناعة الشعب الفلسطيني وارتباطه بالمقاومة كنتيجة طبيعية للاحتلال وسلوكياته على الأرض ومخططاته التهويدية والتوسعيّة.
2.الحرب الشاملة مع الاحتلال الصهيوني.
تكررت عبارة الحرب الشاملة عبر لقاءاته أكثر من مرة وربطها بأنها محور الحديث بالغرف المغلقة، والحرب الشاملة هنا ستكون نتيجة لما يمكن أن تذهب له هذه الحكومة الفاشية برئاسة نتنياهو، سواء بحسم الصراع في الضفة أو المساس بالمسجد الأقصى، أو بالعدوان المستمر على شعبنا واغتيال القادة أحد أشكاله، كلها تؤسس للحرب الشاملة التي اقتربت ويتكبد الاحتلال هزيمة نكراء بها.
أتوافق مع الشيخ صالح أن إرهاصات الحرب الشاملة تلوح بالأفق، وكل ما تقوم به (إسرائيل) يؤسس لذلك، سلوكيات الاحتلال تفجّر الأوضاع، وانسداد الأفق السياسي سيدفع بالسلطة الفلسطينية لتغيير وظيفتها أو حل نفسها، وهو ما يرجح فكرة المقاومة بكل أشكالها في الضفة الغربية.
3.العلاقات الخارجية لحركة حماس.
أهم ما جاء في هذا المحور حسم الجدل حول المنحة القطرية وموقف قطر الإيجابي من فلسطين وقطاع غزة، وأيضًا تناوله بإيجابية عن السعودية وفرص عودة العلاقة معها، وأكد علاقة حماس بمحور المقاومة.
حديث العاروري عن عدم تغير المنحة القطرية صحيح، وقد سمعته من أحد القادة المطلعين على الملف، وأن ما تقوم به قطر التحكم بأولويات الصرف، وإن كان من كلمة بهذا السياق موجهة للخارجية القطرية وإلى سعادة السفير محمد العمادي تتمثل في تثبيت منحة الموظفين الذين يقدمون الخدمات للمواطنين بـ 7 مليون دولار، بل الأصل زيادتها لتصل إلى عشرة ملايين دولار.
ثالثًا: سيناريوهات المشهد في حالة اغتيال الشيخ صالح العاروري.
السيناريو المرجح وبنسبة كبيرة في حالة اغتيال الشيخ صالح أو أي من القيادات الفلسطينية هو رد فعل من أكثر من جبهة (لبنان–غزة–الضفة الغربية) على دولة الاحتلال، وهو ما يعزز من فرضية الحرب الشاملة التي لمح بها الشيخ صالح وكأنه يقرأ المشهد وسيناريوهاته إذا ارتكبت (إسرائيل) حماقة كبرى بحق الشيخ صالح أو أي قائد وطني.