فلسطين أون لاين

"الاحتواء" المفضل لدى الاحتلال على "التصعيد"

مع مرور الوقت تتحول الضفة الغربية إلى صداع مزمن للاحتلال، مع تصاعد عمليات المقاومة من جهة، وانفلات عقال قطعان المستوطنين باتجاه الفلسطينيين، ما يعني أن هذه المنطقة ذاهبة نحو مزيد من الاشتعال، على الرغم مما تبذله المؤسسة العسكرية للاحتلال من جهود بضرورة "احتواء" الموجة السائدة من التوتر، في ظل تحديات أخرى تحيط بالاحتلال من جبهات أخرى أكثر خطورة وقابلية للتصعيد.

اللافت هنا أن حكومة اليمين ومؤيديها من عصابات المستوطنين لا يتورّعون عن اتهام الجيش والأجهزة الأمنية بأن يدهم غير ضاغطة على الزناد بما يكفي لوقف موجة العمليات الجارية، وهم بذلك يستخدمون ماكنتهم الدعائية لتوجيه مزيد من الاتهامات للجيش الذي يوفر لهم الحماية في اعتداءاتهم على الفلسطينيين، كما حصل في بلدتي حوارة وترمسعيا وغيرهما، وقد نجح هؤلاء المستوطنون في حشد انتقادات واسعة النطاق، بما في ذلك من شخصيات سياسية رفيعة المستوى ضد تعليمات إطلاق النار التي يستخدمها الجيش حاليًّا، بزعم أنها غير كافية. 

اقرأ أيضًا: تطور المقاومة في الضفة الغربية

اقرأ أيضًا: عمليات الداخل الفلسطيني.. جمر تحت الرماد

يسعى المستوطنون، وممثلوهم في الحكومة والكنيست، وبكل ما أوتوا من جهد، لزيادة الضغط على الجيش لتنفيذ سياسة أكثر عنفاً وقسوة باتجاه الفلسطينيين، ورفض ما يعتبرونه سياسة "الاحتواء والطيّ"، وتجميع المزيد من الشهادات الميدانية للجنود العاملين في الضفة الغربية، التي تثبت صحّة مزاعمهم، من خلال توثيق التعليمات التي يتلقونها من قادتهم الذين لا يخفون توجههم لعمل كل ما من شأنه تجنّب وقوع إصابات في الجانبين، خشية تصعيد الوضع الأمني في الضفة الغربية.

مع العلم أن هناك عددًا لا بأس به من جنود وضباط الاحتلال العاملين في الأراضي المحتلة يعتقدون بصوابية هذه السياسة، لأن من شأنها إنهاء حوادث التوتر والتصعيد، وإنهائها بعدد قليل من الخسائر في الجانبين، وفي المقابل فإن السياسة التصعيدية العنيفة التي يدعو المستوطنون لتبنّيها وتنفيذها من شأنها الذهاب إلى مزيد من التصعيد، وحين تبدأ الأحداث بعدد قليل من رماة الحجارة، فإن دعوات المستوطنين بتصعيد التعامل معهم من شأنه أن يزيد عدد المتظاهرين إلى العشرات، وأحياناً أكثر. 

اللافت أن دعوات المستوطنين هذه قد تظهر جيش الاحتلال الذي ينفذ جرائم حرب منتظمة ضد الشعب الفلسطيني، وكأنه حريص على دماء أبنائه، لكن العكس هو الصحيح، فهو لا يتورع عن قتل الأطفال والنساء والمدنيين على مدار الساعة، إلا أن السياسة الحكومية الرسمية الحالية تذهب باتجاه تسكين الأوضاع المتوترة، والتفرغ لجبهات أخرى، ليس حبًّا في الفلسطينيين، ولكن خشية من تزايد التوتر معهم، واتباع سياسة أكثر خطورة على المدى البعيد من سياسة انفعالية خاضعة لرغبات المستوطنين الآنية.